422

تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد

تصانيف

الفقه

وقد اكتفيت على هذا القدر من الأقوال هربا عن التطويل المورث إلى الإملال، وإلا فإني بحمد الله ذي الجلال، قادر على أن أقيم من الدلائل على أنه قول باطل بلا اعتلال، أزيد من الآف من غير إعضال.

ويكفيك في بطلان ما انتحلته قول الجزري بنفسه في آخر ((حصنه)): قال كاتبه محمد بن محمد الجزري لطف الله به غربته ، وأخذ بيده في شدته : فرغت من ترصيف هذا ((الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين)) يوم الأحد بعد الظهر، الثاني والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة إحدى وتسعين وسبعمئة، بمدرستي التي أنشأتها برأس عقبة الكتان داخل دمشق المحروسة... إلخ(1).

فياللعجب؛ من عالم يعد نفسه من الفضلاء، ويدرج اسمه في الكملاء، ويدعي مهارته في الفنون التاريخية، وممارسته بالكتب النقلية، ويرتضي بتلقيبه بمجدد الملة على رأس هذه المئة، يقلد صاحب ((كشف الظنون)) في أمثال هذه المواضع، ويصر على ما كسبه ويحيله عليه ظنا أنه له نافع، ولا يشعر بأن مثل هذا التقليد في مثل هذا الفاسد، لا يليق إلا بالعاند المعاند، ولا ينجو أحد من الجهلاء والنبلاء بمثل هذا الأخذ الكاسد، بل يكون كل من التابع والمتبوع مطعونا، وبوبال ما كتبه مرهونا.

ولتنشد ما أنشده الحريري في المقامة الحادية عشر من ((مقاماته)):

أيا من يدعي الفهم

إلى كم أخا الوهم

تعبي الذنب والذم

وتخطى الخطأ الجم

أما بان لك العيب

أما أنذرك الشيب

وما في نصحه ريب

صفحة ٤٥٠