تفسير العثيمين: النساء
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
والمراد بالفاحشة هنا الزنا، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ [الإسراء: ٣٢]، وعلى هذا فتكون "أل" للعهد الذهني؛ لأنه لم يذكر، لكنه معروف شرعًا، وإنما قررنا ذلك لرد قول من يقول - كأبي مسلم الخراساني -: إن المراد بها السحاق بين النساء. وهذا بعيد عن الصواب، ولم يذهب إليه أحد من الصحابة والتابعين فيما نعلم، والصواب أن المراد بها الزنا.
وقوله: ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ المراد به الجنس؛ أي: من جنس النساء، سواء كانت من الزوجات أو من غير الزوجات. ﴿ومِنْ﴾ في قوله: ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ بيان للموصول في قوله: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ أي: اطلبوا شهادة أربعة، وقوله: ﴿أَرْبَعَةً﴾ عدد يدل على أن المعدود مذكر؛ لأن العدد المؤنث يكون معدوده مذكرًا فيما دون العشرة، فتقول: تسعة رجال، وتسع نساء.
وقوله: ﴿أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ الخطاب للمسلمين؛ لأن من شرط الشهادة - ولا سيما في هذا الأمر العظيم - أن يكون الشاهد مسلمًا.
قوله: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا﴾ أي: على فعل الفاحشة ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ والخطاب هنا في قوله: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ عام، والذي يقصد به ولي الأمر؛ إما الخاص، وإما العام.
وقوله: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ﴾ جمع بيت؛ أي: أمسكوها
1 / 124