عمرت دهرا
ومما يدلك على شدة كلفهم في هذه الأيام بطنطنة الألفاظ واقتصارهم على سوقها متراكمة متراكبة من غير أقل عناية بالتمحيص والتدقيق، قول بعضهم في قصيدة يرثي بها فقيدا كبيرا: «لئن تك قد عمرت دهرا»، فإن الدهر سواء أريد به الزمان الطويل أو ألف سنة، لا يصح بوجه من الوجوه أن يوصف به عمر الفقيد في معرض تأبينه والتأسف عليه، وإنما يجوز ذلك عند محاولة تعزية أهله عنه بجعله من الأسباب التي تجمل صبرهم على فقيدهم.
خلائق أربع
وقال في عجز البيت نفسه: «خلائق أربع»، ثم أبان هذه الخلائق الأربع في صدر البيت الذي بعده بقوله: «مضاء وإقدام وحزم وعزمة». ولا يخفى، أن المضاء والحزم والعزمة واحد، إذا يكون قد ذكر من الخلائق الأربع اثنتين فقط.
ينوه في العلى
وما جنته عليه القافية «أربع» في البيت المشار إليه جناه عليه الوزن في بيت آخر واضطره إلى ذكر «العلى» في قوله: «رحمت فما جاه ينوه في العلى» لمجرد استقامة الوزن فجاء حشوا؛ لأن التنويه - أي رفع الذكر والمدح والتعظيم - لا حاجة معه إلى العلى. ويلاحظ أيضا أن الجاه ليس مما ينوه بصاحبه، بل هو مما ينوه به لصاحبه.
كرة
ومن يدري مراده بكلمة «كرة» في صدري بيتين حيث قال في أولهما: «ففي كرة من لحظه وهو عابس»، وفي الثاني: «وفي كرة من لحظه وهو باسم». فإن أراد بها مخففة بمعنى كل جسم مستدير لم يكن هذا محلها، وإذا أرادها مشددة بمعنى الحملة في القتال وهو الأرجح، استقام معناها في البيت الأول ولم يلائم معنى البيت الثاني. ونسبتها في كلا البيتين إلى «لحظه» نابية نافرة.
شاكي العزيمة
ولينظر القارئ في البيت التالي من هذه القصيدة:
صفحة غير معروفة