تفسير العثيمين: النساء
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
نصب، والهاء للتنبيه، والناس: نعت لـ "أي"، أو عطف بيان، فهي مبنية على الضم في محل نصب.
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ وجّه الله الخطاب للناس، مع أن السورة مدنية؛ وذلك لبيان أن رسالة النبي ﷺ عامة لجميع الناس، و﴿النَّاسُ﴾ قيل: إن أصلها أناس، وقد حذفت الهمزة لكثرة الإستعمال تخفيفًا، كما حذفت الهمزة من "شر" و"خير"، وأصلها: أشر وأخير، تقول: هذا خير من هذا؛ أي: أخير منه، وهذا شر من هذا؛ أي: أشر منه، لكن حذفت الهمزة تخفيفًا لكثرة الإستعمال.
وهو مشتق من الأُنس؛ لأن البشر كما يقال عنهم: مدنيون بالطبع، يحتاجون إلى أن يأنس بعضهم ببعض، ولهذا لا يوجد أحد تحبب إليه الخلوة إلا لسبب خارج عما جبل الله عليه الناس.
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ التقوى مأخوذة من الوقاية، وهي أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله، بفعل أوامره واجتناب نواهيه، والرب في قوله: ﴿رَبَّكُم﴾ هو الخالق المالك المدبر، فهو متضمن لهذه المعاني الثلاثة: خالق؛ أي: موجد من العلم، ومالك؛ أي: لا يشركه أحد في ملكه، ومدبر؛ أي: للأمور على ما تقتضيه حكمته.
﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ الذي: صفة للرب، ولكنها صفة كاشفة، ومعنى قولنا: (كاشفة)؛ أي: موضحة لهذه الربوبية أو لبعض معانيها، واحترزنا بكلمة (كاشفة) عن كونها مقيدة؛ لأننا لو جعلناها مقيدة، لكان هناك ربان: رب خلقنا من نفس واحدة، ورب لم يخلقنا من نفس واحدة، وليس الأمر كذلك، بل الذي
1 / 12