تفسير العثيمين: النساء
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
فهو كقوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]، والذي خلقه هو الله ﷿.
* * *
* قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٨)﴾ [النساء: ٨].
الذي يظهر لي - والعلم عند الله - من هذه الآية والتي قبلها: أن الناس فيما سبق كانوا إذا أرادوا قسم مال الميت، فإنهم يقسمونه علنًا ظاهرًا، سواء كان ظاهرًا للناس عمومًا، أو ظاهرًا لمن حولهم، لقوله: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾ ﴿الْقِسْمَةَ﴾: مفعول مقدم، و﴿أُولُو﴾: فاعل مؤخر، ورفع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون منه للإضافة، ﴿وَالْيَتَامَى﴾ معطوف على أولو، وكذلك ﴿وَالْمَسَاكِينُ﴾، وقوله: ﴿فَارْزُقُوهُمْ﴾ الجملة جواب الشرط وهو "إذا"، واقترنت الفاء بها لأنها طلبية، والجواب الذي يقترن بالفاء سبعة أنواع، جمعت في بيت من الشعر:
اسمية طلبية وبجامد ... وبما وقد ولن وبالتنفيس
قوله: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ أي: قسمة المال الموروث ﴿أُولُو الْقُرْبَى﴾ أي: أصحاب القرابة الذين لا يرثون؛ لأن الذين يرثون لهم نصيب من هذا المقسوم، والقربى هنا بمعنى القرابة.
وقوله: ﴿وَالْيَتَامَى﴾ جمع يتيم، وهو من مات أبوه قبل بلوغه، سواء كان ذكرًا أو أنثى.
وقوله: ﴿وَالْمَسَاكِينُ﴾ هم الفقراء، وسموا مساكين لأن الفقر
1 / 53