الباب الثامن والعشرون
في سبب رذيلة الإنسان وتأخره عن الفضيلة
سبب تأخر الإنسان عن الفضيلة لا تخلو من أوجه: إما أن تكون نقصًا في أصل خلقته وعجزًا مركبًا في جبلته يتقاعد به عن تحصيل القوة وجمع الآلة التي يتوصل بها إلى السعادة كمن تضعف نحيزته، أو لا يفضل عن طلب معايشه الضرورية في وقته، أو لا يجد هاديًا يرشده، فمن كان كذلك فمعذور لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) وأما أنه غير عاجز عن ذلك لكن لم يساعده على بلوغه عمره فذلك قد وقع أجره على الله لما قال الله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) . وأما أن يتفق له مُرَبٍ ومعلم مُضلٌ فيضله عن الطريق، وهذا إن لم يتمكن من الاهتداء بمن يرشده ويسدده يكون معذورًا، والإثم فيما يرتكبه لمن قد أضله لا له كما قال الله تعالى في المضلين: (ليحملوا