تفسير العثيمين: النساء
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
لوظيفتها؛ لأن الوظيفة تحصيل للمال، إذًا: المرأة تطيب للرجل بأحد هذه الأوصاف الأربعة، وهذه أوصاف أغلبية، وإلا فقد تنكح المرأة لا لهذه الأوصاف، بل لأسباب أخرى، لكن هذا هو الغالب.
و﴿مِنَ﴾ في قوله: ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾ يسميها العلماء بيانية؛ لأنها جاءت بعد اسم مبهم وهو الإسم الموصول، فتكون مبينة لهذا المبهم، وكلما جاءت "من" بعد أسماء الشرط أو الأسماء الموصولة؛ فهي بيانية؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٧]، وكذلك هنا.
وقوله: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ بيان لما في قوله: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾؛ أي: انكحوا الذي يطيب لكم من النساء، ويجوز أن يكون متعلقًا بـ "انكحوا" أي: انكحوا من النساء ما طاب لكم، لكن الأول أقرب.
وقوله: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ يقول النحويون: إن هذه الكلمات لا تنصرف، والمانع لها من الصرف الوصفية والعدل؛ لأن معنى ﴿مَثْنَى﴾: اثنتين اثنتين، ﴿وَثُلَاثَ﴾: ثلاثًا ثلاثًا، ﴿وَرُبَاعَ﴾: أربعًا أربعًا، فالمانع لها من الصرف الوصفية والعدل، وعلى هذا نقول: ﴿مَثْنَى﴾ حال من النساء؛ أي: حال كونهن مثنى وثلاث ورباع؛ أي: انكحوا على اثنتين اثنتين، أو على ثلاث ثلاث، أو على أربع أربع، وليس المعنى: انكحوا اثنتين وثلاثًا وأربعًا، خلافًا لمن زعم ذلك، وقال: إن الآية تدل على جواز نكاح التسع؛ لأن اثنتين وثلاث: خمس، ورباع: أربع، فالجميع تسع، وهذا بعيد من هذا الأسلوب في اللغة العربية، فإن هذا الأسلوب للتقسيم، والمعنى: منكم من ينكح اثنتين اثنتين، ومنكم من ينكح ثلاثًا ثلاثًا، ومنكم من ينكح أربعًا أربعًا؛ لأن الخطاب
1 / 28