463

تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد

تصانيف

الفقه

وإنما منصبك أن تسأل أهل الذكر ، وتستفيد من دفاتر المميزين بين اللباب والقشر، وتلزم على نفسك حضور مجالس الفضلاء، والتحصيل من مآنس النبلاء، وتسكت عما لا تعلم، وتصمت عما لا تفهم.

وما أحسن قول صالح اللخمي:

تعلم إذا ما كنت لست بعالم

فما العلم إلا عند أهل التعلم

تعلم فإن العلم أزين للفتى

من الحلة الحسناء عند التكلم

ولا تظن أن في تأليفك من غير مهارة نفعا للخليقة، بل تيقن أن فيه ضررا موصلا إلى الضلالة العميقة، وإن كان عالما موصوفا بالفضل، وعاقلا موسوما بالكامل، يقال له: لم ترتكب أمرا محرما، وتترك منصبا معظما، وتجترئ على جمع الرطب واليابس، كجمع النائم والناعس، ولا تبالي بالانتحال عن ((الكشف))، وإن كان مخالفا لما اجتمعت عليه كلمات أرباب الشرف.

أما قرع سمعك أن العالم مسؤول عما يكتبه قلمه، ومؤاخذ بما ترك التثبت قدمه.

أما سمعت أنهم حجروا(1) على جامع اليابس والرطب، كملتقط الخرق(2) والحطب، وحرموا عليه تأليفه إذا كان عاريا عن التنقيح، وأفتوا بأن تصنيفه ليس بلائق لأن يلتفت إليه أرباب الرأي النجيح.

صفحة ٤٩١