وتراهم كلما أرادوا وصف شيء أيا كان بأنه نفيس، يعمدون إلى كلمة «قيم»، فيستعملونها زاعمين أن معناها «ذو قيمة»، فيقولون: «كتاب قيم» و«مقالة قيمة»، فالقيمي ذو القيمة. أما القيم في اللغة فهو المستقيم. وبهذا المعنى ورد في القرآن الشريف في سورة التوبة وغيرها وصفا للدين، وفي سورة الكهف وصفا للقرآن نفسه. وقيم المرأة زوجها. والقيم على الأمر: متوليه وحافظه. قال صاحب لسان العرب: «أمر قيم مستقيم. وفي الحديث: «أتاني ملك، فقال: أنت قيم وخلقك قيم» أي مستقيم. وفي الحديث: «ذلك الدين القيم» أي: المستقيم الذي لا زيغ فيه ولا ميل عن الحق، وقوله تعالى:
فيها كتب قيمة
أي: مستقيمة تبين الحق من الباطل». ولو سلمنا أن معنى «القيم» ذو القيمة، لما وجدنا فيه ما يدل على أقل تكريم أو تشريف للشيء الذي يغالون به، فكل شيء تقريبا ذو قيمة قلت أو كثرت. وإذا أريد تمييز شيء بالنفاسة لم يكف القول فيه أنه ذو قيمة، بل وجب أن يقال: ذو قيمة غالية، أو غالي القيمة، أو نفيس، أو كريم. هذا ووصف الشيء الغالي القيمة بالكريم شائع مستفيض في كلام العرب. وقد يطلق من كل شيء على أحسنه. وقيل الكريم صفة ما يرضي ويحمد في بابه، يقال: «رزق كريم» أي: كثير، و«قول كريم» أي: سهل لين، و«وجه كريم» أي: مرض في حسنه وجماله، و«كتاب كريم» أي: مرض في معانيه وجزالة ألفاظه وفوائده.
وجد عليه
ويقولون: «وبلغه خبر منعاه، فوجد عليه موجدته وأقام على حزنه». فيستعملون «وجد عليه» بمعنى حزن، وهو خطأ، صوابه: «وجد به»، يقال: «وجد به وجدا»، حزن، و«وجد به»، أحبه. أما المستعمل بمعنى «غضب» فهو وجد عليه وجدا وجدة وموجدة ووجدانا. هذا ولا يخفى أن النعي والنعي والنعيان والمنعي والمنعاة، كلها بمعنى: خبر الموت. إذا قوله: «خبر منعاه» حشو وتطويل.
يرتاب في أمره
ويقولون: «وليس في القرية من يرتاب في أمره». فإن كان المراد بالارتياب الشك، وجب أن يعدى ب«من»، فيقال: «ارتاب منه»، وإن كان المراد التهمة والخوف، فبالباء. فيقال: «ارتاب به واستراب»، أي: اتهمه ورأى منه ما يريبه.
تنحي عليه
ومن تعابيرهم الغريبة قول بعضهم: «فلذلك تنحي عليه وهو صغير». ومراده بالفعل «تنحي عليه» - كما يتضح من قرينة الكلام - تقضي عليه أو تقتله. أي أن الذئبة تقتل الجرو الذي تلده من كلب وهو صغير. ولكن الفعل «أنحى» لا يفيد هذا المعنى. قالوا: «أنحى له السلاح» ضربه به، و«أنحى عليه بالسيف أو السوط» أقبل عليه. و«أنحى فلان على فلان ضربا» أقبل. هذا كله قالوه، ولكنهم لم يقولوا: «أنحى عليه» قتله .
تغامزن عليه بالعيون
صفحة غير معروفة