ثم قال: الأمر الأول: إني لست أدعي أن صاحب ((الإتحاف)) معصوم، لا يقع منه غلط خطأ أو نسيانا، فهذا خصيصة رب العالمين، وكل بني آدم خطاء والتوابون خير الخطائين، وجحد آدم؛ فحجدت ذريته، ونسي آدم؛ فأكل من الشجرة فنسيت ذريته، وخطأ آدم وخطأت ذريته، وأول ناس أول الناس، والإنسان يساوق السهو والنسيان، فصدور الغلط خطأ أو نسيانا، غير بعيد عن البشر أيا ما كان نبيا كان أو رسولا، صحابيا أو تابعيا، صديقا أو محدثا، صالحا أو مجتهدا.
ولكن غرضي أن أغلاطه إن تثبت كونها أغلاطا، ليست من جنس أغلاط الطلبة والقاصرين، ممن بضاعتهم في العلم مزجاة، بل من جنس السهوات المنسوبة إلى المهرة الكاملين البالغين في العلم أقصى الدرجات، وهي التي تعتري غالب المؤلفين:
تارة من قبل النسخ.
وتارة من قبل الطبع.
وأخرى من جهة عدم النظر الثاني.
ومرة من جهة أخرى، فكما أن تأليفاتهم مع ذلك ليست مما لا ينتفع به، فيترك ويهجر، فكذلك حال تأليفات السيد الشريف، حذوا بحذو، وسواء بسواء، من غير أن يجحد وينكر.
أقول: ها هنا كلام من وجوه تبين لك أن هذه النصرة لك من ناصرك غير مقبولة، ومصونة، بل عن سنن التدين معدولة ومغبونة(1) عند أرباب الإنصاف.
وإن في سياقها ما يستنكف عنه عقل العالم، بل العالم أشد الاستنكاف:
صفحة ٨٣