تفسير العثيمين: النساء
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
مصدر عاملها محذوف، وقد يقال: إنها مصدر نابت عن عاملها، والتقدير على الأول: فرضنا ذلك فريضة، وعلى الثاني نجعل ﴿فَرِيضَةً﴾ هي نفسها العامل، ولا تحتاج إلى عامل ينصبها، فتكون تأكيدًا لما سبق، ويسمى هذا: المصدر المؤكد للجملة التي قبله، ولا يحتاج إلى عامل، قال ابن مالك: كأنت ابني حقًا.
فكلمة "حقًا" ليس لها عامل، لكنها تؤكد الجملة التي سبقتها.
وهذه أيضًا ليس لها عامل، لكن لما قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ إلى قوله: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ﴾ وقسم وقدر، صار هذا المصدر مؤكدًا للجملة التي قبله.
وقوله: ﴿فَرِيضَةً﴾ الفرض في اللغة: الحز والقطع، يقال مثلًا: فرض اللحم؛ أي: حزه، وفرض العصا: قطعها، وفي الشرع: ما ألزم به الشارع، ولا فرق على القول الصحيح بين ما ثبت بدليل ظني، وبين ما ثبت بدليل قطعي، وقد قال بعض العلماء: ما ثبت بدليل قطعي فهو فرض، وما ثبت بدليل ظني فهو واجب، والصحيح أنه لا فرق، فما دام أنه قد ثبت الإلزام به، فسمه فرضًا أو سمه واجبًا.
وقوله: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ أي: صادرة منه لا من غيره، فلم يقم بفرضها ملك مقرب ولا نبي مرسل، بل الله وحده هو الذي تولى فرضها.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أي: كان عليمًا بمن يستحق، وبمقدار ما يستحق، وحكيمًا في وضع الحق في أهله، كمًا وكيفًا، فهو ﷿ له العلم التام، وله الحكمة
1 / 79