239

تفسير العثيمين: النساء

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

٤ - كمال هذه الأمة وشريعتها، لقوله: ﴿وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، فما من خير كانت عليه الأمم إلا ولهذه الأمة منه نصيب، وقد مثل النبي ﵊ نفسه مع الأنبياء قبل بقصر مشيد، يعجب الناظرين، إلا أنهم إذا طافوا به قالوا: هذا القصر كامل إلا موضع هذه اللبنة، قال: "فأنا اللبنة، وأنا خاتم الأنبياء" (^١)، تمم الله به مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، فكمل القصر - به ﵊.
ويدل لذلك أيضًا قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] فقال: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، إشادةً بهذه الأمة وأنها كملت فيها الفضائل التي لغيرها، وتسلية لها أيضًا؛ أي: لا تظنوا أن تكليفنا إياكم الصيام خاص بكم، بل لكم ولغيركم.
٥ - أن الله ﷿ يحب التوابين، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، ويتفرع على هذا: غاية الكرم من الله ﷿، ووجهه: أن التوبة يعود نفعها علينا لا عليه، وهو يحبها لمصلحتنا، وقد ثبت عن النبي ﵊: "أن الله يفرح بتوبة عبده، كما يفرح الرجل الذي أضل ناقته في أرض فلاة، فطلبها فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت قد أيس من الحياة فإذا بخطام ناقته فأخذ به

(^١) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين ﷺ، حديث رقم (٣٣٤٢)؛ ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه ﷺ خاتم النبيين، حديث رقم (٢٢٨٦) عن أبي هريرة.

1 / 243