وكون الناقل غير ملتزم الصحة ليس معناه أنه ينقل ما يجد من غير فهم، وينتحل ما يجد من غير علم.
ولا يدرك بطلان ما ظهر بطلانه.
ولا يشعر بطغيان ما اشتهر طغيانه.
ولا يتأمل في معاني العبارات.
ولا يستأهل لإدراك ما خالف القطعيات.
ولا يميز(1)بين البديهي وبين الكسبي.
ولا يبالي تقليد من سبقه وإن كان غلطا قطعا، وشططا جدعا.
ولا يمسك عن كتابة ما كتبه من قبله، وإن كان تسامحا مبينا، وتساهلا متينا.
ولا يحفظ ما خزن في صدره عند كتابته، بل يجعله هجرا مهجورا، وهباء منثورا، فيكتب ما يمر بصره عليه، وإن كان مخالفا لما قان صدره عليه، ولا يقدر على إقامة الدليل، ولا على إدراك المريض من العليل.
فإن مثل هذا لا يعده الأفاضل من الأماثل، وإنما معناه أنه غير ملتزم لكون منقوله صحيحا، ولا يبالي بكونه سقيما، ويبرئ عهدته بتقليده، وينزه ذمته بتحويله.
وهذا وإن كان أيضا وصفا قبيحا وشنيعا، فما فوقه أشنع وأقبح.
فعلى تقدير تسليم أنك متصف بهذا الذي لقبك به ناصرك، وحاشاك ثم حاشاك عن ذلك، لا تحصل لك النجاة من طعن الطاعنين في نقل مثل هذا الذي هو غلط بديهي باتفاق العاقلين.
جهلت ولا تدري بأنك جاهل
ومن لي بأن تدري بأنك لا تدري
وأما ما عرض لنا ناصرك(2) أن ابن رجب من تلامذة ابن القيم لا ابن تيمية، فيكفي لدفعه ما دندن به ناصرك في بحث تلمذ السيوطي عن العسقلاني.
قلت: في ((إبراز الغي)):
صفحة ٤٢٩