الإهداء
عرفان الجميل
تمهيد
خطة الإصلاح في هذا الكتاب
لماذا يكثر وقوع الخطأ؟
من لهذا الأمر؟
تذكرة الكاتب
الإهداء
عرفان الجميل
تمهيد
خطة الإصلاح في هذا الكتاب
لماذا يكثر وقوع الخطأ؟
من لهذا الأمر؟
تذكرة الكاتب
تذكرة الكاتب
تذكرة الكاتب
تأليف
أسعد خليل داغر
الإهداء
يا معشر الكتاب تذكرتي لكم
تجدونها بيد الولاء مسطره
أصلحت فيها ما عثرت عليه من
غلطاتنا اللغوية المتكرره
وعرضت إصلاحي عليكم راجيا
أن تقبلوه على سبيل التذكره
عرفان الجميل
قبل الشروع في طبع هذا الكتاب عرضته على حضرة العلامة النحرير والمحقق الشهير صاحب السعادة أحمد تيمور باشا. فنظر فيه ونبهني إلى أمور أشرت إليها في محلها. ثم تفضل بالكلمة الآتية التي أشرف كتابي بنشرها في صدره ذاكرا لسعادته هذا الجميل بالثناء العطر والشكر الجزيل:
سيدي وصديقي
قرأت كتابك «تذكرة الكاتب» وأنعمت النظر فيه امتثالا لإشارتك لا تطاولا للحكم في مثله. فإذا قلت إنك أجدت وأفدت وأصبت كل الإصابة فيما قصدت فإنما أقوله على ما ظهر لي ووصل إليه علمي وفوق كل ذي علم عليم.
أحمد تيمور
تمهيد
أنا واللغة
ملت منذ حداثتي إلى الكتابة نثرا وشعرا. وأخذ هذا الميل يقوى في على توالي السنين، مصحوبا برغبة شديدة في توخي الصحيح الفصيح واجتناب السقيم الركيك في كل ما أكتبه، على قدر ما يستطيعه جهدي وتصل إليه معرفتي. وظل ذلك دأبي مدة أربعين سنة قضيتها في خدمة اللغة مشتغلا بها في التعليم والنظم وترجمة الكتب وكتابة المقالات في كثير من الصحف والمجلات. فكنت أسر كل السرور بمطالعة ما يكتبه علماء اللغة في الانتقاد، مستعينا به على إصلاح ما أكون قد ارتكبته من الغلط على اختلاف وجوهه وأنواعه، وأستاء جد الاستياء من تعنت بعض الكتاب وعنادهم واستهانتهم بجهابذة النقد وإصرارهم على ارتكاب الخطأ الذي نبهوهم إليه وتصدي طائفة منهم لتغليط المنتقدين وتخطئة المصلحين واتهامهم بالجفاف والجمود.
ومع كل ما طالعته في أثناء هذه السنين الطويلة من الرسائل والمقالات التي وضعها النقاد وأشاروا فيها إلى الخطأ الشائع المستفيض في أقلام الكتاب والشعراء وعلى ألسنة المتكلمين والخطباء، كنت أرى بعين الحزن والأسف أن الفائدة المرتجاة من نقد الناقدين وإصلاح المصلحين ضعيفة الأثر، قليلة الشيوع، وأن الخطأ اللغوي يتسع كل يوم نطاقه ويرتفع فوق أرباب اليراع رواقه.
لغة الدواوين ولغة الصحف
وحدث أن حكومة السودان انتدبتني منذ عشرين سنة للعمل في وكالتها بالقاهرة، وعينتني في القسم القضائي الذي أنشئ ليكون صلة بين حكومتي مصر والسودان في: الدعاوى، والأحكام الشرعية والمدنية والجنائية، وأمور الطلاق والنفقات والتركات، وعرائض الشكاوى، وغيرها من المسائل القضائية التي تدور عليها المفاوضات كل يوم بين الحكومتين بواسطة هذا القسم. وهي مكتوبة كلها تقريبا باللغة العربية، ولكن بذلك الأسلوب الذي عبثت به الركاكة ولعبت وأكلت عليه السخافة وشربت، وهو المعبر عنه بلغة الدواوين. ولا يقل مجموع ما وقفت عليه في هذه المدة عن أربعين ألف كتاب أو رسالة، كلها سواسية في كثرة اللحن وقلة التدقيق في اختيار الألفاظ الصحيحة والتراكيب الفصيحة. وقد بذلت جهدي في الإصلاح والتنقيح، ولكنني كنت لسوء الحظ كمن يحاول القبض على الهواء أو الكتابة على صفحات الماء. واتضح لي بعد البحث والمقابلة أن الخطأ اللغوي المتفشي بالصحف والمجلات مهما يعظم ويشتد، فهو ليس شيئا مذكورا في جانب الخطأ الآخذ بخناق لغة الدواوين، وأن الصحيح في هذه يوشك أن يكون أقل من الخطأ في تلك.
وفي خريف سنة 1921 أصدر أبناء خليل وحبيب «مجلة المضمار» الأسبوعية، المصورة للألعاب الرياضية والفنون الجميلة، فعنيت بتهذيب ما ينشر فيها من الأنباء والمباحث. وفي أثناء اشتغالي بإصلاح ما يرد من المقالات قبل نشره في المجلة، كنت أرى غلطات تكاد تكون محدودة محصورة، تتكرر هي بنفسها من وقت إلى آخر، ويكثر ورودها على أقلام كتاب الصحف والمجلات وغيرهم من الأدباء المنصرفين إلى الترجمة والتأليف في هذه الأيام.
تذكرة الكاتب
وظلت هذه الملاحظة تعرض لي كل يوم، حتى نبهني تكرارها إلى وجوب الاقتداء بمن تقدمني في وضع كتاب أنشره في «مجلة المضمار»، فصولا متوالية أضمنها كل ما أعثر عليه من الكلمات والتراكيب التي يبدو لي أن بعض الكتاب يخطئون - في استعمالها - وجوه الصحة، فأصلحها بإثبات ما أظنه صوابا أو ما أراه واردا على أصح الوجوه وأرجح الآراء.
فشرعت فيه في أواخر سنة المضمار الأولى، وفي الأجزاء التي صدرت منه في سنته الثانية بعنوان: «تذكرة الكاتب».
وقد لقي هذا العمل أكثر مما كنت أقدر له من الارتياح والقبول عند الذين يغارون على اللغة العربية، ويهمهم جدا أن يظل كل ما يكتب فيها مستكملا شروط الفصاحة والبلاغة، وخاليا من آثار السخف والضعف. وكثيرون منهم كتبوا إلي يشكرون لي هذا الصنيع، ويستحثونني على مواصلته، ويستزيدون ما ينشر منه كل أسبوع في المجلة.
ولما عرض للمجلة ما قضى بذبول غصنها النضير المورق وأفول بدرها المنير المشرق، آسف قراؤها على احتجابها لانقطاعها عن مواصلتهم بأشهى المباحث والمطالب، وحرمانهم الاستفادة من مطالعة «تذكرة الكاتب». وألح علي غير واحد منهم في أن أكمل ما بدأته من النقد، وأنشره أخيرا في كتاب يقرب تناوله ويسهل تداوله. فجمعت كل ما عثرت عليه من الخطأ في أثناء مطالعاتي لأكثر الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية، وبعض الكتب ودواوين الشعر وغيرها، وأضفته إلى ما نشرته قبلا في «مجلة المضمار»، وأعددته للطبع بعنوانه الأصلي ومقدمته المختصرة البسيطة. وقد شغل ما سبق نشره في «المضمار» بضع عشرة صفحة من هذا الكتاب، إلى آخر الكلام عن «إيردات الحكومة ومصروفاتها».
وأول ما أوجه إليه التفات القارئ أن هذه الألفاظ والتراكيب التي انتقدتها مأخوذة كلها تقريبا من أقوال الكتاب والشعراء الذين يشار إليهم بالبنان، ولكني اجتنبت ذكر أسمائهم مخافة الاتهام بالغض منهم. فإذا طالع أحدهم كتابي هذا ووقف فيه على إصلاح بعض غلطاته، فلا تأخذنه سورة الحنق، وليذكر أني لم أحاول بما كتبته أن أعلم الكاتب شيئا يجهله، بل إنما أردت أن أذكره شيئا نسيه، ولذلك سميته: «تذكرة الكاتب». فعملي كله مسوق على سبيل التنبيه والتذكير، لا بقصد التبجح بمعرفة ما لم يعرفه غيري، ولا على نية التنقص والوقيعة؛ لأني في مقدمة من يسهو وينسى، ومعاذ الله أن أدعي لنفسي أقل شيء من العصمة التي هي لله وحده. وغايتي العظمى أن أخدم اللغة بما يعين على حفظها نقية الجوهر صفية الكوثر.
خطة الإصلاح في هذا الكتاب
ثم إني رأيت بعض الذين تقدموني في هذه الخدمة، يقتصرون في الغالب على ذكر الخطأ من غير أن يبينوا وجهه ويشفعوه بصوابه. وهو بالحقيقة نصف الإصلاح المروم، بل أقل من نصفه؛ لأن معاشر الكتاب في هذه الأيام - ولا سيما الذين لم يعل لهم في صناعة الإنشاء كعب، ولا رسخ لهم في حذاقة الكتابة قدم - يجتنون بعض الفائدة من قولك لهم: «هذه الكلمة غلط» و«ذلك التركيب خطأ»، فيتنكبون هذا ويتجنبون تلك. ولكنهم يحرزون الفائدة كلها إذا أتبعته بيان وجه الخطأ وألحقته بذكر صوابه، كأن تقول لهم مثلا: «يقولون: (صادق على الشيء) وهو خطأ؛ لأن معنى (صادق): صار صديقا. فالصواب أن يقال: (أجاز الشيء) أو (أقره) أو (أمضاه) أو (وافق عليه)». وقد بذلت جهدي في تدارك هذا النقص، فلم أشر إلى خطأ إلا أبنت سببه وقرنته بإصلاحه.
ورأيت فريقا منهم يركبون أحيانا متن الغلو في التلحين والتغليط، فيجاوزون حد التنبيه على الخطأ إلى تخطئة الصحيح وتفنيد الصواب. وبعضهم يتعمدون الجري على هذه الخطة في نقد الكتب والمقالات والقصائد، فيشوبون جمال التجرد لخدمة اللغة بعيب السعي في قضاء شهوة التشفي والنيل ممن ينتقدون كلامه. فتحريت السير في جادة القصد والإنصاف، محترزا كل الاحتراز من تخطئة شيء قبل تحقق خطأه أو اعتقادي أن خطأه راجح لصوابه. وإني مذ الآن أستغفر الله وأعتذر إلى كل كاتب، عما أنكرت عليه استعماله وهو صحيح، أو له من الصحة وجه يرجح وجه لحنه أو يعدله.
ولست أدعي أن ما جمعته في هذه التذكرة يشمل كل ما تضل في مسالكه الأفهام وتزل في مزالقه الأقلام؛ لأن هفوات اللسان وعثرات اليراع مما يذكر ويعد لا مما يحصر ويحد ما دام الكتاب، حتى أطولهم باعا وأوسعهم اطلاعا لا يملكون العصمة من خطأ الوهم وغلط النسيان المعرض لهما كل إنسان. ولكني أرجو أن أكون قد توقفت إلى جمع أكبر جانب من الكلمات والتعابير التي يكثر استعمالنا لها على خلاف الصواب. وقد ألحقتها بفهرس يتضمن بيانها مرتبة على حروف المعجم، تسهيلا لمراجعة كل ما تمس الحاجة إليه.
لماذا يكثر وقوع الخطأ؟
وقد يقول بعضهم: لماذا يكثر وقوع هذه الغلطات حتى من الذين استوفوا قسطهم من تعلم اللغة والتعمق في معرفة قواعدها، وهم لا ينفكون منذ وقت طويل يواصلون المطالعة ويزاولون الكتابة؟ والجواب: أن عوامل استدراج الكتاب إلى الخطأ من حيث لا يدرون كثيرة، أهمها أربعة:
أولا:
اللغة العامية:
ولعلها أكبر عامل يغرنا ويغوينا، فنتوهم الخطأ صحيحا والغلط صوابا. وهي إما خليط من الفصيح المصحف والمحرف وبعض الألفاظ المرتجلة كما في داخل بلاد العرب وغيرها من الأصقاع التي لم يختلط أهلها بالجاليات الأوربية، وإما وشيج من هذه ومن جانب كبير من الكلمات الدخيلة المعربة عن اللغات الأجنبية التي تدفقت على مصر، وسورية، وبلاد المغرب، محمولة إلينا على ألسنة الأجانب أنفسهم أو منقولة في ما ينشر بيننا من كتبهم وصحفهم ومجلاتهم، أو في ما يرد علينا من مصنوعاتهم، أو في ما ينشأ لهم عندنا من المدارس والمصانع والشركات وغيرها من وسائل النشر. فاندست في لهجاتنا العامية متشابكة متداخلة بما لا مزيد عليه من الاندماج والالتحام. وقد شاعت هذه اللهجات المختلطة كل الشيوع بين جميع الناطقين بالضاد، فتراهم يولدون في أحضانها ويترعرعون في أكنافها ويرضعونها مع اللبن ويتناولونها مع طعامهم وشرابهم، ويشبون على سماعها من الآباء والأمهات وذوي القربى وجميع الذين يعاشرونهم من الأتراب والأصحاب، ويقضون سني الطفولة وما بعدها لا يطرق آذانهم غيرها ولا تنطلق ألسنتهم بسواها. وبلغ من شدة تمكنها منهم أنها توشك أن تكون الآلة الوضعية الوحيدة للتخاطب والتفاهم. وهي في فلسطين، وسورية، والعراق، والحجاز، واليمن، ونجد، والسودان، والمغرب، وغيرها من الأقطار العربية، حشو آذان السامعين وملء ألسنة المتكلمين. حتى أنك لتجدنها شاغلة أذهان الخطباء والكتاب ومتحفزة كل حين للجري على أقلام هؤلاء وفي ألسنة أولئك، لولا أنهم يتداركون أمرهم قبل الخطابة والكتابة ويتعهدون خزائن أذهانهم بنزع ما يعلق فيها من الكلام العامي، مستبدلين بها كلمات صحيحة وتراكيب فصيحة يتكلفون استخدامها لتأدية المعاني التي يرومون التعبير عنها في خطبهم وكتبهم. ومع شدة توقيهم للغة العامية واحترازهم من تربصها بهم وتغفلها لهم، لا تأمن ألسنتهم العثار بألفاظها ولا تسلم أقلامهم من الخبط في تعابيرها. ولذلك ترى الخطيب أو الكاتب يحيد من وقت إلى آخر - على حين غفلة - عن جادة اللغة الفصحى، مدفوعا بقوة العودة إلى الأصل، ويستعمل كلمات وتعابير يظنها صحيحة لكثرة ورودها في لسانه وعلى سمعه، مع أنه لا صحة لها على الإطلاق. فهي متمكنة منا كل التمكن منذ الصغر، وراسخة في ألواح أذهاننا رسوخ النقش في الحجر. ورسوخها هذا من أكبر الأسباب التي تصعب علينا تحصيل اللغة الفصحى في المدارس. حتى أن كثيرين منا يخيل إليهم وهم يتعلمونها أنهم يتعلمون لغة أجنبية، بل قد يجدها بعضنا أبعد تناولا وأصعب تحصيلا من إحدى اللغات الأجنبية. ومما يجب الانتباه له في الكلام على اللغة العامية، أنها أمضى سلاح يستخدمه خوارج الأدب الذين سيأتي ذكرهم في مناوأة اللغة الفصحى ومحاربة الذين يتطوعون للدفاع عنها.
ثانيا:
كثرة السماعي
1
في اللغة:
وهذا السماعي الغالب في عامي الصرف والاشتقاق عاثور كبير في طريق الكتاب، قل من يأمن منهم السقوط فيه، وهو يكثر على الخصوص في الأبواب الآتية: (1)
مزايدات الأفعال:
فإن لها في الفعل الثلاثي اثني عشر وزنا، وفي الرباعي ثلاثة أوزان. وجميع هذه الأوزان تبنى عليها الأفعال لأغراض خاصة تستفاد منها. ولكن ليس بين الأفعال المجردة الثلاثية والرباعية ما نراه مبنيا على مزيداته كلها. والأغراض التي تستفاد من هذه الزيادات ليست مما يطرد ويصح أن يقاس عليه في كل فعل يبنى منها. فإذا أخذنا مجردا ثلاثيا أو رباعيا أيا كان، وسألنا ما أوزان المزيدات التي يبنى عليها؟ وما الأغراض المستفادة من بنائه عليها؟ لم يستطيع أحد أن يجيب عن سؤال كهذا بطريق القياس والاستبدال. والمنتجع الوحيد للجواب إنما هو معاجم اللغة؛ لأن أكثر أبنية المزيدات سماعية لا يقاس عليها. (2)
باب الإلحاق :
وهو الموضوع للبحث عن بعض الأفعال الثلاثية التي ألحقت بالرباعي المجرد وبمزيديه: تفعلل أو فعنلل. فهذا الباب كله سماعي لا قياس فيه البتة. (3)
لزوم الفعل وتعديه:
في هذا الباب بحث مستفيض عن بعض الأفعال المختصة باللزوم، وعن تعدي اللازم بإحدى طرق التعدية الثلث: أي همزة النقل
2
وتضعيف عين الفعل وحرف الجر، وعن لزوم المتعدي ببنائه للمطاوعة على أحد أوزانها: وهي نفعل، وتفاعل، وانفعل، وافتعل في الثلاثي، وتفعلل، وافعنلل في الرباعي. ولكن هل من ضابط كلي لمعرفة الأفعال المختصة باللزوم؟ فإن تقييدها بالدلالة على غريزة أو هيئة أو لون أو نظافة أو دنس أو بعض العوارض الطبيعية - هذا كله لا يكفي.
3
وهل من دليل صادق على الأفعال اللازمة التي تعدى،
4
وعلى ما يعدى منها بإحدى طرق التعدية الثلث وما يعدى بطريقتين منها وما يعدى بها كلها؟ وهل من سبيل لتعيين الحرف مع الأفعال التي تتعدى بحرف الجر؟ وهل لزوم الفعل المتعدي ببنائه للمطاوعة عام يشمل جميع الأفعال المتعدية؟ وهل يمكن معرفة ما يبنى للمطاوعة على هذا الوزن أو على ذاك أو على ذلك؟ والجواب عن هذه الأسئلة كلها بالنفي؛ لأنها جميعها تؤخذ بالسماع. (4)
أوزان المصدر:
أو الصفة المشبهة من الثلاثي، وما يبنى من الصفات على وزني فعول وفعيل، مشتركا بين اسم الفاعل، واسم المفعول، وبعض أسماء الزمان والمكان من الثلاثي، ولحوق تاء التأنيث لهما،
5
وبناء اسم الآلة،
6
والمقصور والممدود، والمؤنث المعنوي، ومؤنث الوصف الذي على فعلان: أعلى فعلى كسكران وسكرى، أم على فعلانة كندمان وندمانة، أم عليهما كلتيهما كعطشان عطشى وعطشانة؟ وما سمع من الأسماء مصغرا ومنسوبا على خلاف قواعد التصغير أو النسبة كذيا وتيا وأبيحر ومغيربان وسويد، ونحوها في الأول ولابن وزيات ويمان وبصري ودهري وهاجري وغيرها في الثانيأوزان المصدر (5)
أوزان جمع التكسير:
فهي كما لا يخفى كثيرة جدا، ولكن ما يغلب منها قليل وما يقاس ويطرد أقل.
هذه الأمور وغيرها من السماعيات، تعرض لنا في ما نكتبه أو ننظمه، فننسى كونها مما يحفظ ولا يقاس، ونجريها مجرى المقيسات المطردة بلا ترو ولا تثبت، ونضل محجة الصواب.
ثالثا:
النقل:
هذا أيضا من أكبر أسباب التطويح بالكتاب في متايه الخطأ والغلط؛ إذ إنه كثيرا ما يتفق للواحد منهم أن يقدم على استعمال كلمة أو جملة، وهو لا يملك من الأدلة على صحتها سوى كون فلان ممن يثق بطول باعه وسعة اطلاعه قد سبقه إلى استعمالها في كتابه أو في ديوانه. ولو استطعنا التقصي في البحث عن منشإ غلطة ما، لانتهينا منه في سلسلة طويلة حلقاتها كتاب وشعراء كلهم سابق لتال، وكل تال منهم عد سابقه أكبر حجة في علوم اللغة، فنقل عنه ما نقل، ولم يوجس أقل خوف من سقوطه في وهدة الزلل.
ولست أدري هل أسعد الحظ أحدا من الكتاب فعصمه من نقل الخطأ عن غيره وصانه من توهم غلط سابقه صوابا؟ أما أنا فأعترف بأني طالما أخذت بشرك الاعتماد على غيري، وأخطأت في استعمال كثير من الكلمات والعبارات منقولة عمن لم أشك حينئذ في كونه خير من يصح الاستناد إليه والاعتماد عليه.
7
رابعا:
إهمال اللغة:
ويراد به أن معظم طلبة العلم في هذه الأيام قلما يهتمون - وهم في المدارس - أن يردوا من مناهل علوم اللغة ما يروي غليلهم ويقضي حاجتهم. فهم - في الغالب - يقتصرون منها على ما يمكنهم من اجتياز الامتحان وإحراز الشهادة. وبعد خروجهم من دور العلم تراهم لا يبدون أقل اهتمام للاحتفاظ بما حصلوه والسعي في إحيائه وإنمائه بالمطالعة والمراجعة، بل يهملونه وينسون حتى أبسط القواعد التي كان يجب عليهم أن يتذكروها صونا لأقلامهم وألسنتهم من ارتكاب الخطأ في ما يكتبون ويخطبون.
ولهذا الإهمال أسباب كثيرة ليس هنا محل بسطها واستيفاء الكلام عليها. ويهمنا منه أنه - لسوء الحظ - أمر واقع لا يسع أحدا منا إنكاره، وآثاره ظاهرة في ما يكتبه فريق كبير من خريجي مدارسنا. فإن الغلطات التي تبدو منهم تدل جليا على تفريطهم في حفظ أبسط القواعد المقيسة المطردة في الصرف والنحو وغيرهما من علوم اللغة. ولولا هذا الإهمال لقلت كثيرا غلطات الكتاب وانحصرت في ما يسهل تداركه ولا يصعب اجتنابه.
خوارج الأدب
بقي أن الكلام على العامل الأخير - الإهمال - يقتادني إلى ذكر شيء ولو على سبيل الاختصار، عن ثورة يثير غبارها ويشب نارها بعض المردة الذين خرجوا في هذه الأيام على نظام اللغة الشامل لجميع علومها وآدابها، خروجا أشبه بشق عصا الطاعة للحكومة أو بعقوق الوالدين والمروق من الدين. وكأن الناس لم يكفهم في الوقت الحاضر ما يعانونه من شرور البدع والأضاليل في الدين والسياسة والعادات القومية وغيرها، حتى يبتلوا بخطب هؤلاء الخوارج الذين قاموا على اللغة يطعنون في قواعدها وأحكامها، ويتزاهدون حماتها الزائرين عن حرماتها، ويبالغون في ازدرائهم وتفييل آرائهم وتسفيه أحلامهم.
وكثيرا ما تراهم يجاوزون حد القدح في اللغة، إلى الوقيعة في أيمتها الذين وضعوا أساسها، ورفعوا في الخافقين نبراسها، وقيدوا شوارد مفرداتها، وجمعوا قواعدها وأحكامها، وجلوا غوامض علومها وفنونها، وجعلوا ذلك كله في كتب تسهل علينا رود مناجعها وورود مشارعها، فيبخسونهم حقهم، ويجحدون فضلهم، ولا يذكرون لهم واحدة من هذه الحسنات. ولا يقتصرون على إنكارها، بل - لشدة غلوهم في الجور والتحامل - يعدونها كلها سيئات، ويزينون للشعراء والكتاب أن ينظموا ويكتبوا كيف شاؤوا، لا يراعون أحكام الصرف والنحو والمعاني والبيان، ولا يتقيدون في الشعر بالجري على قواعد علمي العروض والقافية قائلين لهم: إن هذه القواعد والأحكام وضعت لاعتبارات طوتها الأيام، وفي أحوال ظلها زال ولونها حال، فهي إذا مما عتق وشاخ، ولا بد لها من الانحلال والاضمحلال.
وهذه الغارة الشعواء يشنونها على اللغة، ويسعون في أن يقوضوا أبنية قواعدها ويجتثوا أعراق أحكامها؛ ليضمنوا خلو جو العيث والإفساد من كل واقف بالمرصاد، فيتسنى لهم أن يذهبوا في الكتابة كل مذهب لا يبالون في استعمال الكلمات بما نصت عليه معاجم اللغة، ولا يكترثون في صوغ الجمل والتراكيب لما ورد عنها في كتب علم الأدب. فيجيء ما تخطه أقلامهم في الطروس والدفاتر، أو تنطلق به ألسنتهم على المنابر، معارض سخافة وركاكة يتردد الاختلال في مذاهبها ويتمشى الاعتلال في مناكبها. وإذا اطلع أحد أبناء اللغة البررة الأوفياء على هذه الأسقاط والسفاسف، وحملته غيرته على التنبيه إلى ما يراه فيها من العيوب والهفوات، تصدى له أولئك المعسلطون
8
يتنقصونه ويستزرونه، ويتهمونه بأنه من ذوي العقول الجافة الجامدة المطبوعين على كراهية الحديث الجديد وحب التمسك بالرميم البالي. قال لي أحدهم ذات يوم: «إن المهم في الكلام نثرا كان أو شعرا إنما هو معناه لا لفظه. فبالمعنى - وهو الجوهر - يجب أن نعنى لكي يجيء ساميا رائعا طريفا أنيقا، أما اللفظ - وهو العرض - فليجئ كما يجيء لا نكترث له ولا نبالي به». فأجبته: «لا أدري كيف يستطاع الإتيان بمعنى أنيق طريف في لفظ ركيك سخيف؟! وأين تلك المعاني السنية التي تزكو أغراسها في دمن الاختلال والاعتلال؟! ولماذا لا تتلألأ الصهباء إلا في أكثف إناء؟ وهل يضر الشمس أن تطلع في أنقى جو وأصفى سماء؟ وإذا أمكن أن يكون السيف الماضي الحد في غمد من ذهب، أفليس من الخرق أن نصر على جعله في قراب من خشب؟!» فسكت ولم يحر جوابا.
وهذه الوساوس التي ينفثها أولئك النزاغون في عقد ترهاتهم وأباطيلهم، بل هذه الدسائس التي يدسونها للغة ويبثون سمومها في ما يكتبونه وينشرونه بين خريجي المدارس وطلبتها، كان لها أسوأ تأثير في أذهان جانب كبير منهم، وكانت من أكبر الأسباب لإعراضهم عن اللغة وإهمالهم لقواعدها وأحكامها.
شدة خطرهم على اللغة
وليعلم القراء أن خطر خوارج الأدب على اللغة شديد جدا؛ لأنهم لا يفتأون يناصبونها العداء، ولا ينفكون يكيدون لها المكايد ويخفون في سبيل تحصيلها الفخاخ والمصايد. وهم يسلطون عليها معاول تقويض وتهديم أشد تخريبا وتدميرا من المعاول التي يسلطها الفوضويون على الحكومات والإباحية المعطلة على الأديان. فإذا لم يهب سدنة اللغة وحفاظها في جميع الأقطار العربية هبة رجل واحد لدرء هذه المفاسد، تفاقم الخطب واستطار الشر واتسع الخرق على الراقع.
ولست أجهل أن كلامي هذا سيضرم في قلوب هؤلاء المردة نار الغيظ والحنق، فيحملون علي أشد حملة يستطيعونها، ويعرضونني لسهام المثالب والمطاعن. وأقل ما يرمونني به أني مفرط في المحافظة على القديم وشديد الغلو في مقاومة كل حديث جديد. وإني لكما يقولون مفرط كل الإفراط في المحافظة على القديم، ولماذا؟ لكي أبطل مشورات المغرين بالتفريط في أكرم ما نباهي به ونفاخر، وأحبط مساعي المؤتمرين على ضياع أغلى تراث تركه الأوائل للأواخر. أما في ما سوى ذلك، فإني بريء من كل ما يتهمونني به، وعلى الدوام يرونني في مقدمة المصرحين علنا بأن اللغة في أشد احتياج إلى إصلاح يرقيها ويمكنها من الوفاء بحاجات هذا العصر. ولكن الإصلاح شيء والهدم والتدمير أو الاجتياح والاستئصال شيء آخر!
اللغة وسيول اللهجات العامية
وخلاصة ما أروم بيانه في هذا التمهيد أني بوضعي لتذكرة الكاتب أردت أن أقضي واجبا علي في خدمة اللغة والمشتغلين بها، بذكراهم ما يقع في كلامهم من الخطأ لكي يجتنبوه، ويجيء ما يكتبونه صافيا على قدر الإمكان من أكدار اللحن ونقيا من شوائب الغلط. وهذا أحد الأمور التي يتحتم علينا أن نسرع في قضائها؛ لكي يكون إصلاح اللغة المنشود مستكملا جميع وجوهه. أما الأمور الأخرى فكثيرة، وأهمها التعجيل في إنشاء سد حصين متين يعترض للهجات العامية في جميع الأقطار العربية، ويصد سيولها الجارفة التي تطمو كل يوم على اللغة الفصحى محاولة إغراقها وابتلاعها كما يتمنى خوارج الأدب.
وهذه اللهجات العامية قد اتسع نطاق شيوعها كما تقدم الكلام، وذاع دورانها في ألسنة جميع الناطقين بالضاد، حتى تناول معظم أحاديث الناس في البيوت؛ في أكواخ الفقراء وقصور الأغنياء، وفي المعامل والمتاجر، والمدارس والأندية، ودواوين الحكومة وغيرها من الأماكن التي يجتمعون فيها لأغراض مختلفة. وأوشك استخدام كلماتها أن يشمل كل ما عندنا من رياش وأثاث ومتاع وإناء، وكل ما على أجسادنا من ثياب وملابس، من قمة الرأس إلى أخمص القدم، وكل ما يباع في مخزن التاجر ودكان البدال وحانوت العطار، من بضائع ومنسوجات ومصنوعات وعروض وسلع وعقاقير، وكل ما يعرض في علوم الطب والعلاج والهندسة، والملاحة والطيران وسكك الحديد، وصناعات البناء والحدادة والنجارة والخياطة، من اصطلاحات وتعابير وعدد وآلات وأدوات، وما يجد كل يوم من المكتشفات والمخترعات.
هذه وغيرها مما لا يسعني استيفاؤه تحتاج إلى ألوف من الكلمات للتعبير عنها والدلالة عليها. وإذ لا يجد المشتغلون بها كلمات عربية صحيحة تفي بأغراضهم من هذا القبيل، يعمدون إلى سد حاجتهم كيفما اتفق لهم إما باستعمال الكلمات العامية التي يسمعونها نقلا عن غيرهم، وإما بتعريب الكلمات الأفرنجية الموضوعة لتلك الأشياء، أو بخليط من هذه وتلك كما تقدم الكلام.
وعلى هذا المنوال تشتد سواعد اللهجات العامية، وترسخ أقدامها، وتزداد دوائر استعمالها امتدادا واتساعا، ويظل استعمال اللغة الفصحى محدودا محصورا قلما يجاوز ما وضعت له من قديم الزمان، مع أنه لا ينقصها شيء مما في اللغات الأخرى من خواص الحياة والنمو والمرونة، وهي مضرب المثل في غناها بالمترادفات والقيود والضوابط والفروق والحدود والتعريفات، وفيها ما لا يحصى من الكلمات التي يصلح استخدامها في هذه الأيام للتعبير عما يجد من المعاني. وحسبها أنها ممتازة بالاشتقاق الذي يزيدها حسنا وجمالا ويسهل على علمائها أن يضعوا ما شاؤوا من الألفاظ للدلالة على مستحدثات العلوم والفنون إذا لم يجدوا لها كلمات موضوعة من قبل.
إنما الحاجة إلى واحد
ولقد سبقت فكتبت غير مرة في هذا الموضوع الخطير الشأن، وبحثت كما بحث سواي في أسباب قصور اللغة في الوقت الحاضر عن الوفاء بحاجاتنا. وعلى رغم مخالفة كثيرين لي لا أزال أرى أن خير وسيلة لتدارك القصور إنشاء مجمع لغوي يتألف من صفوة علماء اللغة في مصر وسورية والعراق، وغيرها من الأصقاع العربية، على وجه تراعى فيه الجدارة الصحيحة والأهلية الحقيقية، بحيث يكون كل عضو متضلعا من معرفة اللغة وله إلمام كاف بمبادئ أحد العلوم العصرية؛ ليتمكن من وضع الكلمات والتعاريف المختصة بذلك العلم، ويسمى هذا المجمع «مجمع ترقية اللغة العربية». وأول شيء يجب أن يعنوا به هو البحث المدقق في أسباب قصور اللغة، والتعجيل في إزالتها، ثم النظر في ما يعرضه عليهم المؤلفون والمترجمون والشعراء وكتاب الصحف والمجلات، من الكلمات والتعابير العامية والأجنبية، فيبحثون فيها ويستبدلون بها ما يفي بالمراد من الصحيح الفصيح استخراجا أو وضعا: أي إما بأخذه مما سبقهم المتقدمون إلى وضعه واستعماله في المعاني نفسها أو في ما يدانيها، وإما بمجاراة المتقدمين في وضع ألفاظ تدل على المعاني المبتغاة، وذلك بالاشتقاق - بالاستعمال الحقيقي أو المجازي - وهو أوسع الطرق وأعمها،
9
أو بالنحت، أو التركيب، أو التعريب، وهذا الأخير أندر الطرق وأقلها استعمالا. وكان المتقدمون لا يلجأون إليه إلا إذا أعياهم الوضع على أحد الطرق الأخرى.
10
ثم ينشر المجمع ما يستخرجه أو يضعه في مجلة أسبوعية تنشأ لهذه الغاية، وتنشر في جميع الأقطار العربية؛ ليطالعها الذين يهمهم الأمر ويعتمدوا موضوعاتها عند الحاجة إلى استعمالها.
ومما يجب على المجمع أن يوجه التفاته إليه هو الكلمات الكثيرة المستعملة الآن في غير ما وضعت له، وليس في كتب اللغة ما يجوز استعمالها هذا إلا على ضعف وتكلف. ولكنها شاعت وذاعت حتى بين بلغاء الكتاب، وليس من السهل أن يستبدل بها كلمات أخرى. فمنها هذه الأسماء: «صادرات، وواردات» و«تهوية» للبيوت وما فيها من الأثاث، و«تحليل» بمعناه العلمي والطبي، و«تشريح» بمعناه الطبي، و«تشريع» و«تقنين» و«مشروع» و«إعدام» و«محطة» و«تقرير» و«عمود» لجزء من المكتوب أو المطبوع على صفحة الصحيفة أو الكتاب، والأفعال: «تفرج» و«تطور» و«اكتشف» وغيرها. يضاف إليها جانب كبير من الكلمات المعربة عن اللغات الأجنبية. فهذه كلها يجب أن تعرض للبحث، فإما أن يتفق على استعمالها لغلبته وشيوعه، وإما أن يستبدل بها غيرها وفيه من الصعوبة ما فيه.
من لهذا الأمر؟
بقلم أسعد خليل داغر
ومهما تعظم نفقة المجمع على رواتب أعضائه وطبع مجلته، فما أظنها تجاوز بضعة آلاف من الجنيهات في السنة، وهي قليلة في جانب الفوائد الكثيرة التي تعود منه على اللغة العربية وأهلها.
أفلا تهز الأريحية واحدا أو أكثر من الأغنياء الذين يغارون على اللغة، فيتبرعوا بوقف ما يكفي ريعه للإنفاق على هذا المجمع؟ وألا لم يبق لإرواء الغليل من هذا القبيل سوى إحدى الحكومات في البلدان العربية. ومن أولى من حكومة مصر بهذا الأمر؟ إنها منهن أقدر وبشرف هذه المفخرة أحرى وأجدر. وقد سبق لها في خدمة اللغة العربية ما لا يعد من المآثر والمحامد التي خلدت لها الفخر وأكسبتها جميل الثناء وجزيل الشكر مدى الدهر. وهي الآن - على الخصوص - قبلة الأنظار وكعبة الآمال، ولعلها إذا سئلت هذه المكرمة لا تتأخر عن إجابة السؤال.
تذكرة الكاتب
مقدمة
بهذا العنوان عزمنا أن ننشر في المضمار ما نعثر عليه في مطالعاتنا من الكلمات التي يخطئ بعض الكتاب في استعمالها، فنصلحها بإثبات ما نظنه صوابا. وسنفعل ذلك على سبيل التذكرة، معترفين بأننا في مقدمة من يسهو وينسى، وأن العصمة لله وحده، ومتوخين بهذا العمل زيادة التوفر على خدمة لغتنا الشريفة، حتى ينقى جوهر مفرداتها ومركباتها خالصا من صدأ الخطأ والإهمال، ويبدو كمال جمالها آية في جمال الكمال، وعلى الله الاتكال.
غاو. غواة
أول ما نبدأ به كلمة «غاو» أو «غواة». فإنهم يستخدمونها للتعبير عن معنى «اماتير»، أي من يزاول شيئا لمحبته له، لا لاتخاذه حرفة. وهذا الاستخدام كثير الشيوع في الألعاب الرياضية والفنون الجميلة وغيرها. ولكن الغاوي هو الضال، وعليه القول في القرآن الشريف:
ما ضل صاحبكم وما غوى ، والقول:
والشعراء يتبعهم الغاوون ، فكيف يصح استعماله للدلالة على معنى محب أو عاشق «اماتير»؟
وقد اصطلح المضمار منذ أول نشأته على كلمة «هاو» وجمعها «هواة» من الفعل: هوى، يهوى، أي أحب واشتهى، فهي من كل وجه تصلح للاستخدام بمعنى «اماتير». فما ضر كتابنا الأدباء لو وافقونا على «هاو وهواة»، واجتنبوا خطأ استعمال «غاو وغواة»؟
عرب. تعريب. معرب
ويستعملون الفعل «عرب» وما يشتق منه، مكان الفعل «ترجم» ومشتقاته. فيقولون: «هذا الكتاب عربه فلان، أو تعريب فلان، أو لمعربه فلان». فيغيرون معنى الفعل ويحولون وجه استعماله؛ لأن التعريب إنما هو نقل الكلمة بلفظها من إحدى اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية. أما نقل معنى الكلمة أو الجملة أو المقالة أو الكتاب، فهو ترجمة. فبالتعريب ننقل مثلا الكلمات الآتية بألفاظها، ونقول: «سينماتوغراف» و«بيسكل» و«اتوموبيل»، وغيرها: كالتلغراف، والبنك، والفونوغراف، والتليفون. وبالترجمة نعبر عن معنى ثلث الكلمات الأولى بقولنا: «صور متحركة» و«دراجة» و«سيارة»، وقس عليه.
ولعل المولعين باستعمال كلمة «تعريب» يزعمون أن فيها معنى أرفع شأنا من معنى «ترجمة»، أو يرون لفظها أفخم وأفصح، وهو زعم باطل ورأي فائل. وقد سبقهم إلى الوقوع في مثل هذا الوهم بعض الكتاب المشتغلين بالصحافة، فإنهم طلقوا كلمة «كتابة» في الدلالة على صناعتهم، وأطلقوا عليها كلمة «تحرير»، وقالوا: «محرر» و«رئيس تحرير»، بدل: «كاتب» و«رئيس كتاب». مع أن التحرير مهما نتوسع في معناه، يظل دون مدلول الكتابة، ولكنهم عدلوا إليه لزعمهم أنه أفخم مبنى وأعظم معنى.
وقد وقع مثل ذلك في كلمة: «معلم»، ولكن عذر معلمي المدارس في عدولهم عنها إلى «مدرس» و«أستاذ»، شيوع استعمالها لغيرهم من أصحاب الحرف والصناعات، كالنجارين والبنائين وسواهم.
استلم استلام
ويقولون: «استلم فلان الشيء» و«أمضى وصول الاستلام». وهو شائع مستفيض بين كثير من الكتاب، فيستعملون هذا الفعل ومشتقاته بمعنى الأخذ والتناول، على خلاف المعنى الموضوع له وهو اللمس - بالتقبيل أو باليد - أو المسح بالكف. ومنه تيمن الحجاج في مكة المكرمة باستلام الحجر الأسود، الذي قيل له ذلك؛ لأنه اسود من لمسهم له عند استلامه. قال الفرزدق في الحسين بن علي بن أبي طالب:
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
أما الفعل الذي يفيد معنى الأخذ والتناول فهو: تسلم. يقال: سلمه، وسلم إليه الشيء، فتسلمه، وأمضى وصول التسلم.
حديث شيق
ويقولون: «حديث شيق» و«مقالة أو خطبة شيقة». فيستعملون هذه الصفة بمعنى: شائق، أي داع إلى الشوق، وهو خطأ لأنها بمعنى: مشتاق، فيقال: رجل شيق، وقلب شيق. قال المتنبي: «ما لاح برق أو ترنم طائر
إلا انثنيت ولي فؤاد شيق»
فالصواب أن يقال: حديث شائق، وخطبة شائقة.
حاضر. محاضرة. محاضر
ويستعملون «حاضر» و«محاضرة» و«محاضر»، بدل خطب وخطبة وخطيب. وقد عم هذا الإبدال على ما فيه من الخطأ، حتى أنك لتراه دائرا في أفواه المتكلمين وألسنة الخطباء وأقلام الكتاب. فكأنهم يتوهمون أن كلمة «محاضرة » أضخم لفظا وأفخم معنى من كلمة «خطبة»، فيؤثرونها عليها في الاستعمال. كما يفضلون «تعريب» و«محرر» و«أستاذ» على ترجمة وكاتب ومعلم لهذا الوهم نفسه! ولعل بعضهم يرى غضاضة عليه أن يقال لما ألقاه من الكلام على جماعة: «خطبة»، ولا يقال له: «محاضرة»!
فالمحاضرة مصدر حاضر، بمعنى: عدا وسابق، أو بمعنى: جاء بالجواب حاضرا. إذا هي العدو والسباق، أو هي ما بين القوم أن يجيب الواحد صاحبه بما يحضره من الجواب. ومن ذلك: المحاضرات الشعرية، كما بين عبيد بن الأبرص وامرئ القيس، وبين أبي تراب السريجي والشريف العباسي. وفلان حسن المحاضرة: أي حسن المجالسة، والمحاضرة من فنون الأدب الاثني عشر.
هذه معاني المحاضرة، وليس فيها واحد يسوغ استعمالها بمعنى الخطبة. وجميع الأئمة الذين اشتهروا بالبراعة في الخطابة لم ينعت أحد منهم قط بكلمة «محاضر»، بل كان كل منهم يوصف بكلمة خطيب، وكان ما يكلم الناس به يطلق عليه خطبة لا محاضرة.
أجاب على سؤاله. فتش عليه
ويقولون: «أجاب على سؤاله» و«ذهب يفتش عليه». فيعدون كلا من هذين الفعلين ب«على». والصواب أن يعدى الفعل الأول بنفسه أو بعن أو بإلى. فتقول: أحببت سؤاله أو عن سؤاله أو إلى سؤاله. وأما الفعل الثاني فيعدى بنفسه إن أريد استعماله بمعنى تصفح، نحو: فتشت الكتب. ويعدى بعن إذا كان بمعنى سأل واستقصى في الطلب، نحو: فتشت عنه.
ملافاة
ويقولون: «يجب الاهتمام بملافاة هذا الأمر». فيستعملون الملافاة بمعنى التدارك والإصلاح. وهو خطأ، صوابه التلافي، من: تلافى الأمر، إذا تداركه، أي أصلحه.
استعرض القائد الجنود
ويقولون: «استعرض القائد الجنود» إذا أمرهم عليه ونظر حالهم. والمبني من هذا الفعل على استفعل لم يرد عن العرب بهذا المعنى. فالصواب أن يقال: «عرض الجنود، واعترضهم».
استلفت
ويقولون: «استلفت الكاتب نظر القراء» بمعنى حول نظرهم أو وجه التفاتهم. والمحفوظ في كتب اللغة بهذا المعنى قولهم: لفته فالتفت، ولفته فتلفت. أما استلفت، فلم يسمع عنهم.
بصفته بصفة كونه
ويقولون: «أمضى فلان عقد الاتفاق بصفته وزيرا للداخلية» و«افتتح فلان الجلسة بصفة كونه نائب رئيس الجمعية». وهذا الاستعمال - «بصفة» و«بصفة كونه» - دخيل في اللغة ليس منها بشيء، وهي في غنى عنه بما هو ألطف وأعذب وأصح وأصوب. ففي المثال الأول يستغنى عن «بصفته» بحرف الجر الكاف، فيقال: «أمضى فلان عقد الاتفاق كوزير الداخلية». وهي هنا للتمثيل بما لا مثيل له، ويقال لها كاف الاستقصاء. وفي المثال الثاني يستغنى عن «بصفة كونه» بالكاف نفسها، فيقال: «افتتح فلان الجلسة كنائب رئيس الجمعية»، أو بأن يقال: «نائبا عن رئيس الجمعية»، أو «بالنيابة عن رئيس الجمعية».
وقع المغني
ويقولون: «وقع المغني فأعجب السامعون بحسن توقيعه». فيستعملون الفعل «وقع» بمعنى: بنى ألحان الغناء على موقعها، وهو خطأ؛ لأن للتوقيع معاني ليس هذا منها. والصواب أن يقال: «أوقع». وفن تأليف الأصوات في الغناء إنما هو الإيقاع لا التوقيع.
نادي الموسيقى الشرقي
ويقولون: «نادي الموسيقى الشرقي». ومعلوم أن كلمة «الشرقي» في هذا التركيب ليست وصفا للنادي، بل للموسيقى وهي مؤنث. فالصواب إذا أن يقال: «نادي الموسيقى الشرقية». والرجاء أن حضرة رئيس هذا النادي الكريم وأعضاءه يقبلون هذه الملاحظة المقدمة بملء الإخلاص ويبادرون إلى إصلاح الخطأ.
لم يعد يصلح له
ويقولون: «لم يعد يصلح للاستخدام» و«لم يعد قادرا على العمل»، وهو شائع كل الشيوع بين كثيرين من الكتاب. وقرينة الكلام في هذا الاستعمال تدل صريحا على أنهم يريدون بالفعل «يعود» مضارع «عاد» بمعنى صار. فالصواب إذا أن يسلط النفي على خبره لا عليه نفسه، فيقال: «عاد لا يصلح للاستخدام» أو «عاد غير قادر على العمل» أو «عاد لا يقدر على العمل».
مصطنع. اصطناعي
ويقولون: «هذا الشيء مصطنع» أو «اصطناعي». يريدون أنه معمول أو غير طبيعي. وليس في معاني الفعل «اصطنع» ما يسوغ هذا الاستعمال. يقال: اصطنع عنده صنيعة، أي: أحسن إليه ورباه. واصطنع فلانا لنفسه، اختاره. واصطنع فلان، اتخذ طعاما ينفقه في سبيل الله. فالصواب أن يقال: «هذا الشيء مصنوع» أو «صناعي».
عضد. تعضيد
ويقولون: «عضده في عمله» و«نحث القراء على تعضيده». فيستعملون الفعل «عضد » بمعنى: نصر وأعان. وفي كتب اللغة: عضد السهم وأعضد، ذهب يتيما وشمالا عند الرمي. فالصواب أن يقال: «عضده على عمله أو عاضده».
أثناء كلامه
ويقولون: «أشار الخطيب أثناء كلامه». فينصبون «أثناء» على الظرفية، وهي ليست ظرفا ولا مضافة إلى ما تكتسب منه الظرفية لتستغني بها عن حرف الجر: في. بل هي جميع «ثني». وأثناء الشيء: تضاعيفه، وأثناء الكلام: أوساطه. فالصواب أن يقال: «في أثناء الكلام».
صادق عليه. صدق عليه. صدقه
ويقولون: «صادقت الوزارة على تعيين فلان» و«صدق الملك على الحكم». وأصلح بعضهم هذا الخطأ بخطأ آخر وهو: صدقه. وكلها غلط؛ لأن معنى «صادقه» كان صديقا له، وصدقه ضد كذبه. فالصواب أن يقال: «أجاز الشيء، أو أمضاه، أو أقره، أو وافق عليه».
كبده عناء جزيلا. تكبد تعبا لا يوصف
ويقولون: «كبده عناء جزيلا» و«تكبد في عمله تعبا لا يوصف». فيستعملون «كبد» بمعنى: جشم وكلف، وتكبد بمعنى: عانى وقاسى. وفي اللغة: كبدت الشمس وتكبدت، صارت في الكبيداء، أي وسط السماء. وتكبد الشيء: قصده. فالصواب أن يقال في الأول: «جشمه، أو حمله عناء جزيلا». وفي الثاني: «كابد في عمله» ... إلخ.
ما زلت مشمولا برضاك. طالما هو كسلان
ويقولون: «لا يرجى نجاح فلان طالما هو كسلان». فيستعملون «طالما» في غير معناها، والصواب أن يقال: «ما دام كسلان». وبعضهم يستعمل «ما زال» في هذا المعنى فيقول: «إني بخير ما زلت مشمولا برضاك» أي: ما دمت، وهو خطأ كذلك.
همزة الاستفهام: الخطأ في استعمالها
ويقولون: «ولم يدر أكان مأتاها الألم أم السرور؟» و«سواء أكان المتكلم نجارا أم قرويا». ولا يخفى أن همزة الاستفهام في المثال الأول لطلب التصور وهو إدراك التعيين، وفي الثاني للتسوية. وعندما تكون لطلب التصور، يجب أن يليها المسؤول عنه بها كالفعل، نحو: أضربت زيدا أم شتمته؟ والاسم نحو: أزيد عندك أم عمرو؟ والمجرور نحو: أفي داره زيد أم في مخزنه؟ وقس عليه.
وعندما تكون للتسوية، يجب أن يليها أحد الأمرين اللذين يراد التسوية بينهما، نحو: «سواء عندي أراكبا جئت أم ماشيا، وأمسرعا كنت أم مبطئا». فالصواب في المثال الأول أن يقال: «ولم يدر الألم كان مأتاها أم السرور»، وفي مثل هذا المقام يجوز حذفها للتخفيف. أما في المثال الثاني، فالصواب أن يقال: «سواء أنجارا كان المتكلم أم قرويا».
عينان سوداويتان
ويقولون: «وجها حنطيا، وعينان سوداويتان». وهذه الجملة من مقالة قيل عن منشئها أنه «كاتب بليغ»! فإذا كان في «عينان» غلطة واحدة، وهي نصبها بالألف بدل الياء، وصوابها: عينين؛ لأنها معطوفة على منصوب وهو «وجها»، فإن «سوداويتان» فيها ثلث غلطات: زيادة ياء وتاء وألف، وصوابها: «سوداوين».
1
تداخل في الأمر
ويقولون: «تداخل فلان في ما لا يعنيه»، أي: تعرض له. والصواب أن يقال: «داخل»، تقول: «داخلت زيدا في أموره»، أي: عارضته. نعم يقال: «تداخله منه شيء»، أي: خامره. «وتداخل الشيء»، دخل بعضه في بعض.
استنادا على
ويقولون: «زاره استنادا على وعده له بالمساعدة». فيعدون «استند» بالحرف: على. ولم يسمع عن العرب تعدية الفعل «سند» ومشتقاته إلا بالحرف إلى. يقال: «سند إليه وتساند واستند»، أي: اعتمد عليه.
سوية
ويقولون: «ذهبوا إليه سوية». فيستعملون «سوية» بمعنى المصاحبة والاجتماع، وهي بالحقيقة مؤنث «سوي»، بمعنى: الاستواء والمستوي والإنصاف. يقال: «هم على سوية في هذا الأمر» و«قسمت الشيء بينهما بالسوية».
التقى به
ويقولون: «التقى به». فيعدون هذا الفعل بالباء، والمسموع عن العرب: لقيه، ولاقاه، وتلقاه، والتقاه؛ بمعنى واحد، أي: استقبله، أو صادفه. وكلها تتعدى بنفسها، فلا تحتاج إلى الباء.
أول أمس. أمس الأول
ويقولون: «ما رأيته مذ أول أمس» و«زارني فلان أمس الأول». ويريدون في كليهما يوما قبل أمس. والصواب أن يقال فيهما: «أول من أمس». و«أمس» يبنى على الكسر كما رأيت، إذا كان المراد به آخر يوم مضى، ويعرب إذا أريد به أحد الأيام الماضية، أو إذا جمع أو صغر أو دخلته «أل» أو أضيف.
مسم
ويقولون: «أم أربع وأربعين دويبة مسمة» و«تناول فلان دواء مسما». والمسموع عن العرب من هذا الفعل هو المجرد لا المزيد، يقال: «سم الطعام» جعل فيه السم. و«سم فلانا» سقاه السم. فالصواب إذا أن يقال: «دويبة سامة، ودواء سام».
وازى يوازي
ويقولون: «هذا لا يوازي شيئا». فيستعملون «يوازي» بمعنى: يساوي أو يعادل. وهو خطأ؛ لأن معنى «وازاه موازاة»: حاذاه وجاراه، وهكذا آزاه مؤازاة.
ضمانة
ويقولون: «أخذ عليه ضمانة» و«طالبه بالضمانة». وكأنهم يقيسون الضمانة على الكفالة. وفي كتب اللغة: ضمن الشيء، وبه، ضمنا وضمانا. إذا قولهم «ضمانة» خطأ. نعم إن التاء تدخل على المصدر دخولا مطردا، ولكن عندما يراد به الدلالة على المرة الواحدة كضربة واجتماعة وانطلاقة.
احصائية. اتفاقية
ويقولون: «أمضى الفريقان صك الاتفاقية» و«ورد في آخر إحصائية». والصواب: «صك الاتفاق» و«آخر إحصاء»؛ لأن الاتفاق والإحصاء مصدران صريحان، فلا يحتاجان إلى ما يفيدهما معنى المصدر. نعم إن النحاة احتالوا على تحصيل معنى المصدر من الاسم الجامد بطريقتين: إما بتقدير الكون مضافا إلى الاسم، وإما بأن تلحقه تاء التأنيث بعد نسبته. ففي تأويل: «علمت أن هذا حجر»، يقولون: علمت كون هذا حجرا، أو علمت حجرية هذا. وقس عليه أرجحية وأولوية وغيرهما. ولذلك تلقب هذه التاء بالمصدرية.
اكترث به
ويقولون: «لا يكترث بهذا الأمر». فيعدون «اكترث» بالباء قياسا على: عبأ وبالى. والصواب أن يعدى باللام، فيقال: لا يكترث للأمر، أي: لا يعبأ به، ولا يبالي. أما «أبه» فعندما يستعمل بهذا المعنى يعدى باللام مثل «اكثرث»، نحو: لا يؤبه له، وما أبهت له.
بكل معنى الكلمة
ويقولون: «زيد صادق بكل معنى الكلمة». وهو منقول حرفيا عن اللغات الأوربية، ويظهر فساد هذا التعبير في الألفاظ المشتركة، أي الموضوعة لمعان كثيرة، كالخال والعجوز والعين وغيرها، ولهم غنى عنه بما هو أجمل وأجزل، فيقال: «زيد صادق ناهيك من صادق، أو جد صادق، أو أي صادق، أو صادق حقا أو صادق كل الصدق» ونحو ذلك.
مجلس حسبي مصر. مدير عموم الحسابات. مفتش أول مصلحة المعارف
ويقولون: «مجلس حسبي مصر» و«مدير عموم الحسابات» و«مفتش أول مصلحة التلغرافات». وهذه التعابير كلها من اصطلاحات الكتاب في دواوين الحكومة، وهي شائعة مستفيضة في أكثر ما يكتبونه. والصواب أن يقال فيها: «مجلس مصر الحسبي» و«مدير الحسابات العام» و«مفتش مصلحة التلغرافات الأول».
جراح
ويقولون: «فلان من كبار الجراحين». فيستعملون صيغة فعال من جرح للدلالة على من يعالج الجراح والبثور والدمامل بالشق والبتر والبضع. والمسموع عن العرب: «جراحي»، وصناعته الجراحة. وجمعه: جراحيون.
جواب. مرسول ردا على جواب ذاك الطرف
ويقولون: «مرسول ردا على جواب ذاك الطرف أحد مرفوقاته». وهو أيضا من مصطلحات كتاب الدواوين، فيستعملون اسم المفعول من «رسل» وهو ممات، والمستعمل «أرسل» من باب أفعل، والاسم منه رسالة. أما «رسول» بمعنى مرسل، فأصله مصدر من الفعل الثلاثي الممات. ويستعملون الرد بمعنى الجواب أو الإجابة، مع أن الرد معناه الإرسال فقط. يقال: رد إليه جوابا، أي: أرسل به. ويستعملون الجواب - وأحيانا الخطاب - بمعنى الكتاب أو الرسالة، وكلاهما في غير محله. أما استعمال: «ذاك الطرف» الضخم الثقيل، فإن ضمير المخاطب - مفردا أو جمعا - يغني عنه. ويستعملون «مرفوقات» و«مرفقات» بمعنى: ملحقات، كأنهم يزعمون أن الفعل رفق وأرفق بمعنى صحب وأصحب. ولم يسمع عن العرب من هذه المادة ما يقرب من هذا المعنى سوى باب فاعل؛ يقال: رافقه، أي: صار رفيقه. والصواب أن يقال في هذه الجملة كلها: «مرسل جوابا عن كتابكم الملحق أو أحد الملحقات».
السكة الحديد
ويقولون: «سافر فلان في السكة الحديد». فكأنهم يضيفون السكة إلى الحديد، أو يجعلون الحديد وصفا للسكة، وكلاهما خطأ. والصواب أن يقال: «سكة الحديد» أو «السكة الحديدية».
سافر بقطر الساعة الثالثة
ويقولون: «سافر بقطر الساعة الثالثة». وليس لاستعمال «قطر» وجه من الصحة، فالصواب أن يستعمل القطار مستعارا من معناه الأصلي لطائفة من الإبل تسير على نسق واحد، وجمعه: قطر (وجمع الجمع: قطرات) وقطارات.
سحب شكواه. انسحب الجيش
ويقولون: «سحب شكواه» و«انسحب الجيش». واستعمال الفعلين في هذا المعنى أو في ما يقرب منه كثير جدا. وفي كتب العرب: سحبه فانسحب، أي: جره على الأرض فانجر. والصواب أن يقال في المثال الأول: «استرد شكواه أو استرجعها». قال أبو الطيب :
أبدا تسترد ما تهب الدنيا
فيا ليت جودها كان بخلا
وفي الثاني: «نكص الجيش أو تقهقر أو ارتد» أو نحو ذلك.
يسري
ويقولون: «هذا الحكم يسري من أول السنة». وفي اللغة: سرى الرجل، سار ليلا. وسرى عرق الشجر، دب تحت الأرض. والصواب أن يقال: «يجري أو ينفذ أو يمضي».
رفتت الحكومة
ويقولون: «رفتت الحكومة فلانا من خدمتها». فيستعملون «رفت» بمعنى: فصل أو عزل. وفي اللغة: رفته كسره، ورفته رفضه. أو هي مولدة أو تصحيف رفض. ويظن العلامة أحمد باشا تيمور أنها ربما تكون معربة عن الفارسية من «رفت» بمعنى ذهب، فاستعمال «عزل» في هذا المقام أصح وأصوب.
حرمه من الشيء. استقال. أودع عنده مالا
ويقولون: «أودع عنده مالا» و«استودع في صندوق التوفير عشرين جنيها»، ومن هذا القبيل قولهم: «حرمه من الشيء» و«قدم إلى رئيسه استقالته من الخدمة». فإن هذه الأفعال: أودع واستودع وحرم واستقال، تتعدى بنفسها إلى مفعولين. فالصواب أن يقال: «أودعه مالا» و«استودع صندوق التوفير عشرين جنيها» و«حرمه الشيء» و«استقال رئيسه الخدمة»، أي: طلب إليه أن يقيله إياها، مأخوذا من أقاله البيع، أي فسخه.
تعهد له
ويقولون: «لم نغفل عن العهد الذي تعهدنا به للقراء». فيستعملون «تعهد له بالشيء» بمعنى: عاهده عليه، أي: حالفه وعاقده. وهو استعمال لا دليل على صحته في كتب اللغة؛ ففيها: تعهد الشيء وتعاهده واعتهده، أي: تفقده، والضيعة أتاها وأصلحها.
فقط
ويكثرون من استعمال «فقط» بعد أدوات الاستثناء والأفعال التي تفيد معنى الحصر، فيقولون: «لم يزرنا إلا ثلثة رجال فقط» و«ما رأيناه غير مرتين فقط» و«ما قصرنا جريدتنا على هذه المباحث فقط». فزيادة «فقط» في مثل هذه الأمثلة وأشباهها حشو لا فائدة له، والكلام يستقيم كل الاستقامة بتركها.
لعب دورا
ويقولون: «لعب الفقيد دورا مهما في عالمي السياسة والأدب». وهذا التعبير مترجم حرفيا عن اللغات الأوربية. وفي كتب اللغة ما يغني عنه، كأن يقال: «كان له في عالمي السياسة والأدب شأن عظيم» أو «بلغ فيهما شأوا بعيدا» أو «جرى فيهما شوطا طويلا» أو «ضرب فيهما بسهم كبير»، ونحو ذلك.
نوال مطلوبه
ويقولون: «لم يستطع نوال مطلوبه». فيستعملون النوال الواوي بمعنى إصابة الشيء أو الحصول عليه مع أن معناه العطاء. والصواب: نيل، من الفعل نال اليائي.
دهسه القطار
يقولون: «سقط فلان تحت القطار فدهسه وأماته». ولم يسمع عن العرب استعمال دهس بهذا المعنى، فالصواب أن يقال: «داسه» مستعارا من الدوس بالأقدام. ولعل دهسه محرف دعسه، أي وطئه شديدا.
وفاه حقه
ويقولون: «وقفت لأفي الفقيد حقه». فيستعملون وفاه حقه بمعنى: أعطاه إياه وافيا تاما. ولم يسمع ذلك عن أحد ممن يوثق بعربيته. وفي كتب اللغة: وفاه حقه ووافاه وأوفاه فتوفاه هو واستوفاه، أي: أخذه وافيا.
يؤسف له
ويقولون: «هذا مما يؤسف له». وهو شائع كل الشيوع فيما يكتبه كثيرون، فيعدون الفعل «أسف» باللام. ولم يسمع تعديته عن العرب إلا بعلى. قال الشاعر:
غير مأسوف على زمن
ينقضي بالغم والحزن
فالصواب إذا أن يقال: «هذا مما يؤسف عليه».
مع وخطأ استعمالها
وكثيرا ما تراهم يستعملون «مع» بعد الأفعال المبنية على وزن تفاعل، للمشاركة. فيقولون: «تشارك زيد مع عمرو» و«تحادث بكر مع خالد» و«تبارى النادي الأهلي مع النادي المختلط» و«تصارع فلان مع فلان»، وغير ذلك مما يراه القارئ فيما يطالعه كل يوم. والصواب أن يقال: «تشارك زيد وعمرو» أو «شارك زيد عمرا»، وقس عليه كل ما يراد استعماله في هذا الباب.
ممنون. ممتن. امتنان. ممنونية
ويقولون: «إني ممنون لك» و«ممتن لفضله» و«أرجو قبول شكري وامتناني» و«لا يسعني وصف ممنونيتي». فيستعملون كلمة ممنون وممتن، بمعنى شاكر، وكلمة امتنان وممنونية بمعنى شكر، وأحيانا بمعنى فضل وإحسان، فيقولون: امتن عليه بكذا، أي: من وأنعم. وهذا الاستعمال كله في غير محله ولا وجه له على الإطلاق. فالممنون معناه: المقطوع أو أقصى ما عند الرجل. والامتنان كالمن في بعض معانيه، يقال: من عليه وامتن، أي: عد له وجوه إنعامه عليه بقوله: أعطيتك كذا وفعلت لك كذا، ومنه القول:
لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى . وربما قالوا: مننه، أو هي مولدة. وممنونية تعبير تركي، كمحظوظية ومحسوبية وغيرهما.
ثناء عاطر
ويقولون: «أثنى عليه ثناء عاطرا». فيستعملون العاطر بمعنى الطيب الرائحة. والمسموع عن العرب العطر فقط.
لا أفعله قط
ويقولون: «لا أفعله قط». فيستعملون قط للنفي في الحال أو الاستقبال، والصحيح أنها للماضي المنفي بالصيغة، نحو: «ما فعلته قط». أو بالمعنى، نحو: «لم أفعله قط». أو يشبهه وهو الواقع بعد الاستفهام، نحو: «هل رأيته قط».
الساعة التاسعة ونصف
ويقولون: «ابتدأت الحفلة في الساعة التاسعة ونصف». وهو استعمال غريب جدا؛ إذ إنه لا وجه لعطف «نصف» على «الساعة التاسعة»، وصححها بعضهم بالقول: «التاسعة والنصف»، وهو أيضا خطأ. والصواب أن يقال: «في منتصف الساعة العاشرة» أو «في الساعة التاسعة والدقيقة الثلثين».
نصف. ثلثة جنيهات ونصف
ومن هذا القبيل قولهم: «اشتراه بثلثة جنيهات ونصف». والصحيح أن يضاف النصف إلى الجنيه، ويقال: «بثلثة جنيهات ونصف جنيه».
عدد
ويطلقون كلمة «عدد» على معان لم تستعمل قط عند العرب في واحد منها. فتارة يستعملونها بمعنى: آية، فيقولون: «الإصحاح الخامس والعدد السادس». وطورا بمعنى: رقم، فيقولون: «فلان يسكن في شارع عابدين، بمنزل عدده 12». وطورا بمعنى: جزء، فيقولون: «العدد الثامن من جريدة كذا أو مجلة كذا». والصواب أن يقال في الأول: «الآية السادسة»، وفي الثاني: «رقمه (أي علامته العددية) 12»، وفي الثالث: «الجزء الثامن».
مارش
ويطلقون كلمة: «مارش» الأوربية على ما ينظم ويلحن للتغني. وكأن اللغة العربية قد ضاقت بهم على رحبها حتى التمسوا التوسع باستخدام هذه الكلمة النافرة، أو نسوا أن عندهم كلمة السلام بمعنى التحية، وكلمة النشيد والأنشودة. ولماذا نقول: «مارش الملك» مثلا ولا نقول: «سلام الملك» أو «نشيد الملك»؟
لا يجب أن نسكت عن هذا الأمر
وكثيرا ما يستعملون كلاما يجيء معناه مخالفا لما يقصدون، فيقولون مثلا: «لا يجب أن نسكت عن هذا الأمر». ومرادهم وجوب التنبيه وعدم جواز السكوت. ولكن هذا المعنى غير ظاهر من عبارتهم المتقدمة؛ لأن انتقاء وجوب السكوت يثبت جوازه، وهو خلاف المراد. وإصلاح هذا الاختلال يتم إما بتقديم الفعل «يجب» على «لا»، وإما باستعمال الفعل «يجوز» بدل «يجب». فيقال: «يجب أن لا نسكت» أو «لا يجوز أن نسكت».
حرف الجر متعلقه. الظرف متعلقه. الكائن
وكثيرا ما يذكرون متعلق الظرف وحرف الجر الدال على مطلق الوجود، فيقولون: «ويوجد بيننا كثيرون يجهلون هذا الأمر» و«لم يكن موجودا في بيته» و«ذهبت إلى مكتبه الكائن في شارع بولاق». ويتم تقويم أود هذه التعابير بحذف «يوجد» من الأول، و«موجودا» من الثاني، و«الكائن» من الثالث.
صرف على بناء
ويقولون: «صرف على بناء بيته ألف جنيه» و«صرف في باريس شهرين». فيستعملون الفعل: «صرف» في كليهما في غير ما وضع له. والصواب أن يقال في الأول: «أنفق أو أنفذ أو استنفد»، وفي الثاني: «قضى».
إيرادات الحكومة. مصروفات الحكومة
ومما يكثر استعماله في اصطلاح كتاب الحكومة قولهم: «إيرادات الحكومة ومصروفاتها». والصواب أن يقال: «دخل الحكومة وخرجها» أو «دخل الحكومة ونفقاتها».
مباحث أخلاقية
ويقولون: «مباحث علمية أخلاقية» و«جمال أدبي أخلاقي». نسبة إلى أخلاق مجموعة، وهو مخالف للقاعدة في النسبة إلى الجمع، وهي أن يرد إلى مفرده ثم ينسب إلى ذلك المفرد، ما لم يكن الجمع شبيها بالمفرد في وضعه فينسب إليه على لفظه. وهو إما أن يكون قد غلب فجرى مجرى العلم كالأنصار، أو سمي به كأنمار، أو لا واحد له كالعباديد للخيل المتفرقة. فيقال في النسبة إلى هذه الأسماء الثلثة: أنصاري وأنماري وعباديدي، كما في النسبة إلى الأسماء المفردة. فالصواب أن يقال: «مباحث علمية خلقية» و«جمال أدبي خلقي»، وأجاز بعضهم أن ينسب إلى الجمع على لفظه من غير أن يرد إلى مفرده، وهو مخالف لمذهب جمهور الصرفيين.
أناف عن المئة
ويقولون: «أنافت الدراهم عن المئة». فيعدون الفعل «أناف» ب«عن»، والصواب أن يعدى ب«على». هذا واستعمل بعضهم المجرد من هذا الفعل، فقال: «بحثت عنها مدة تنوف على ثلثين سنة»، وخطأ من أنكر هذا الاستعمال وعد: ناف ينوف، أفصح من: أناف ينيف. وليته أيد ادعاءه هذا بشواهد تثبت صحته!
تروق للقراء
ويقولون: «مباحث تروق مطالعتها للقراء» و«لم يرق له هذا الأمر». فيعدون الفعل «راق» باللام، والصواب أن يعدى بنفسه فيقال: «تروق مطالعتها القراء» و«لم يرقه هذا الأمر». وإن قيل هذا ابن الفارض عداه باللام بقوله في يائيته المشهورة: «لم يرق لي منزل بعد النقا»، قلنا من أدرانا أنه لم يقل: «لم يرقني»، ثم تحرفت بعد ذلك بالنسخ والطبع وتحولت إلى: «لم يرق لي»؟!
لا يخفى عن القراء. لا أخفيكم
ويقولون: «لا يخفى عن القراء». فيعدون الفعل «خفي» ب«عن». والصواب أن يعدى ب«على». أما احتجاج بعضهم بقول الشريف الرضي:
وتلفتت عيني فمذ خفيت
عني الطلول تلفت القلب
فمردود بأن الرواية الصحيحة لهذا البيت ليست بكلمة «خفيت»، بل بكلمة «عزبت» أو «بعدت». وبعضهم يقول: «لا أخفيكم»، ولعله يقيسها على: لا أكتمكم، عند من يعدي «كتم» إلى مفعولين، نحو: كتمت زيدا الحديث. والصواب أن يقال: «لا يخفى عليكم» أو «لا أخفي عنكم». ويقولون: «وهذه الأمور كانت مخفية عنهم»، والصواب: مخفاة؛ لأن «خفي» لازم، فلا يبنى منه اسم مفعول، بل يبنى من «أخفى». وبعضهم يعدي «أخفي» ب«على»، فيقول: «لا أخفي على مطالعي هذه المجلة»، والصواب أن يعدى ب«عن» كما رأيت.
أبدل واستبدل
وكثيرا ما يخطئون في استعمال «أبدل» و«استبدل»، فيسلطونهما على المبدل منه أو المراد إعطاؤه، ويجرون البدل أو المراد أخذه بالباء. فيقولون مثلا: «لا تبدل الهدى بالضلال» و«لا تستبدل الذهب بالخشب»، والصواب بالعكس: أي أن ينصب البدل ويجر المبدل منه، فيقال: «لا تبدل الضلال بالهدى» و«لا تستبدل الخشب بالذهب». وعليه الآية:
أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير .
داء كمين
ويقولون: «داء كمين». يريدون أنه مستتر يظهر بعد خفائه، فكأنهم يأخذونه من الكمين بمعنى الداخل في الأمر خفية، أو القوم يكمنون في الحرب حيث لا يراهم العدو ثم ينقضون عليه. ولكنه لم يرد في كلام العرب وصفا للداء، والمنقول عنهم في وصفه أنه إذا أعيا الأطباء فهو: عياء، وإذا اشتدت وطأته على مر الأيام فهو: عضال، فإذا كان لا دواء له فهو: عقام، فإذا كان لا يبرأ بالعلاج فهو: ناجس ونجيس، فإذا عتق وأتت عليه أزمنة فهو: مزمن، فإذا ظهر بعد خفائه فهو: دفين.
ليس هذا في صالحه
ويقولون: «ليس هذا في صالحه» و«الصالح العام مفضل على الصالح الخاص». فيستعملون «الصالح» في غير معناه الحقيقي وهو ضد الفاسد. والصواب أن يقال: «ليس هذا في مصلحته» أو «ليس في هذا صلاحه». والمصلحة: ما يترتب على الفعل ويبعث على الصلاح، وعكسها: المفسدة.
ذووهم
ويقولون: «أقبلوا هم وذووهم». وفي كتب اللغة أن «ذو» ومثناها وجمعها المذكر أو المؤنث لا يجوز أن تضاف إلى مضمر. نعم سمعت إضافتها إلى ضمير الغائب في قول الشاعر:
إنما يعرف ذا الفضل
من الناس ذووه
وقول كعب بن زهير المزني:
صبحن الخزرجية مرهفات
أبان ذوي أرومتها ذووها
ولكن هذا كله نادر لا يقاس عليه. والصواب أن يقال: «أقبلوا هم وأصحابهم أو أنسباؤهم أو ذوو قرباهم» ونحو ذلك.
أعتقد بصحة الأمر
ويقولون: «لا نعتقد بصحة هذا الأمر». فيعدون الفعل «اعتقد» بالباء، والصواب ترك الباء؛ لأن هذا الفعل يتعدى بنفسه فيقال: «اعتقد الشيء»، أي: صدقه، ك«اعتفده» بالفاء. على أن «اعتفد» له معنى آخر، فيقال: «اعتفد الرجل» إذا أغلق بابه على نفسه فلا يسأل أحدا حتى يموت. وكان العرب يفعلون ذلك في الجدب. ولقي رجل جارية تبكي فقال: ما لك؟ قالت: نريد أن نعتقد.
قبر يضم رفاة عزيزة
ويقولون: «قبر يضم رفاة عزيزة». فكأنهم يظنونها جمع «راف» كقاض وماش. والصحيح أنها «رفات» وزان: فتات وسقاط ودقاق وكسار وتراب وثمال وغيره. والرفات هو الحطام أو كل ما تكسر وبلي. وفي سورة بني إسرائيل: {أإذا كنا عظاما ورفاتا إننا لمبعوثون خلقا جديدا}.
الولاء المستديم
ويستعملون الفعل: «استدام» لازما بمعنى المجرد، ويقولون: «نحفك بالولاء المستديم»، أي: الدائم. ولم يسمع عن العرب بهذا المعنى إلا متعديا، فيقولون: استدامه استدامة، أي: تأنى فيه أو طلب دوامه، ومنه قول قيس بن زهير:
فلا تعجل بأمرك واستدمه
فما صلى عصاك كمستديم
وصلى عصاه على النار: قومها. أي: لا يقوم عصاك إلا الأمر الذي تداومه.
عتق العبيد
ويخطئون في استعمال الفعل «عتق»، فيأتون به متعديا ويقولون: «عتق العبيد»، أي: أخرجهم عن الرق. والصواب أن يقال: أعتقهم.
خابره. مخابرة
ومما يستعملونه على غير وجهه الفعل «خابر»، فإنهم يطلقونه على معنى فاوض أو نابأ، ويكثرون من استعمال مخابرة ومخابرات. وقد سمع عن العرب أخبره وخبره، أي: أنبأه وأعلمه. وأما خابره، فمعناه: آكره وزارعه.
جاء نفس الرجل
ويستعملون كلمة «نفس» للتوكيد على خلاف الطريقة الموضوعة لها، فيأتون بها مضافة إلى الاسم المؤكد ويقولون: «جاء نفس الرجل»، والصواب أن يؤتى بها مضافة إلى ضمير المؤكد فيقال: «جاء الرجل نفسه».
حال وضع الدستور
ويقولون: «كان هذا تصريحه حال وضع الدستور». فيستعملون كلمة «حال» بمعنى «وقت» أو «حين»، وهو خطأ. نعم إن من معاني الحال الوقت الذي أنت فيه، ولكن ليس الوقت مطلقا.
تأكد فائدته
ويقولون: «جرب الدواء وتأكد فائدته». فيستعملون الفعل «تأكد» متعديا، وهو خطأ؛ لأن معنى تأكد وتوكد: اشتد وتوثق، وهو لازم غير متعد. فالصواب أن يقال: تحقق أو تبين.
قال بأنه ذاهب
ومما يستعملونه على خلاف الصواب إدخال الباء على «أن» الواقعة مقول القول، فيقولون: «قال لي بأنه ذاهب غدا». والصواب: «أنه ذاهب» بترك الباء. ويعدى «قال» بالباء متى كان بمعنى اعتقد نحو: «قال به»، أي اعتقده.
ننهض من عقالنا
ويقولون: «كلما أردنا أن ننهض من عقالنا». فالنهوض: القيام والارتفاع. والعقال: حبل يعقل به البعير، أي يربط. فلا يستقيم المعنى إلا بالقول: «ننهض من كبوتنا» أو «ننشط من عقالنا».
انصبغ بصباغة القوة
ويقولون: «انصبغ بصبغة القوة». فيستعملون «انصبغ» مطاوع صبغ. ولا يخفى أن لمطاوعة «فعل» بابين؛ أحدهما: انفعل، نحو: كسرته فانكسر وقطعته فانقطع. والثاني: افتعل، نحو: جمعته فاجتمع ووصلته فاتصل. ومنه صبغ، فإن مطاوعه اصطبغ لا انصبغ. وهذا كله يؤخذ بالسماع، كما مر في التمهيد.
بعد بذل الجهود
ويقولون: «نال مطلوبه بعد بذل الجهود». فيأتون بجهود جمع جهد مصدر جهد في الأمر ، أي جد فيه وتعب. ولا يخفى أن المصدر لغير المرة والنوع لا يثنى ولا يجمع. فما سمع منه مجموعا يحفظ ولا يقاس عليه. وزد على ذلك أن جمع فعل على فعول مما يغلب لا مما يطرد؛ راجع الكلام على زهور.
المواد المطاطة
ويصوغون من الفعل «مط» بمعنى «مد» صيغة مبالغة، فيقولون: «هذه من المواد المطاطة». ولم يسمع عن العرب فعال من مط. هذا فضلا عن كون معنى «مط»: مد، لا امتد. ولنا مندوحة عن هذا بأن نقول: «المواد اللزجة»، يقال: لزج الشيء لزجا ولزوجا، تمطط وتمدد ولم ينقطع، فهو لزج. والعلك كاللزج زنة ومعنى.
تكوين. إيجاد
وترى كثيرين منهم مولعين باستعمال «إيجاد» مصدر أوجد، «وتكوين» مصدر كون. فيقولون: «نسعى لإيجاد موسوعات باللغة العربية» و«فرغنا من تكوين هذه الجمعية». وجدير بنا أن نستبدل بهما كلمتي: تأليف وإنشاء، فنقول: «تأليف موسوعات» و«إنشاء الجمعية».
أفضل التفضيل تأنيثه على خلاف القاعدة. دائرة معارف كبرى
ومما يؤخذ على كثيرين من الكتاب في هذه الأيام، تأنيثهم لأفعل التفضيل وهو غير مضاف ولا معرف بأل، على خلاف القاعدة الموضوعة له: وهي لزومه الإفراد والتذكير ما لم يضف إلى معرفة أو يعرف بأل. ففي الأول تجوز مطابقته لمن هو له في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، وفي الثاني تجب المطابقة. فتراهم يقولون: «دائرة معارف كبرى». ويفرطون في السخاء عند وصف الحفلات، فيصفون حتى أصغرهن بأنها «حفلة كبرى». ولم تسمع مخالفة هذه القاعدة عن العرب إلا في دنيا وأخرى، وفي قول العروضيين: «الفاصلة إما صغرى وإما كبرى»، وقول الفقهاء في الطلاق: بينونة صغرى وبينونة كبرى. فأنثوا أصغر وأكبر وهما مجردان عن أل والإضافة، وجاراهم في ذلك أبو نواس بقوله في وصف الخمر:
كأن صغرى وكبرى من فقاقعها
حصباء در على أرض من الذهب
أفعل التفضيل المعروف بال
ويؤخذ عليهم من هذا القبيل استعمالهم لأفعل التفضيل مفردا مذكرا مع تعريفه بأل، فيقولون: «وهذه التعابير هي الأكثر استعمالا» و«هذه القارة هي الأكبر بين القارات». والصواب أن يقال: «هذه أكثر التعابير استعمالا» و«هذه القارة هي الكبرى» أو «أكبر القارات».
هل أخوك جاء؟
ويقولون: «هل أخوك جاء؟». ولا يخفى أن «هل» أداة استفهام لطلب التصديق. ومما تفترق به عن همزة الاستفهام أنها لا تدخل على اسم بعده فعل. فالصواب أن يقال: «هل جاء أخوك؟».
أساءه الخبر. أعاقه. أعاله. أفسح له. أنهكه. أهزل دابته.أهاج
وتراهم عندما يرومون استعمال بعض الأفعال المتعدية يعمدون إلى مزيداتها على وزن «أفعل» لزعمهم أن مجرداتها لازمة، حالة كون المجردات متعدية والمزيدات على «أفعل» غير مسموعة بهذا المعنى، أو هي مسموعة به ولكن استعمال المجردات أصح وأفصح، نحو: أساءه الخبر، وأنهكه التعب، وأهزل دابته، وأوقف ماله، وأفسح له مكانا، وأهاج غضبه وأعاقه وأعاله وغيرها. والوجه أن يستعمل المجرد من هذه الأفعال كلها مكان المزيد.
لم ينفك عن السعي
ويقولون: «لا ينفك عن السعي». وهو خطأ، صوابه: «لا ينفك ساعيا» أو «لا ينفط يسعى»، أو أن يقال: «لا ينقطع عن السعي» أو «لا يكف عنه».
لقبه أمير الشعراء
ويستعملون الفعل «لقب» متعديا إلى مفعوله الثاني بنفسه، وكأنهم يقيسونه على «دعا» و«سمى»، فيقولون: «ولذلك لقبوه أمير الشعراء». والصواب أن يعدى بالباء، فيقال: «لقبوه بأمير الشعراء».
عبارته طلية
ويقولون: «عبارته طلية» و«كلامه طلي». وقد سمع عن العرب «طلاوة» بمعنى الحسن والبهجة والقبول، فقالوا: «ما على كلامه طلاوة»، إذا كان غثا سخيفا، لكنهم لم يستعملوا الصفة قط.
عديم النظام
ويقولون: «عديم النظام» و«عديم المعرفة». فيستعملون كلمة «عديم» بمعنى «فاقد»، وهو خطأ أو قد يصح ولكن على تكلف وتأويل، فالعديم: الأحمق والمجنون، وهو أيضا الفقير، كالمعدم من أعدم، أي افتقر. فإذا قيل: «عديم النظام» كان على تأويل الفقير إليه، والصواب أن يقال: «عادم النظام»، أي فاقده.
يستغنم الفرصة
ويقولون: «يستغنم الفرصة». ولم يسمع استفعل من غنم، فالصواب: يغتنم أو ينتهز.
من أوله وهلة
ويقولون: «من أول وهلة» و«لأول وهلة». والمسموع عن العرب بغير حرف الجر، تقول: «لقيته أول وهلة» أو وهلة أو واهلة، أي أول شيء .
وهبه مالا
ويقولون: «وهبه مالا جزيلا». فيعدون الفعل بنفسه إلى مفعوليه، وهو في كتب اللغة متعد إلى مفعوله الأول باللام، أي: وهب له مالا. أما الفقهاء فيعدونه بنفسه على التضمين.
ألومك لما جرى
ويقولون: «لست ألومك لما جرى». والصواب أن يقال: «على ما جرى» أو «في ما جرى».
حرام أن تعتقل فؤادا خليا
ويقولون: «حرام عليك أن تعتقل برباط الحب فؤادا خليا». وفي هذا التركيب تنافر أو عدم التئام، ولإزالته ينبغي أن يقال: «حرام عليك أن تعتقل بالحب فؤادا طليقا» أو «أن تشغل بالحب فؤادا خليا».
أذن له بالتكلم
ويقولون: «أذن له بالتكلم». وفي كتب اللغة «أذن بالشيء»: علم به، و«أذن له في الشيء»: أباحه له، فالصواب إذا أن يقال: «أذن له في التكلم».
قدره حق قدره
ويقولون: «قدره حق قدره» بتشديد الدال. والصواب: «قدره» من المجرد.
إذا كان وإن كان ولا أعلم
ويقولون: «لا أدري إذا كان زيد قد حضر»، و«سألته عما إذا كان يريد أن يذهب معي»، و«لا أعلم إذا كان أخي في بيته أو في المحكمة»، و«ما أدري إن كان هذان العقربان من أهل الأدب»، ونحو ذلك من التعابير والتراكيب التي يستبدلون فيها أداة الشرط بأداة الاستفهام، ويأتون بها على ما ترى من الاختلال والاعتلال. والصواب أن يقال في المثل الأول: «لا أدري هل حضر زيد»، وفي الثاني: «سألته هل يريد أن يذهب معي»، وفي الثالث: «لا أعلم أفي بيته أخي أم في المحكمة»، وفي الرابع: «ما أدري هل هذان العقربان من أهل الأدب».
أثر عليه
ويعدون الفعل: «أثر» ب«على»، فيقولون: «أثر عليه». وفي كتب اللغة «أثر فيه تأثيرا»، أي: جعل فيه أثرا وعلامة، فالصواب أن يعدى بحرف الجر «في».
عوده على الشيء. وتعود عليه واعتاد عليه
ويقولون: «عوده على الشيء»، و«تعود على الشيء»، و«اعتاد على الشيء». والصواب ترك «على» فيها كلها. فيقال: «عوده الشيء» فتعوده واعتاده، أي جعله من عادته، وهكذا أعاده وعاوده واستعاده.
سهوم. نسائم. ورود
ومما يكثر وروده في كلامهم مجموعا، على خلاف المسموع عن العرب: «نسائم وسهوم وورود»، جمع نسمة وسهم وورد، والصواب: نسمات وأسهم، أو سهام وورد، أو أوراد.
الصفة المشبهة من الفعل فعل
ويبنون الصفة المشبهة من الفعل: «فخم» على «فعيل»، فيقولون: «قصر فخيم». والمسموع منه عن العرب إنما هو على فعل كما من ضخم وعذب وجزل وغيرها، فيقال: «قصر فخم» و«ملك ضخم» و«ماء عذب» و«لفظ جزل»، أي فصيح متين. وسمع أيضا من ضخم ضخام وضخم. أما جزيل فمعناه كثير.
زهر. زهور
ويجمعون كلمة «زهر» على «فعول»، فيقولون: «زهور». وقد شاع استعمالها كثيرا، وجعلت اسما لأحد كتب التاريخ: «قطف الزهور»، وإحدى المجلات: «مجلة الزهور»، واتسعت فيها شقة الخلاف بين الباحثين، فأنكر بعضهم استعمالها وعده خطأ، وأجازه البعض الآخر وعده صوابا. ويؤخذ من شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، أن جمع فعل على فعول مطرد، وبه يحتج من يعد جمع زهر على زهور مقيسا. ولكنه لم يرد بين أوزان جموع التكسير المطردة المثبتة في بعض كتب الصرف المطولة. فعد كثيرون جمع فعل على فعول مما يغلب لا مما يطرد، وقالوا إنه سمع في: حرف وسطر ونفس وبحر وشهر وغيرها، ولكنه لم يسمع في: قطر ووقت وورد وسهم. وحينئذ يكون الفصل للمعاجم. ولم يرد جمع زهر في واحد منها على زهور، حتى أن صاحب محيط المحيط قال: «والعامة تقول: زهور».
أما جمع الجمع في هذه الكلمة فليس أزاهر كما وهم البعض، بل أزاهير فقط جمعا لأزهار. ولا يصح أزاهر إلا أن يكون جمع أزهر وهو لم يسمع قط.
بقي أن في المسألة إشكالا آخر يجب الالتفات إليه: ففي المعاجم كلها تقريبا أن زهرة جمعها زهر وأزهار وأزاهير. ولما كان الأخير من هذه الجموع الثلثة جمع أزهار، فإذا يكون كل من الجمعين الباقيين - أي: زهر وأزهار حسب ظاهر الكلام - جمع زهرة، وإذا صح هذا، لم يصح بوجه من الوجوه أن يكون أزهار جمع زهر؛ لأن جمع الجمع له أوزان مخصوصة ليس «أفعال» منها . وما أظنه يصبح أن يكون كل من زهر وأزهار جمع زهرة، إلا إذا ثبت ورود فعل وأفعال جمع فعلة.
فلحل هذا الإشكال يعد زهر شبه جمع
2
واحده زهرة، كنخل وتمر وورد وما أشبه، فيكون جمعه: أزهار، وجمع الجمع: أزاهير.
احتار في أمره
ويقولون: «احتار في أمره» أي: لم يدر وجه الصواب. والمسموع عن العرب: «حار في أمره» يحار واستحار، وحيره فتحير.
تطورت الأمور
ويبنون فعلا من الطور بمعنى الحال على تفعل، فيقولون: «تطورت الأمور» و«هي آخذة في تطور سريع». وهم في غنى عن مخالفة المنقول والمسموع بما في اللغة من الأفعال التي تفيد هذا المعنى، وهي كثيرة: منها «حال الشيء» أي: تحول من حال إلى حال، وهكذا «حول الشيء» (لازم متعد)، و«أحال الشيء»، وتحول وتغير وتبدل وغيرها. وعندنا الفعل نشأ ينشأ ونشوء ينشؤ نشأ ونشوءا ونشأة: حيي وحدث وتجدد. فالنشوء - أي التجدد - يصلح كل الصلاح للاستعمال بمعنى التطور.
الجيل الماضي
ويستعملون «الجيل» بمعنى «القرن»، فيقولون: «كان ذلك في أوائل الجيل الماضي». وفي كتب اللغة: «الجيل»، صنف من الناس.
غير معبئة بالرياح
ويقولون: «ثم سارت بنا الباخرة غير معبئة بالرياح»، أي غير مبالية. ولم ينقل عن العرب بهذا المعنى سوى المجرد، فتقول: «ما أعبأ بفلان» أي: ما أكترث له ولا أبالي به.
ناهيك عن
وتراهم يخطئون في استعمال «ناهيك»، فيأتون به بمعنى «علاوة على» أو «فضلا عن»، فيقولون: «ناهيك عن تحول قوتي البخار والكهرباء إلى نور وحرارة»، و«هو بارع في صناعته ناهيك عن معرفته لبعض اللغات الأجنبية». وفي كتب اللغة أن «ناهيك» كلمة تعجب واستعظام؛ تقول: «ناهيك بزيد كاتبا» كما تقول: حسبك. وتأويلها أنه ينهال عن طلب غيره. وتقول: «زيد رجل ناهيك من رجل»، أي: كافيك.
عول أن يسعى لإدراك غرضه
وكثيرا ما يستعملون «عول» على خلاف وجهه الصحيح، فيأتون به بمعنى عزم وصمم ويقولون: «عول أن يسعى لتحقيق غرضه» و«عول أن يذهب إلى إسكندرية». وفي كتب اللغة: عول عليه أدل وحمل، أي: اعتمد عليه واستند إليه . قال الطغرائي:
وإنما رجل الدنيا وواحدها
من لا يعول في الدنيا على رجل
تعرض إليه
ويعدون الفعل «تعرض» بإلى، فيقولون: «لم يفكروا أن يتعرضوا إلى أحد». وهو بهذا المعنى إنما يتعدى باللام، تقول: «تعرض له» إذا تصدى له وطلبه.
مليئة البدن
ويستعملون كلمة «مليء» بمعنى مملوء أو ملآن، فيقولون في وصف فتاة: «وهي مليئة البدن». والمليء في اللغة: الغني المتمول.
أساء الحزب
ويقولون: «إن أفعاله هذه تسيء الحزب»، أي تحزنه. فيستعملون أساء بمعنى ساء. وفي اللغة: ساءه، فعل به ما يكرهه أو أحزنه. وأساء إليه، ضد أحسن. وأساء به الظن، بمعنى ساءه، أي ظن به السوء.
غلق الباب. قفل الباب
ويقولون: «فالمرجو غلق هذا الباب»، أي أنهم يستعملون المجرد «غلق»، وهو معدود لثغة أو لغية رديئة. والمنقول عن العرب: أغلق أو غلق للمبالغة، وهكذا أقفل وقفل. قال أبو الأسود الدؤلي:
ولا أقول لقدر القوم قد غليت
ولا أقول لباب القوم مغلوق
ومطاوع أغلق انغلق، ومطاوع أقفل انقفل واقتفل.
خصيص. خصيصة
ولهم في هذه الأيام باستعمال كلمة «خصيص وخصيصة» ولع يفوق الوصف، حتى أنك قلما تجد كاتبا يتجافى عن استعمالها. فتراهم يقولون: «دعاني إليه خصيصا»، و«أقام له حفلة خصيصة»، و«كان كلامه موجها إلي خصيصا». وكأني بهم حذفوا من معاجم اللغة كلمة: مخصوص ومخصوصة وعلى الخصوص وخصوصا وخاصة، واستغنوا عنها كلها بكلمة خصيص وخصيصة. ولا يخفى أن صيغة فعيل بمعنى المفعول، ليست من المقيسات، بل هي مما يؤخذ بالسماع. ولم ينقل عن العرب خصيص بمعنى مخصوص. نعم إنه سمع في بيتين قالهما أبو الرقمع
3
جوابا لأصحاب دعوه إلى الصبوح في يوم بارد وسألوه ماذا يريدان أن يصنعوا طعاما. وقيل إنه كان فقيرا ليس له كسوة تقيه قرس البرد. أما البيتان فهما:
أصحابنا قصدوا الصبوح بسحرة
وأتى رسولهم إلي خصيصا
قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
ويخيل إلي أن فقره الأدبي كان أشد من فقره المادي، وإلا لم يضطر إلى مخالفة المسموع في هذا الاستعمال. وكان في استطاعته أن يقول: «وأتى إلي رسولهم مخصوصا» ويتخلص من «خصيص». ثم انظر إلى قوله: «قصدوا الصبوح بسحرة» تجد فيه «بسحرة» حشوا ولكنه ليس بلوزينج ولا قطائف؛ لأن الصبوح لا يكون عشية.
كرس جانبا من وقته
ويقولون: «كرس له جانبا من وقته»، أي خصص. ولا يخفى أن «كرس» بهذا المعنى معرب من اليونانية، ولم يسمع عن العرب إلا بمعنى أسس. وفي اللغة أفعال كثيرة تغني عنه، مثل: خص وخصص، وفرز وأفرز، وحبس ووقف وغيرها.
عثير الحرب. قيود الغبار
ويقولون: «وهو وحده المسؤول في هذه الحرب عن شبوب نارها وثوران عثيرها». فيستعملون «العثير» لغبار الحرب، والمنقول عن العرب في قيود الغبار أن العثير غبار الأرجل، والنقع غبار الحوافر، والعجاج غبار الرياح، والقسطل غبار الحرب.
لا يمكن له
ويعدون الفعل «أمكن» باللام، فيقولون: «لا يمكن له أن يفعل ذلك». وكأنهم يجرونه مجرى تهيأ وتيسر وتسهل ونحوها. وفي اللغة: «أمكن فلانا الأمر» سهل عليه وتيسر له. فالصواب أن يقال: «لا يمكنه أن يفعل ذلك» بترك اللام. وبعضهم يرفع مفعوله فيقول: «وكيف يمكن شاعر أن يتخلص» والصواب شاعرا.
تشكلت اللجنة
ويستعملون الفعل «تشكل» بمعنى «تألف»، فيقولون: «هؤلاء هم الذين تشكلت منهم اللجنة» أي تألفت. وفي اللغة: شكله فتشكل، أي: صوره فتصور.
توفرت فيه الخبرة
ويستعملون الفعل «توفر» بمعنى وفر أو توافر، أي كثر، فيقولون: «يجب أن تتوفر فيه الخبرة التامة» و«هذا الأمر لم تتوفر فيه الأسباب الكافية». وفي اللغة: «توفر عليه» رعى حرماته وصرف همته إليه.
أحنت الأيام ظهره
ويقولون: «أحنت الأيام ظهره» أي: عطفته أو لوته. والمسموع عن العرب بهذا المعنى إنما هو المجرد واويا أو يائيا، فتقول: حناه يحنوه أو يحنيه، أي: عطفه ولواه.
أرسل إليه خطابا. ألقى خطابا وخطابة
وتراهم يستعملون الخطاب تارة بمعنى الكتاب أو الرسالة، فيقولون: «أرسلت إليه خطابا» و«لم يجب عن خطابي»، وطورا بمعنى الخطبة فيقولون: «ألقى خطابا
4
بديعا». وكلا الاستعمالين خطأ؛ لأن الخطاب هو المكالمة أو المواجهة بالكلام أو ما يخاطب الرجل به صاحبه، ونقيضه الجواب.
نيف ومئة
ويخطئون في استعمال «نيف»، فيأتون به قبل العدد مطلقا. والصواب أن يؤتى به بعد العقد من العدد، فيقال: عشرة ونيف، ومئة ونيف، وألف ونيف ... وهلم جرا.
درع قوي
ويستعملون «الدرع» مذكرا، فيقولون: «للطبيعة البشرية درع قوي». وقلما يفطنون إلى أن «الدرع» مؤنثة وقد تذكر على قلة. ومما يدلك على إنكار تذكيرها أن تصغيرها «دريعا» معدود شاذا على غير القياس، وأن قياسه «دريعة»؛ لأن المؤنث المعنوي إذا كان ثلاثيا تظهر في تصغيره التاء المقدرة. أما «درع المرأة» أي قميصها، فمذكر. ومن هذا القبيل تذكيرهم للسوق والخمر، والأكثر فيهما التأنيث.
مده بمال
ويقولون: «مده بمال»، أي أعطاه. ولم يسمع المد بمعنى الإمداد إلا في الشر، ومنه في سورة مريم:
ونمد له من العذاب مدا .
لذ للشيء
ويقولون: «كثير من الناس يلذ للجمال». ولا يقال: لذ للشيء، بل: لذ له الشيء، ولذه ولذ به، وهكذا تلذذه والتذه واستلذه، أي أنه يتعدى في كل منها إلى مفعوله بنفسه أو بالباء.
عائد الموصول
ويقولون: «أيها الإنسان الذي تشعر بدبيب الحياة في عروقك». والصواب «يشعر» و«عروقه»؛ لأن الضمير العائد إلى الموصول يقتضي أن يكون ضمير غيبة على كل حال ليطابقه لأنه اسم ظاهر، والظواهر كلها غيب. وما ورد على خلاف ذلك فهو نافر في المقياس ونادر في الاستعمال.
الامرأة
ويدخلون «أل» التعريف على «امرأة»، فيقولون: «وكان موضوع خطبته المطالبة بحقوق الامرأة». والمنقول عن بلغاء العرب: استعمال امرئ وامرأة بغير أداة التعريف للتخفيف، وإدخالها على مرء ومرأة فقط.
يجعلنا أن نشعر
ويقولون: «يجعلنا أن نشعر بواجباتنا»، فيدخلون «أن» على مفعول «يجعل» الثاني. ولا يخفى أن الفعل «يجعل» هنا من أفعال التحويل، بمعنى يصير، وهو داخل على ما أصله مبتدأ وخبر، فالصواب ترك «أن». والتركيب نفسه سخيف يستغنى عنه بالقول: «يشعرنا واجباتنا» أو «بواجباتنا».
حمارة القيظ. صبارة البرد
ويقولون: «وقد قاسى ما لا يوصف من صبارة البرد وحمارة القيظ»، بتشديد باء «صبارة» وميم «حمارة»، وهو خطأ، صوابه: صبارة وحمارة بتشديد الراء في كل منهما ، وقد تستعملان براء مخففة. ومن الغريب أن بعضهم أصلحهما بتشديد الباء والميم، وهو خطأ.
انكمش
ويخطئون في استعمال الفعل «انكمش»، فيأتون به في كلامهم بمعنى: تقبض أو تقلص أو تشنج. والمستعمل من كمش بهذا المعنى إنما هو تكمش. أما انكمش، فمعناه: أسرع.
بعض المتعاصرين
وبعضهم يظنون أن مزيدات الأفعال كلها قياسية، فيأتون بما أرادوا منها متى شاؤوا بلا تثبت ولا تدبر، فيقولون: «روى بعض المتعاصرين». وقد سمع عن العرب: عاصره، أي: كان في عصره. أما تعاصر، فلم يسمع.
ضجة دوى لها البلد
ويقولون: «ضجة دوى لها البلد». والمسموع عن العرب «الدوي» لصوت الريح والنحل الطائر والرعد. وقالوا: «دوى الفحل» بتشديد الدال، إذا سمع لهديره دوي. ولكنهم لم يستعملوا دوي بهذا المعنى وجوز بعضهم استعماله مستشهدا بقول عنترة:
طرقت ديار كندة وهي تدوي
دوي الرعد من ركض الجياد
والله أعلم.
نساه بعضهم أو تناساه
ويخطئون في استعمال الفعل «نسي»، فيأتون به مفتوح العين في الماضي ويقولون: «نساه بعضهم أو تناساه». والصواب «نسيه» بكسر عينه في الماضي وفتحها في المضارع.
أصحاب العقول الرجيحة
ويصوغون من الفعل «رجح» صفة على فعيل، فيقولون: «أصحاب العقول الرجيحة»، ولم يرد في كتب اللغة. فالصواب أن يقال: «الراجحة».
كانت تكون لي مندوحة
ومن تراكيبهم العجيبة الغريبة قول بعضهم: «قد كانت تكون لي مندوحة في التزام الصمت». ولو اقتصر على الفعل الماضي وقال: «كان لي مندوحة ... إلخ» لوفى بالمراد وصان تركيبه من السخافة والابتذال.
ما كان أحوجنا في ذلك الموقف
ومن تعابيرهم المختلة المعتلة قول بعضهم: «ما كان أحوجنا لها في ذلك الموقف من أي موقف آخر». فإنه في أول الأمر أتى بكلمة «أحوج» أفعل تعجب، فبنى الجملة على هذا المعنى إلى الموقف، ولم يؤاخذ بسوى «لها» والصواب «إليها»، أي: ما كان أشد احتياجنا إليها في ذلك الموقف. ولكنه زاد عليها: «من أي موقف آخر»، فحول «أحوج» من أفعل تعجب إلى أفعل تفضيل، ونقل الكلام من صيغة الإنشاء إلى صيغة الخبر. ولعله أراد أن يرمي غرضين بسهم واحد فأخطأهما كليهما، وكان ما ترى من الخلط والخلل.
بقي أنه إذا أردنا التفضيل في تعبير كهذا، فالصواب أن نقول: «نحن في ذلك أحوج إليها منا في أي موقف آخر».
يهيمون في وديان الخيال
وتراهم يتركون «أفعلة» وغيرها مما يجمع عليه «واد»، ويأتون به جمعا على «فعلان»، فيقولون: «يهيمون في وديان الخيال». وهو خطأ، صوابه: أودية، وأوداء، وأوداة، وأوداية.
يغري النفس إلى الهوى
ويعدون الفعل «أغرى» ب«إلى»، كأنهم يقيسونه على شاقه وساقه، فيقولون: «يغري النفس إلى الهوى». والصواب أن يعدى ب«الباء»، فيقال: «يغري النفس بالهوى»، أي: يولعها به ويحضها عليه.
لكنني أجابه الواقع
ويقولون: «ولكني أجابه الواقع وجها لوجه»، أي: أقابل. فيستعملون «جابه» قياسا على عاين وواجه وشافه، ولكنه لم يسمع عن العرب. وإذا كان مراده بالمجابهة المقابلة جبهة لجبهة، كان قوله بعد ذلك «وجها لوجه» حشوا سخيفا.
ضغط عليه
ويقولون: «ضغط عليه»، أي: عصره وزحمه. فيعدونه ب«على» كأنهم يقيسونه على «شد» من قولهم: شد على العدو، أي: حمل عليه، أو على «شدد» من قولهم: شدد عليه في الأمر، أي ضيق. والصواب أن يتعدى بنفسه فيقال: ضغطه.
رمال قحلاء
ويقولون في كلامهم على أرض الحجاز: «بما يكتنفها من جبال جرداء ورمال قحلاء»، أي: قاحلة. ولم يسمع قط عن العرب «قحلاء» مؤنث أقحل، كجرداء مؤنث أجرد، وكأن هذا الخطأ من محاسن حب المحافظة على القافية!
لا سيما
ولا يخفى أن «لا سيما» مركبة من: «لا» النافية للجنس، و«سي» بمعنى مثل وهو اسمها، و«ما» الموصولة أو النكرة التامة أو الزائدة، والخبر محذوف، نحو: يعجبني التلاميذ ولا سيما التلميذ المجتهد،
5
وتلزمها الواو غالبا كما رأيت، فلا تستعمل بدونها إلا نادرا. ولكن بعض الكتاب - حتى المشهورين منهم - يجردونها من الواو ولا يقتصرون على «سيما»، فيقولون: «وتاهوا في بيداء الوهم سيما في إحصاء الأعداد»، و«الحيوانات العجم سيما المفترسة». وبحذف «لا» في الموضعين لم يحصل المراد من جعل ما بعد «لا سيما» أدخل في الحكم مما قبلها، فوقع الاختلال كما ترى .
فاخوري
ويستعملون «الفاخوري» لصانع الفخار وبائعه. وهو خطأ، صوابه: «الفخاري».
حوائج. عوائد
ويتركون المطرد المقيس من الجموع، ويعمدون إلى الشاذ النادر فيستعملونه. كما في «عوائد» جمع «عادة»، فإنه ورد شذوذا على خلاف القاعدة، وهو بالحقيقة جمع «عائدة» بمعنى: المعروف والصلة والمنفعة. وجمع «عادة» إنما هو: عاد وعيد وعادات، ك«ساحة»، جمعها: ساح وسوح وساحات. واختلف في تأويل: «عوائد» جمع «عادة»؛ فمن قائل أنها جمع لمفرد مهمل، وقائل أنها وردت على غير القياس، وقائل أنها جمع لمفرد مقدر على وزن فاعلة، أي عائدة. وهكذا قيل في «حوائج» جمع «حاجة»، كأنه جمع «حائجة». وكان الأصمعي ينكره ويقول إنه مولد. ومع ما في هذا الاستعمال من الشذوذ ومخالفة القاعدة، ترى أحد بلغاء الكتاب أولع بكلمة «عوائد» جمع «عادة»، فلم يستعمل غيرها قط في كتابه كله.
كثيرة أكثر من الأولى بكثير
ومن التراكيب السخيفة ذات اللفظ الكثير والمعنى القليل، قول بعضهم: «وصنائع كثيرة أكثر من الأولى بكثير». فقد جمع «كثيرة وأكثر وكثير» في ست كلمات! وكان في إمكانه أن يقول: «وصنائع أكثر جدا من الأولى».
أخطأ عن الصواب
ويعدون «أخطأ» ب«عن»، فيقولون: «أخطأ عن الصواب»، والصواب أن يعدى بنفسه.
تستعد النفس إلى تحصيلها
ويعدون الفعل «استعد» ب«إلى»، فيقولون: «تستعد النفس إلى تحصيلها»، والصواب أن يعدى باللام.
وإلا لنجح
ويزيدون اللام في جواب «أن» و«إذا» الشرطيتين، كما يزيدونها في جواب «لو» و«لولا» والقسم، فيقولون: «قصر لأنه لم يجتهد وإلا لنجح» و«فإذا سمعته ينشد لظننته يتلو كتابا». والصواب ترك اللام فيهما.
نسبه له. نماء
ويقولون: «هذا الشعر منسوب للمتنبي». فيعدون الفعل «نسب» باللام، وهو إنما يعدى ب«إلى» كعزا ونما، تقول: نسبه إليه، وهكذا عزاه ونماه.
يهتم في إحباط مساعيه
ويعدون الفعل «اهتم» ب«في»، فيقولون: «يهتم في إحباط مساعيهم». والصواب أن يعدى بالباء، يقال: اهتم له بالأمر، أي: عني به وأقدم عليه.
من جنوبي. من شرقي. من شمالي. في غربي
وتراهم عند إرادة التحديد وذكر الجهات الأربع يعدلون عن الموصوف إلى الصفة، فيقولون مثلا: هذه البلاد ممتدة من جنوبي آسيا، وتلك من شمالي البحر المتوسط، وهو من شرقي بلاد العرب، ويسكن في غربي العراق. والصواب بترك الياء المشددة في كل منها.
يتهافتون إلى المجتمعات
ويعدون «تهافت» ب«إلى»، فيقولون: «كانوا يتهافتون إلى المجتمعات». والصواب أن يعدى ب«على» كتهالك وتساقط.
هل ستزورني
ويدخلون السين على الفعل المضارع بعد «هل»، فيقولون: «هل ستزورني؟». والصواب ترك السين؛ لأن «هل» تصرف المضارع إلى الاستقبال، فيستغنى معها عن «السين» و«سوف».
اندهش. انذهل
ومما يخطئون في استعماله الفعلان «دهش» و«ذهل»، فإنهم يأتون بهما على وزن «انفعل»، ويقولون: اندهش وانذهل، واندهاش وانذهال. ولم يسمع قط شيء من هذا عن العرب. ففي الأول يقال: «دهش الرجل، أو دهش» على المجهول، و«دهشه وأدهشه» أي: جعله مدهوشا. وفي الثاني: «ذهل عن الشيء، وذهله»، و«أذهله عنه»، أي: جعله يذهله.
بؤساء
ويخطئون في جمع «بائس» أي: فقير سيئ الحال، فيقولون: «بؤساء». كأنهم يقيسونه على عقلاء وفضلاء وجهلاء، جمع عاقل وفاضل وجاهل. ولكن مجيء فعلاء جمعا لفاعل مما يسمع ولا يقاس، ولكنه يطرد جمعا لفعيل بمعنى الفاعل لما دل على سجية، نحو: كرماء وبخلاء، جمع كريم وبخيل، وبؤساء جمع بئيس بمعنى شجاع.
الأشقياء
ويقولون: «قبضت الحكومة على فلان الشقي» و«فلان من ذوي الشقاوة» و«هو من كبار الأشقياء». فيستعملون «الشقي» بمعنى المجرم أو الجاني، ويطلقون كلمة الأشقياء على القتلة واللصوص. والصحيح أن الشقي ذو الشقاء. والشقا والشقاء، والشقوة والشقاوة: الشدة والبؤس ونقيض السعادة.
لباب مصاصها
ويقول بعض المتحذلقين منهم: «فسموت إلى لباب مصاصها». فاللباب الخالص من كل شيء، وفيه غنى عن المصاص؛ لأنه علاوة على كونه بمعناه يفضل عليه في الاستعمال لأنه أدل على المعنى وأعذب لفظا.
مخارف ضفاف النيل
ومن غرائب الاستعمال، قول بعضهم: «في مخارف ضفاف النيل». وفسر المخارف بأنها «جمع مخرف، وهو المنتزه». أما كونها جمع «مخرف» فصحيح، وأما كون المخرف بالمعنى الذي فسره، فليس بصحيح؛ لأنه سكة بين صفي نخل. يخترف المخترف، أي : يجني الجاني ثمر النخل، من أيهما شاء. و«المخرف» أيضا: الطريق الواضح. وفي كلا المعنيين لا يصح استعمال المخارف بمعنى الحدائق والبساتين. بقي أن في قوله «المنتزه» خطأ يقع فيه كثيرون غيره من الكتاب؛ لأن الفعل «انتزه» لم يسمع عن العرب، وإنما قالوا: «تنزه». فمكان النزهة أو التنزه: متنزه.
دان. مدان
ويطلقون كلمة «مدان» على من يحاكم ويحكم عليه. وهو خطأ؛ لأن الفعل «أدان» لم يستعمل عند العرب إلا بمعنى أخذ الدين أو إعطائه، يقال: «أدان الرجل»، أخذ دينا، و«أدانه» أقرضه. فالصواب أن يقال: «مدين» من دانه، أي: حكم عليه وجزاه. والفعل «دان» من الأفعال الواردة في معان متضادة؛ يقال: «دانه وأدانه»، أي: أقرضه إلى أجل، فهو دائن ومدين، وذاك مدين ومديون ومدان. ويقال: «دان الرجل وأدان»، أي: استقرض، فهو دائن ومدين. أما تدين وادان واستدان، فبالمعنى الثاني.
يسوى
ويقولون: «اشتراه بجنيهين وهو بالحقيقة لا يسوى نصف جنيه»، أي: لا يعادل. فيستعملون سوي يسوى، بمعنى ساوى يساوي، ومنه قول الشاعر:
صببت علي العار حتى تركتني
ملاما لمن يسوى ومن لم يكن يسوى
وفي كتب اللغة أن استعمال «سوي» بمعنى ساوى لغة قليلة. قال الأزهري: «قولهم: «لا يسوى» ليس عربيا».
يطوف على
ويقولون: «إلى أن يطوف على قبائل العرب مستجديا الصدقات». فيعدون الفعل «طاف» ب«على»، وفي اللغة: طاف حول الشيء وبالشيء وطوف واستطاف: دار حوله. وطاف في البلاد وطوف: جال وسار. أما تعديته ب«على» فلم تسمع عن العرب.
ضحى ماله
ومن الخطأ الشائع بين الكتاب استعمال الفعل «ضحى» متعديا بنفسه، فيقولون: «ضحى ماله» و«لو أفضى الأمر إلى تضحيته نفسه». والصواب: بماله وبنفسه؛ لأن هذا الفعل لم يسمع متعديا بغير الباء.
فخر الفراعنة الأمجاد
ومما يكثر استعمالهم له على غير وجه صحيح صريح كلمة «أمجاد»، فإنهم يأتون بها وصفا ويقولون: «فخر الفراعنة الأمجاد» و«هو زينة الرجال الأمجاد». ولست أدري ولا هم يدرون المراد ب«أمجاد» في مثل هذا المقام، أهي جمع «مجد» مصدر مجد؟ ولكن المصدر من غير المرة والنوع لا يثنى ولا يجمع. والوصف بالمصدر كعدل وثقة سماعي خلافا لمن جعله مقيسا. أم هي جمع «مجيد»؟ وهذا نادر جدا. فأفعال أحد أوزان جمع القلة، وهو يختص بالموصوفات، فلا يجرى على الصفات إلا نادرا، كأجناب وأخشان جمع جنب وخشن، وأشراف وأيتام وأنجاب جمع شريف ويتيم ونجيب. والأكثر في «جنب» أن يلزم الإفراد والتذكير جاريا مجرى المصدر، ومنه القول:
وإن كنتم جنبا فاطهروا .
قارنه عليه
ومما يستعملونه على غير وجهه الفعل «قارن»، فهو في اللغة بمعنى «صاحب». يقال: «قارنه»، أي: صاحبه واقترن به. ومنه «المقارن»، أي: الصاحب والزوج والعشير. ولكنهم يستعملونه بمعنى عارض وقابل، فيقولون: «يظهر الفرق من مقارنته على غيره» و«لكنهم قارنوا بين شعره وعمره».
ضاهاها عليه
وهذا الخطأ نفسه يرتكبونه في الفعل «ضاهى»، ومعناه: شاكل وشابه، فيستعملونه بمعنى عارض وقابل. ويقولون: «ضاهى بين الخطين» و«ضاهى الترجمة على أصلها». وفي استعمالهم ل«عارض» و«قابل»، يرتكبون خطأ تعديتهما ب«على» و«بين» كما في تعدية قارن وضاهى. والصواب أن يعديا بالباء، فيقال: عارض الكتاب بالكتاب، وقابل هذا بذاك.
استغزروا بيانه. استنزروا أيامه
ومما يأتون به مخالفا للوضع ومحرفا عن معناه الأصلي قول بعضهم: «فاستنزروا أيامه، واستغزروا بيانه». أراد ب«استنزروا»، استقلوا. ولم يسمع عن العرب من «نزر» على وزن استفعل. وأراد ب«استغزروا»، استكثروا. فحوله عن معناه الأصلي في كتب اللغة؛ إذ يقال: «غازر الرجل، واستغزر»، وهب شيئا ليرد عليه أكثر مما أعطى.
أهدانا كتابا. أهدانا الله إلى سبيل الرشاد
ويقولون: «أهدانا كتابا». فيعدون «أهدى» بنفسه إلى مفعوله الأول، والصواب أن يعدى باللام أو ب«إلى»، فيقال: أهدى لنا أو إلينا كتابا. ومنهم من يرتكب في هذا الفعل خطأ آخر، فيستعمله بمعنى المجرد «هدى»، أي: أرشد. ويقول: «أهدانا الله إلى سبيل الرشاد».
يحتاجه الكاتب
ويعدون «احتاج» بنفسه، فيقولون: «إحراز جميع ما يحتاجه الكاتب». والصواب أن يعدى ب«إلى»، فيقال: يحتاج إليه.
أنف مجاراتهم. يستنكفه
ويقولون: «هذا أمر يستنكفه كل أبي النفس». والصواب أن يعدى ب «من»، فيقال: «يستنكف منه». ويرتكبون هذا الخطأ نفسه في الفعل «أنف»، فيقولون: «أنف مجاراتهم في هذا الأمر»، والصواب: «أنف من مجاراتهم».
مذلاج
ويقولون: «لشراء مذلاج لهذا الباب». ولم يسمع شيء من الفعل «ذلج» بالذال، سوى قولهم: «ذلج الماء» جرعه. فالصواب: «مزلاج» بالزال، من «زلج الباب» أغلقه بالمزلاج، ويقال له: «الزلاج» أيضا.
إلا وفزع، إلا وجزع
وتراهم يدخلون الواو على الجملة الماضوية الواقعة حالا بعد «إلا»، فيقولون: «ما مر به طير إلا وفزع، ولا نبحه كلب إلا وجزع»، وهو من نوادر الاستعمال حتى في الشعر.
يناقض نحيزته
ومن أدلة شدة ولوعهم بالحوشي الغريب، قول بعضهم: «فيخالف غريزته ويناقض نحيزته»، أي: طبيعته. وللطبيعة مرادفات كثيرة لعل «نحيزة» أغمضها وأخفاها، حتى على خاصة الخاصة. وإتيانه بالسجعة الثانية بعد قوله: «يخالف غريزته» لغو ظاهر. ومثل هذا قوله: «وقم الحزم» بعد قوله «وهي العزم».
ليوم تسريحه من السجن
ويقولون: «وفي اليوم التالي ليوم تسريحه من السجن»، أي: لإطلاقه وتخلية سبيله، فكأنهم أخذوه من «سرح الراعي ماشيته» أو من «سرح الرجل زوجته» إذا طلقها، وكلاهما غريب. ولماذا لا نستعمل الإطلاق من «أطلق الأسير» إذا خلى سبيله، وهو أوضح وأدل على المعنى المراد.
تصامم
ويقولون: «تصامم عن سماع كلامه»، أي: أرى أنه أصم. وهو خطأ، صوابه: «تصام» بالإدغام.
حتى إذا أفجر
ومن شواهد إمعانهم في التعمية والإغراب ومخالفة المألوف المأنوس، قول بعضهم: «حتى إذا أفجر وعاد إلى رشده»، من قولهم: «أفجر الرجل» إذا أدركه الفجر. ولكنه من أخفى معاني هذا الفعل على القراء. وأقرب منه: «أفجر الرجل»، ك«فجر» إذا كذب وكفر ومال عن الحق وسلك سبيل الفجور. ولو أنه قال: «حتى إذا أصبح»، لوفى بالمراد من أسهل السبل وأوضحها.
فوردت سجل العناء
ومن هذا القبيل قولهم: «فوردت سجل العناء». ولعل صاحب هذا القول نفسه يعجز عن معرفة المراد بكلمة «سجل» هنا.
رق ماؤها
ويقولون: «وكأنه ينظر في مرآة رق ماؤها» و«وقف بها على منهل رق ماؤه».
و«ولكن رق ماء الخد حتى
أراك خيال أهداب الجفون»
فيستعملون «رق» بمعنى راق وصفا وخلص من الأكدار والشوائب، وهو غير صحيح.
يرئس الحفلة. رئاسة
ويقولون: «دعي ... لكي يرئس الحفلة» و«افتتحت الحفلة برئاسة فلان». فيكسرون عين الفعل «رأس» في المضارع ويأتون بمصدره على وزن فعالة، والصواب أن يكون المضارع مفتوح العين والمصدر على فعالة. تقول: رأس القوم، يرأسهم رآسة.
تحت ضغط الظروف الحاضرة
ويقولون: «تحت ضغط الظروف الحاضرة». فيستعملون «ظروف» جمع «ظرف» بمعنى «أحوال» جمع «حال»، أو «حالات» جمع «حالة». ولم يسمع شيء من هذا عن العرب.
وفت مطالب الغرماء
ويقولون: «فوفت مطالب الغرماء». والصواب: «مطاليب» جمع «مطلوب» اسم مفعول، وما يطلب من حق وغيره. وقد مر الكلام على خطأ استعمال «وفى» متعديا بنفسه بمعنى أوفى ووفى.
أرمل
ويقولون: «فألقت في روعها أنها أرمل» و«فلبثت بعده أرملا». والصواب: أرملة. ولعل قائلها قاسها على أربع؟!
كنتراتو
ويكثر في أيامنا هذه استعمال كلمة «كنتراتو» معربة عن الأجنبية، فتطلق على كل صك أو عقد يكتب بين اثنين فأكثر على عمل أيا كان، ولا سيما الأعمال المعروفة بالمقاولات. وفي اللغة كلمة تتضمن هذا المعنى، وفي استعمالها غنى عن «الكنتراتو»، وهي: «القبالة». قال الزمخشري: «كل من تقبل بشيء مقاطعة وكتب عليه بذلك كتابا، فالكتاب الذي يكتب هو: القبالة (بفتح القاف)، والعمل: قبالة (بكسرها)». ومنه قولهم: «قبله العمل، فتقبله»، أي: ألزمه إياه فالتزمه. أما «قبالة» بضم القاف فبمعنى «تجاه»، يقال: جلس قبالته، أي: تجاهه.
قيم
وتراهم كلما أرادوا وصف شيء أيا كان بأنه نفيس، يعمدون إلى كلمة «قيم»، فيستعملونها زاعمين أن معناها «ذو قيمة»، فيقولون: «كتاب قيم» و«مقالة قيمة»، فالقيمي ذو القيمة. أما القيم في اللغة فهو المستقيم. وبهذا المعنى ورد في القرآن الشريف في سورة التوبة وغيرها وصفا للدين، وفي سورة الكهف وصفا للقرآن نفسه. وقيم المرأة زوجها. والقيم على الأمر: متوليه وحافظه. قال صاحب لسان العرب: «أمر قيم مستقيم. وفي الحديث: «أتاني ملك، فقال: أنت قيم وخلقك قيم» أي مستقيم. وفي الحديث: «ذلك الدين القيم» أي: المستقيم الذي لا زيغ فيه ولا ميل عن الحق، وقوله تعالى:
فيها كتب قيمة
أي: مستقيمة تبين الحق من الباطل». ولو سلمنا أن معنى «القيم» ذو القيمة، لما وجدنا فيه ما يدل على أقل تكريم أو تشريف للشيء الذي يغالون به، فكل شيء تقريبا ذو قيمة قلت أو كثرت. وإذا أريد تمييز شيء بالنفاسة لم يكف القول فيه أنه ذو قيمة، بل وجب أن يقال: ذو قيمة غالية، أو غالي القيمة، أو نفيس، أو كريم. هذا ووصف الشيء الغالي القيمة بالكريم شائع مستفيض في كلام العرب. وقد يطلق من كل شيء على أحسنه. وقيل الكريم صفة ما يرضي ويحمد في بابه، يقال: «رزق كريم» أي: كثير، و«قول كريم» أي: سهل لين، و«وجه كريم» أي: مرض في حسنه وجماله، و«كتاب كريم» أي: مرض في معانيه وجزالة ألفاظه وفوائده.
وجد عليه
ويقولون: «وبلغه خبر منعاه، فوجد عليه موجدته وأقام على حزنه». فيستعملون «وجد عليه» بمعنى حزن، وهو خطأ، صوابه: «وجد به»، يقال: «وجد به وجدا»، حزن، و«وجد به»، أحبه. أما المستعمل بمعنى «غضب» فهو وجد عليه وجدا وجدة وموجدة ووجدانا. هذا ولا يخفى أن النعي والنعي والنعيان والمنعي والمنعاة، كلها بمعنى: خبر الموت. إذا قوله: «خبر منعاه» حشو وتطويل.
يرتاب في أمره
ويقولون: «وليس في القرية من يرتاب في أمره». فإن كان المراد بالارتياب الشك، وجب أن يعدى ب«من»، فيقال: «ارتاب منه»، وإن كان المراد التهمة والخوف، فبالباء. فيقال: «ارتاب به واستراب»، أي: اتهمه ورأى منه ما يريبه.
تنحي عليه
ومن تعابيرهم الغريبة قول بعضهم: «فلذلك تنحي عليه وهو صغير». ومراده بالفعل «تنحي عليه» - كما يتضح من قرينة الكلام - تقضي عليه أو تقتله. أي أن الذئبة تقتل الجرو الذي تلده من كلب وهو صغير. ولكن الفعل «أنحى» لا يفيد هذا المعنى. قالوا: «أنحى له السلاح» ضربه به، و«أنحى عليه بالسيف أو السوط» أقبل عليه. و«أنحى فلان على فلان ضربا» أقبل. هذا كله قالوه، ولكنهم لم يقولوا: «أنحى عليه» قتله .
تغامزن عليه بالعيون
ويقولون: «فتغامزن عليه بالعيون». وهل يكون التغامز بغير العيون؟! قالوا: «تغامز القوم» أشار بعضهم إلى بعض بأعينهم. ومنه في سورة المطففين: {وإذا مروا بهم يتغامزون}. إذا لا حاجة لذكر العيون بعد التغامز.
أعطاه إلى إحدى بنتيه
ويقولون: «فأعطاه إلى إحدى بنتيه». ولا يخفى أن الفعل «أعطى» مما ينصب مفعولين. وقد يعدى أولهما باللام عند مخالفة الترتيب وتقديم الثاني عليه كما في المثال. فالصواب أن يقال: أعطاه إحدى بنتيه أو لإحدى بنتيه.
وانطلى عليها خداع صاحب المنزل
ويقولون: «وانطلى عليها خداع صاحب المنزل»، أي: راج وجاز. و«طلى عليه المحال»، أي: زوره ولبسه. وفي كتب اللغة: «طلى البعير الهناء وبالهناء»، أي: القطران، و«طلاه» لطخه به، فتطلى واطلى. ولم يسمع انفعل من هذا الفعل، فلهم غنى عنه باستعمال جاز وراج من اللازم، وجوز وروج وموه ولبس وزور من المتعدي.
وكان ذلك غب سماء
ومما يخطئون في استعماله كلمة «غب» التي بمعنى عاقبة الشيء، فيستعملونها بمعنى: بعد، كقول بعضهم: «وكان ذلك غب سماء» أي: بعد مطر. والمطر من أبعد معاني السماء عن ذهن القارئ.
تسحف بجسمها
ومن شواهد ما يرتكبونه من التحريف والتحشية، قول بعضهم: «فترامت تسحف بجسمها على بلاط». وهو تحريف «زحف» بالزاي، أي: دب. وقوله: «بجسمها» لغو كما لا يخفى أو هو من قبيل يتغامزن بالعيون.
أسبهل في الطريق
ومن ذلك: قول بعضهم: «لمحني أسبهل في الطريق»، وفسر هذه الكلمة الحوشية الوحشية بقوله: «سبهل، أي: أقبل في الطريق لغير شيء». ولقد فتشت عن «سبهل يسبهل» في كتب اللغة، فلم أجد سوى «سبهلل» وزان سفرجل، قالوا: جاء الرجل سبهللا، أي: غير مكترث لشيء. ويقال: هو يمشي سبهللا، أي: يجيء ويذهب في غير شيء. إذا سبهلل غير سبهل. ولو قال: «أتردد» أو «أروح وأجيء» لاستراح وأراح القراء من هذا الاستعمال الجاف الخشن.
منكبيها الصغيرتين
ويقولون: «وتقع جميع المشاق على منكبيها الصغيرتين». والمنكبان مثنى «منكب» مجتمع رأس الكتف والعضد، وهو مذكر، وتأنيثه خطأ. أما الكتف فمؤنثة.
حماس
ويقولون: «وكانت الحفلة مملوءة بمظاهر الحماس». فيستعملون «الحماس» مصدرا، وهو خطأ صوابه «حماسة».
تقطب وجه سامعه
ويقولون: «وما كاد ينتهي من قوله حتى تقطب وجه سامعه». وفي كتب اللغة: قطب وقطب، زوى ما بين عينيه وكلح. أما قطب، فلم يسمع عن العرب، ولا حاجة لاستعمال الوجه بعد قطب ولا بعد قطب.
أحمل له ضب الضغن
ومن شواهد شدة تجافيهم عن المألوف المأنوس إلى الحوشي المهجور، قول بعضهم: «واحمل له ضب الضغن». وكأني به ما صدق أن التقطه من قول ربيعة بن مقدوم الضبي:
وكم من حامل لي ضب ضغن
بعيد قلبه حلو اللسان
حتى اتخذه الأداة الوحيدة للتعبير عن الغيظ والغل والحقد والحنق. فالضب الغيظ والحقد. والضغن والضغينة الغل والحقد. إذا الكلمتان بمعنى واحد، وإضافة أحدهما إلى الآخر لغو. وإن جاز استعمالها لشاعر مخضرم، لم يجز قط لناثر في هذه الأيام.
يتحرش بي
ويقولون: «وجعل يتحرش بي» أي: يتعرض ويتحكك، وفي كتب اللغة: حرش الضب واحترشه، صاده. وحرش بين القوم أغرى بعضهم ببعض. وأما تحرش فلم يسمع إلا في ديوان ابن الفارض. قال في تائيته الصغرى يصف الصبا: «لها بأعيشاب الحجاز تحرش». وقال في فائيته المشهورة: «ولقد أقول لمن تحرش بالهوى».
من أهل التشطر
ويقولون: «رجل من أهل التشطر». وقرينة الكلام تدل على أنه يراد بالتشطر الشر والفساد. وفي اللغة: شطر شطارة كان شاطرا، أي خبيثا. وشطر الشيء، جعله شطرين. وشطره، نصفه. وشاطره، ناصفه. ولكن لم يسمع عنهم «تشطر».
أدراج الدولاب
ويقولون: «سمع صريرا بأدراج الدولاب». يريدون بالدولاب ما تحفظ به الثياب وغيرها، وهو عامي. ويحسن أن تستبدل بها كلمة «صوان» جمعها: أصونة.
ما هي إلا أن
ومما يولد السآمة والضجر في نفوس القراء كثرة تكرار الكتاب لبعض التعابير التي يطالعونها في كتب بلغاء العرب، فتروقهم ويولعون باستعمالها ولا يتحولون عنها. طالعت بالأمس قصة في كتيب، فإذا بالتعبير: «وإنه ليفعل كذا إذ كذا» مكرر نحو عشرين مرة. والتعبير: «وما هي إلا أن» نحو خمس عشرة مرة. وتعابير أخرى غيرهما لا يقل تكرار أحدها عن خمس مرات. وليس لهذا كله أقل مسوغ ما دامت اللغة غنية بالتعابير عن هذه المعاني وغيرها.
عمرت دهرا
ومما يدلك على شدة كلفهم في هذه الأيام بطنطنة الألفاظ واقتصارهم على سوقها متراكمة متراكبة من غير أقل عناية بالتمحيص والتدقيق، قول بعضهم في قصيدة يرثي بها فقيدا كبيرا: «لئن تك قد عمرت دهرا»، فإن الدهر سواء أريد به الزمان الطويل أو ألف سنة، لا يصح بوجه من الوجوه أن يوصف به عمر الفقيد في معرض تأبينه والتأسف عليه، وإنما يجوز ذلك عند محاولة تعزية أهله عنه بجعله من الأسباب التي تجمل صبرهم على فقيدهم.
خلائق أربع
وقال في عجز البيت نفسه: «خلائق أربع»، ثم أبان هذه الخلائق الأربع في صدر البيت الذي بعده بقوله: «مضاء وإقدام وحزم وعزمة». ولا يخفى، أن المضاء والحزم والعزمة واحد، إذا يكون قد ذكر من الخلائق الأربع اثنتين فقط.
ينوه في العلى
وما جنته عليه القافية «أربع» في البيت المشار إليه جناه عليه الوزن في بيت آخر واضطره إلى ذكر «العلى» في قوله: «رحمت فما جاه ينوه في العلى» لمجرد استقامة الوزن فجاء حشوا؛ لأن التنويه - أي رفع الذكر والمدح والتعظيم - لا حاجة معه إلى العلى. ويلاحظ أيضا أن الجاه ليس مما ينوه بصاحبه، بل هو مما ينوه به لصاحبه.
كرة
ومن يدري مراده بكلمة «كرة» في صدري بيتين حيث قال في أولهما: «ففي كرة من لحظه وهو عابس»، وفي الثاني: «وفي كرة من لحظه وهو باسم». فإن أراد بها مخففة بمعنى كل جسم مستدير لم يكن هذا محلها، وإذا أرادها مشددة بمعنى الحملة في القتال وهو الأرجح، استقام معناها في البيت الأول ولم يلائم معنى البيت الثاني. ونسبتها في كلا البيتين إلى «لحظه» نابية نافرة.
شاكي العزيمة
ولينظر القارئ في البيت التالي من هذه القصيدة:
فما أغلب شاكي العزيمة أروع
يصارعه في الغاب أغلب أروع
وليقل لي ماذا يرى فيه سوى طنطنة الألفاظ! إذ اللب المستفاد من هذه القشور كلها هو: «ما أسد يصارع أسدا». وما كان الأسد ليوصف بشاكي العزيمة بل بماضي العزيمة مثلا. وليس لذكر الغاب في هذا البيت من داع؛ لأن المعروف أن مصارعة الأسود لا تكون في الشوارع والطرقات بل في الآجام والغابات.
نفسا طموحة
وقال فيها: «فالفيت مل الثوب نفسا طموحة». جاعلا طموحة مؤنث طموح، صفة من «طمح». والمسموع عن العرب طامح فقط. نعم قالوا: طموح، بضم الطاء، ولكنه مصدر لا صفة. وهبهم قالوا: طموح بفتح الطاء بمعنى طامح، فكان حق الناظم أن يقول: نفسا طموحا لا طموحة؛ لأن فعولا بمعنى الفاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث مع ذكر الموصوف. ولو قال: نفسا طموحا، لاختل الوزن.
في الضلالة أوضعوا
وقال في عجز أحد الأبيات: «وكانوا أناسا في الضلالة أوضعوا». ولعله أراد أن هؤلاء الناس ركبوا متن الضلال وأوضعوا ركابهم، أي أرهقوها وحملوها على الإسراع، والله أعلم.
لو تناجوا بنجوة
وقال في صدر بيت آخر: «فخافوك حتى لو تناجوا بنجوة». ولعل جناس الاشتقاق حمله على هذا التعبير الغامض الخفي. فالتناجي: التسار أو المسارة. والنجوة: ما ارتفع من الأرض. ولماذا قيد المسارة بالهضبة وحقها أن تكون بالوهدة أو الهوة؟
اصطلح
ويستعملون الفعل «اصطلح» للتعبير عن استقامة الأمر وزوال فساده، فيقولون: «لا يرجى اصطلاحه بعدما طال عهد فساده» و«لا يصطلح الشرق إلا بمستبد عادل». ولم يرد «اصطلح» في كتب اللغة إلا بمعنى يناقض «اختصم». يقال: تصالحا واصطلحا خلاف تخاصما واختصما.
قدره حق قدره
ويقولون: «قدره حق قدره». فيستعملون «قدر» المزيد، والصواب أن يستعمل «قدر» المجرد، ومنه في سورة الزمر:
وما قدروا الله حق قدره ، أي: ما عظموه حق تعظيمه.
لا تعرف الكلل
ويقولون: «وهو لا يزال يسعى بهمة لا تعرف الكلل». ولم يسمع «الكلل» مصدر «كل» بمعنى تعب وأعيا. وله عدة مصادر أشهرها: كلال وكلول وكلالة.
رحوم. غفور
ويقولون: «إنه غفور رحوم». والوصف من الفعل «رحم» هو: راحم ورحيم ورحمن، والأخير من الأسماء الحسنى، فلا يجوز أن يسمى به غيره تعالى وهو يستعمل صفة له، نحو: «بسم الله الرحمن الرحيم»، أو موصوفا نحو:
الرحمن على العرش استوى . أما «رحوم»، فلم يسمع من هذا الفعل.
ما إذا كان
ويقولون: «لنعلم ما إذا كان يصح القول». وهذا من التراكيب التي لا وجه لها على الإطلاق. والصواب أن يقال: «لنعلم هل يصح القول». راجع الكلام على قولهم إن كان.
جرد لونه
ويقولون: «بهت رواؤه» و«جرد لونه» بمعنى: ضعف أو ذهب. وكلاهما خطأ لا صحة له. والصواب أن يقال: حال أو نفض أو نصل.
رجال إسناده ثقاة
ويقولون: «ورجال إسناده ثقاة». فيأتون بكلمة «ثقاة» مجموعة جمع تكسير كقضاة ونحاة. وكأنهم يحسبونها جمع «ثاق». وهي جمع «ثقة» مصدر وثق. فالصواب أن تكتب هكذا: «ثقات».
جمع الكثرة
ويقولون: «ثلثة حروف علة» و«أربعة سطور» و«خمسة شهور» و«ستة نفوس» وغير ذلك مما يأتون فيه بجمع الكثرة. والمقام يقتضي جمع القلة بقرينة العدد. نعم إنه قد يتعاكس الجمعان في الاستعمال إذا لم يكن لأحدها الصيغة التي يستحقها، فيستعمل جمع القلة للكثرة ك«أرجل»؛ إذ ليس له صيغة أخرى تدل على الكثرة. ويستعمل جمع الكثرة للقلة ك«رجال»؛ لأنه ليس له صيغة أخرى تدل على القلة. وأما إذا كانت له الصيغتان: كأحرف وحروف، وأسطر وسطور، وأشهر وشهور، وأنفس ونفوس، فيجب استعمال كل واحد منهما في موضعها.
بلا تكلف إلى منعه
ويقولون: «بلا تكلف إلى منعه». فيعدون «تكلف» ب«إلى»، وهو يتعدى بنفسه. يقال: تكلف الأمر، أي: تجشمه وتحمله على مشقة. فالصواب أن يقال: «بلا تكلف منعه» أو «بلا تكلف لمنعه»، وتكون اللام للتقوية. أما استعمال «إلى» بعد «كلف» في قولهم: «كلفني إليك عرق القربة» - وفي رواية علق القربة - فعلى تقدير: كلفت نفسي في سبيل الوصول إليك عرق القربة.
فض النزاع
ويقولون: «يسعى لفض النزاع» و«صالحهم فض الخلاف الذي بينهم». ولا يصح استعمال الفعل «فض» ومصدره بهذا المعنى إلا بعد تكلف التأويل والتوجيه، كأن يستعار من «فض الشيء» إذا كسره متفرقا. ولكن يسهل جدا الاستغناء عنهما باستعمال الحسم والفصل والإزالة ونحوها.
لا محرك إليه
ومن غرائب الاستعمال، قول بعضهم: «حيث لا محرك إليه». أراد بالمحرك، الداعي إلى الشيء أو الباعث عليه، وهو غريب جدا.
السفاسف الهجينة
ويقولون: «أن تشان منظوماتهم بتلك السفاسف الهجينة». يريدون المستهجنة، أي المستقبحة. ولم يرد الهجين بمعنى المستهجنة.
الصحيفة الخامسة
ويقولون: «انظر الصحيفة الخامسة من الكتاب». وهو خطأ، صوابه: الصفحة. وهي من كل شيء وجهه وجانبه، ومن الكتاب أحد وجهي الصحيفة. أما الصحيفة فهي الورقة المكتوبة بوجهيها، وتطلق في هذه الأيام - كالجريدة - على ما يطبع وينشر محتويا الأنباء المحلية والسياسية وغيرها. جمعها: صحائف وصحف، والجمع الأخير نادر لم يسمع منه سوى أسماء قليلة منها: صحف وجزر وسفن ومدن، جمع صحيفة وجزيرة وسفينة ومدينة.
التحوير
ومما كلف الكتاب باستعماله بلا تثبت ولا تدقيق: التحوير مصدر حور، فيطلقونه على كل ما يراد به التنقيح والتهذيب أو التغيير والتبديل في نصوص المعاهدات والأحكام وغيرها. وليس في كتب اللغة ما يسوغ استعمال التحوير بهذا المعنى، فقد قالوا: حور القرص، هيأه وأداره، والشيء بيضه كحاره.
الانتقاص معها
ويقولون: «ولا يستطيع رجل القانون الانتقاص منها»، والصواب: انتقاصها؛ لأن الفعل «انتقص» كنقص، يتعدى بنفسه إلى مفعوله، وكلاهما قد يتعدى إلى مفعولين نحو: «نقصته حقه» و«انتقصته إياه».
الداء والدواء
ويقولون: «ومن عجب أن الداء والدواء جمعها أدواء»، فالداء جمعه أدواء كما قالوا، أما الدواء فجمعه أدوية، لا أدواء.
6
العدد المعدود
وكثيرا ما يخطئون في استعمال العدد والمعدود، فيأتون بالعدد مؤنثا حيث يجب تذكيره، ومذكرا حيث يجب تأنيثه. فيقولون: «أربعة سنين» و«خمسة عشر ساعة» و«سبع أشهر» و«ثماني عشرة يوما» و«السنة الرابعة عشر»، والصواب «أربع سنين» و«خمس عشرة ساعة» و«سبعة أشهر» و«ثمانية عشر يوما» و«السنة الرابعة عشرة». وقاعدته: أن العدد المفرد من ثلثة إلى عشرة يخالف المعدود، فيكون بالتاء مع المعدود المذكر وبلا تاء مع المعدود المؤنث. ويجري العدد المفرد هذا المجرى في العدد المعطوف وكذلك في العدد المركب، فإن الآحاد فيه تخالف المعدود، وأما العشرة فتوافقه أي تلحقها التاء مع المؤنث، وتتجرد منها مع المذكر بعكس ما قبلها من الآحاد. وما صيغ منه على وزن «فاعل» يطابق صاحبه في التذكير والتأنيث لأنه وصف له.
العدد المعرف ب«أل»
ومن هذا القبيل خطؤهم في استعمال العدد المعرف ب«أل»، فإنهم يضيفونه تارة إلى المعدود المجرد منها وطورا إلى المعدود المعرف بها، وفي المتعاطفين يكتفون بإدخالها على الأول منهما، فيقولون: «أعطيته الستة كتب» و«أخذت السبعة الأقلام» و«قبضت التسعة وعشرين جنيها». والصواب أن يدخل حرف التعريف على العدد إن كان مفردا غير مفسر كالواحد والاثنين والثلاثة إلى العشرة، أو مفسرا بتمييز وهو المعدود، نحو: الستة كتبا، والعشرين درهما. وعلى المعدود إن كان مضافا إليه، نحو: سبعة الأقلام.
7
وعلى الجزء الأول إن كان مركبا، نحو: الأربعة عشر يوما، وعلى كلا المتعاطفين إن كان معطوفا، نحو: التسعة والعشرين جنيها. وأما نحو: خمس مئة درهم، وسبعة آلاف دينار، فيجوز فيه تعريف المعدود فقط، وهو الأكثر نحو: ما فعلت بخمس مئة الدرهم. ويجوز تعريف الجزء الأول فقط مميزا بالثاني المضاف إلى المعدود، نحو: أين السبعة آلاف دينار.
أسلس من شماسها
ويقولون: «أسلس من شماسها». فيستعملون «أسلس» بمعنى دمث ولين. وفي كتب اللغة «السلس» السهل اللين المنقاد، ومنه السلاسة. وسلاسة اللفظ: رقته وانسجامه، أما «أسلس» فلم يرد قط بهذا المعنى.
اضطره على الذهاب
ويعدون الفعل «اضطر» ب«على»، فيقولون: «اضطره على الذهاب». والصواب أن يعدى ب«إلى»، يقال: اضطره إليه، أحوجه وألجأه، فاضطر هو بصيغة المجهول، أي: ألجئ واحتاج.
رغما عنه
ويتصرفون في كلمة «رغم» تصرفا يخرجها عن المحفوظ والمنقول فيقولون: «فعلته بالرغم منه» و«رغما عنه» و«وبالرغم عنه». والمسموع في استعمالها عن العرب قولهم: «فعلت ذلك على رغم أنفه، وعلى رغمه، وعلى الرغم منه». و«الرغم» بفتح الراء وضمتها وكسرها: الكره. وكثيرا ما يستعملون «الرغم» حيث لا معنى له. فيقولون: «فأعرضت عنه على رغم محبتها»، فليس «للرغم» أو للكره محل في هذا التعبير. والصواب أن يقال: «مع محبتها له» أو «على محبتها له».
شكر على فضله
ومن هذا القبيل تصرفهم في الفعل «شكر». فتارة يقولون: «شكرت له على فضله»، وطورا: «شكرت لفضله»، وطورا آخر: «شكرت له لما تفضل به علي». وهذه الصور كلها تخالف المنقول عن العرب في استعمال هذا الفعل. وخلاصته أن يعدى باللام إلى المشكور له، أي صاحب الفضل، وبنفسه إلى المشكور به، أي الفضل. فتقول: «شكرت للرجل فضله». ويجوز حذف أحدهما، فتقول: «شكرت للرجل وشكرت فضل الرجل». وإن قلت: «شكرت الرجل» فعلى تقدير مضاف محذوف، أي فضل الرجل. وأما تعديته إلى المشكور به ب«على» في قولهم: «شكرته على فضله»، ف«على» تضمين الفعل «شكر» معنى الفعل «حمد»، وحينئذ يمتنع دخول اللام على المشكور له كما ترى.
مشغفين بالشعر
ويقولون: «كانوا منذ القديم مشغفين بالشعر» أي: هائمين به. ولم يسمع من هذا الفعل سوى المجرد. فالصواب «مشغوفين».
ذيول الانخذال. انخذل
ويقولون: «ورجعوا يجرون ذيول الخيبة والانخذال». ولم ينقل عن العرب استعمال «انفعل» من المجرد «خذل». فقد قالوا: خذله وخذل عنه وخاذله، أي: أسلمه وخيبه ولم ينصره. ولكنهم لم يقولوا: «انخذل» بمعنى خاب أو فشل.
اندحار العدو
ومن هذا القبيل قولهم: «وانتهت المعركة باندحار جيش العدو». فإنهم يبنون «اندحر» من «دحر» قياسا على قول العرب: كسره فانكسر، وهزمه فانهزم. ولكن أفعال المطاوعة مما يسمع ويحفظ ولا يقاس عليه كما سبق الكلام غير مرة. فلم يسمع اندحر من دحر، ولا انغلب من غلب.
أفعل التفضيل المعروف بال. والأعجب من ذاك
ومما يستعملونه على خلاف القواعد قولهم: «والأعجب من ذلك نسيانه» و«هو الأفضل من كل شيء». وفي كتب النحو نص صريح على أن «أل» و«من» لا يجتمعان هما وأفعل التفضيل. فالصواب أن يحذف أحدهما ويقال: «والأعجب نسيانه» أو «وأعجب من ذلك نسيانه»، وقس عليه.
الطريقة الأسهل
ومن هذا القبيل قولهم: «وهي الطريقة الأسهل» و«الجهة الأقرب». والصواب: الطريقة السهلى والجهة القربى؛ لأن أفعل التفضيل متى دخلته «أل» وجب أن يطابق من هو له في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع. فإن أضيف إلى معرفة جاز فيه الوجهان : المطابقة وعدمها.
للزعم بوجوده
ويقولون: «فلا سبيل للزعم بوجوده». ولا يخفى أن «زعم» من الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. وإذا تعدى بالباء كان بمعنى «كفل». يقال: «زعم به» أي: كفل به. ومنه الزعيم للكفيل. وزعيم القوم سيدهم ورئيسهم. فالصواب أن يقال: «فلا سبيل لزعم وجوده». والتركيب نفسه غريب غير فصيح.
أحمر يقق
ومما يستعملونه بلا تثبت ولا تدقيق قولهم: «أحمر يقق». وهو من «يق الشيء» أي ابيض. فهو إذا وصف للأبيض فقط. يقال: «أبيض يقق» بفتح القاف الأولى وكسرها، أي شديد البياض. ويقال على سبيل التخصيص: أحمر قانئ وقراص ويانع، وأخضر حانئ، وأصفر فاقع، وأسود حالك وحلكم. «والميم زائدة كما في الزرقم للشديد الزرقة والفسحم للكثير السعة». أما الناصع فهو الخالص الصافي من كل شيء. فتقول: أبيض ناصع، وأحمر ناصع، وأصفر ناصع. وبعضهم جعل الفاقع كالناصع، أي لكل لون خالص صاف، والمشهور أنه صفة للأصفر كما مر.
8
العدو الأزرق. العدو اللدود. الموت الأحمر
ويقولون: «هو عدوي اللدود» وهو «من ألد أعدائي». فيستعملون «اللدود» بمعنى الشديد العداوة. والمنقول عن العرب: خصم لدود، أي: شديد الخصومة. من الفعل «لده» أي: خصمه أو شدد خصومته، فهو لد ولاد ولدود. أما العدو فوصفوه بالزرقة، وقالوا: العدو الأزرق، أي الشديد العداوة. ولهذا الوصف تعليل لا محل لاستيفائه هنا. ووصفوا الموت بالحمرة، فقالوا: الموت الأحمر، أي الشديد، أو هو القتل كناية عن سفك الدم. وفصلوا في ذلك فقالوا: الموت الأحمر أن يقتل بالسيف، والموت الأسود أن يخنق حتى يموت، والموت الأبيض أن يموت حتف أنفه.
كانت المعلقات ثماني
ومما يخطئون في استعماله محجة الصواب كلمة ثمان مؤنث ثمانية، فيمنعونها من الصرف متوهمين أنها مجموعة على صيغة الجمع الأقصى ويقولون: «فكانت المعلقات ثماني». والصواب: ثمانيا؛ لأنها اسم مفرد وليست جمعا سواء صح أنها منسوبة إلى الثمن، كيمان إلى اليمن، أم لم يصح.
روض يانع
ومن ذلك خطؤهم في استعمال «يانع» فإنهم يطلقونه وصفا للروض والغصن والزهر، فيقولون: روض يانع، وأغصان يانعة، وزهر يانع. وفي كتب اللغة إنما يستعمل «ينع» للثمر بمعنى نضج. يقال: ينع الثمر، ينعا وينوعا، أي: أدرك وطاب وحان قطافه، فهو يانع وينيع. وأينع بمعنى ينع، وهو أكثر استعمالا منه.
عابه على فعله
ويقولون: «ولقد عابه بعضهم على قلة تدقيقه». وفي كتب اللغة: عاب الشيء، جعله ذا عيب. ومنه في سورة الكهف:
فأردت أن أعيبها ، يعني السفينة. قال أبو الهيثم في تفسير أعيبها: «أي أجعلها ذات عيب». فالوجه أن يقال: «عاب عليه فعله» لا «عابه على فعله». كما يقال: «أنكر عليه فعله» و«نقم منه فعله»، أي عابه. وأما قول الشاعر:
أنا الرجل الذي قد عبتموه
وما فيه لعياب معاب
فعلى تقدير مضاف، أي: عبتم فعله.
السنة الفرق بينهما وبين العام. مئات من الأعوام
ويقولون: «مضى عليه مئات من الأعوام». والصواب أن يقال: «مئات من السنين». قال ابن الجواليقي البغدادي: «ولا يفرق عوام الناس بين العام والسنة ويجعلونهما بمعنى. فيقولون لمن سافر في وقت من السنة أي وقت كان إلى مثله عام، وهو غلط. والصواب ما أخبرت به عن أحمد بن يحيى قال: «السنة من أي يوم عددته إلى مثله. والعام لا يكون إلا شتاء وصيفا». وقال أبو منصور الأزهري في التهذيب: «العام، حول يأتي على شتوة وصيفة، فهو أخص من السنة. فكل عام سنة وليس كل سنة عاما». وإذا عددت من يوم إلى مثله فهو سنة وقد يكون فيه نصف الصيف ونصف الشتاء. والعام لا يكون إلا صيفا وشتاء متواليين».
عصاري يوم الخميس
ويقولون: «عصارى يوم الخميس الماضي». ومرادهم العصر، وكأنهم يجعلونها على مثال حمادى وقصارى بمعنى غاية، وليس لها أثر في كتب اللغة على الإطلاق.
خول إليه. فوضه
ويقولون: «خول إليه حق التصرف في ماله». فيعدون الفعل «خول» إلى مفعوله الأول ب«إلى»، وهو خطأ صوابه أن يعدى بنفسه كما إلى مفعوله الثاني، فيقال: «خوله حق التصرف»، أي ملكه.
وهذا الخطأ يرتكبونه معكوسا في «فوض»، فيعدونه بنفسه إلى مفعوله الأول ويقولون: «فوضه حق التصرف في الأمر». والصواب أن يعدى ب«إلى » ويقال: «فوض إليه الأمر».
عقدوا اتفاقا مؤداه
ويقولون: «عقدوا اتفاقا مؤداه». يريدون «فحواه» أو «مضمونه» أو «خلاصته»، وهو خطأ.
أداه حقه
ويخطئون في استعمال «أدى»، فيقولون: «أداه حقه». والصواب: «أدى إليه حقه».
كلما زاد اجتهاده
ويقولون: «كلما زاد اجتهاده كلما عظم نجاحه». والصواب بحذف «كلما» الثانية.
مقداما نخيا
ويقولون: «فكان مقداما نخيا»، أي ذا نخوة. ولا يخفى أنه سمع عن العرب: حمس وحميس وأحمس، أي ذو حماسة، ومريء أي ذو مروءة، وأما «نخي» أي ذو نخوة، فلم يسمع عنهم.
نوه عن المسألة
ويستعملون التنويه بمعنى التلميح والإشارة، فيقولون: «نوه عن المسألة» و«بحثوا في الأمر المنوه عنه». وفي كتب اللغة: نوهه نوه به وباسمه دعاه برفع الصوت وعظم ذكره.
نوايا الحكومة
ويقولون: «ليست هذه نوايا الحكومة». فيجمعون «نية» على فعالل وهو خطأ، والصواب «نيات».
القرايا والضياع
ومن هذا القبيل استعمالهم «قرايا» جمع قرية فيقولون: «وهو يجول في القرايا والضياع». والصواب «القرى».
إلى بعد الظهر. إلى عنده. إلى قبل المغرب
ويأتون بالظروف «عند وقبل وبعد» مجرورة ب«إلى» فيقولون: «ذهب إلى عنده» و«تأخر إلى بعد الظهر» و«بقي عنده إلى قبل المغرب». ولا يخفى أن «إلى» لا تدخل من الظروف غير المتصرفة إلا على: متى وأين وحيث. فالصواب أن يقال: ذهب إليه، وتأخر إلى ما بعد الظهر، وبقي إلى ما قبل المغرب. وهذه الظروف الثلثة إنما تجر بمن نحو: جئت من عنده، والحمد لله من قبل ومن بعد.
الحياة المريرة
ويقولون: «يشكو من تكاليف هذه الحياة المريرة». ومرادهم بالمريرة: المرة، نقيض الحلوة، فكأنهم أخذوه من قول الشاعر:
وليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
ولم يسمع الوصف من «مر» ضد حلا إلا على فعل. يقال: «مر» الشيء مرارة، أي صار مرا. ومؤنثه: مرة. أما «المريرة» فليست بصفة بل هي اسم موصوف معناه الحبل الشديد الفتل والعزيمة وعزة النفس.
فيما إذا كان
ويقولون: «ولننظر فيما إذا كان يصح الاستغناء عنه». والصواب: «ولننظر هل يصح» بالاستغناء عن «فيما إذا كان» بالحرف «هل».
أتوا عن بكرة أبيهم
ويقولون: «جاؤوا عن بكرة أبيهم» أي جميعا، كأنهم يقيسونه على القول: عن آخرهم. والصواب: «على بكرة أبيهم» أي: أتوا كلهم ولم يتخلف منهم أحد.
أشر على الحكم
ويقولون: «أشر على الحكم أنه نافذ» و«أشر على أصل وثيقة الزواج بالطلاق» و«أشر على الصك بالقبول». والقولان الأولان من مصطلحات دواوين الحكومة، والثالث من اصطلاح التجار. وكلهم خطأ؛ لأن الفعل أشر يؤشر لا يفيد شيئا من هذا المعنى على الإطلاق. والصواب أن يقال في الأول: «شهد بصحة نفوذ الحكم»، وفي الثاني والثالث «رقم» أو «أعلم».
جمع الرباعي المكسر
وكثيرا ما يخطئون في الجمع المكسر على مثال الرباعي، أي ما كان بعد ألف جمعه حرفان كفعائل ومفاعل وفواعل ونحوها. فيقولون: معائش ومشائخ ومعائب ومكائد ومغائر ومفائز، بهمزة بعد الألف فيها كلها. والصواب: معايش ومشايخ ومعايب ومكايد ومغاور ومفاوز، جمع معيشة وشيخ (أو شيخة) ومعاب أو معابة ومكيدة ومغارة ومفازة. وأجاز بعضهم استعمال معائش بالهمزة، ولكنها بدونها أفصح. والقاعدة في جمع مثل هذه الأسماء، أن ثالثها إذا كان حرف مد زائد يقلب همزة، كصحائف وعجائز جمع صحيفة وعجوز. فإن كان حرف مد أصليا وقد قلب همزة في المفرد بقي على همزة، كقوائم جمع قائمة ونوائب جمع نائبة. وإلا استمر على حكمه، كجداول ومعايش. وما كان منه بالألف، ترد إلى أصلها كمفاوز ومغاور. وشذ مصائب ومنائر وغيرهما مما سمع بالهمزة مع أصالة حرف المد فيه. أما نحو نيائف جمع نيف، وأوائل جمع أول ونظائرها، مما وقعت فيه ألف الجمع بين حرفي علة، فإن الثاني منهما يقلب همزة للتخفيف.
قاس
ويخطئون كثيرا في تعدية الفعل «قاس»، فتارة يعدونه ب«عن» كقول بعضهم في مطلع قصيدة يعارض فيها لامية ابن الوردي: «لا تقس ما زال عما لم يزل»، وطورا يعدونه ب«إلى» كقول الآخر في مقالة: «والقوانين الأخرى ثانوية إذا قيست إلى هذين القانونين». وكلا الاستعمالين خطأ؛ لأن الفعل «قاس» إنما يعدى بالباء أو ب«على». يقال: قاس الشيء بغيره وعلى غيره.
9
بلغ السن الذي
ويقولون: «بلغ السن الذي يكون فيه ضعيفا». بتذكير «السن» وهي مؤنثة، سواء أريد بها «العمر» أم أريد «إحدى أسنان الفم»، وتصغيرها «سنينة».
لقيته صدفة
ويقولون: «لقيته صدفة» أي اتفاقا، و«كان ذلك من محاسن الصدف» أي التقادير، و«لا تسل عن ابتهاجنا بهذا التصادف الغريب». ولعلهم أخذوا ذلك من القول: صادفه، إذا لقيه وفاقا على غير قصد. فقد سمع عن العرب: مصادفة. وأما الصدفة والتصادف فلم يسمعا.
جلود. شفوق. نصوح
ويأتون بكثير من الصفات على وزن فعول على خلاف الموضوع لها عند العرب. فيقولون: «شفوق» و«نصوح» و«جلود» أي ذو قوة وصبر على الأمور. وذلك كله خطأ. والصواب أن يقال في الأول: «شفق» و«شفيق» و«مشفق»، وفي الثاني: «ناصح» و«نصيح»، وفي الثالث: «جلد» و«جليد».
صادر الحكومة أمواله
ويقولون: «صادرت الحكومة أمواله» و«أمرت بمصادرة أملاكه». فيستعملون الفعل: «صادر» بمعنى أخذ أو حجز. والمصادرة في كتب اللغة «المطالبة» أو الإلحاح فيها، فلا تفيد المعنى المراد في المثالين، وإنما يفيده الاستصفاء. يقال: «استصفى ماله»، أي أخذه كله.
نبه عليه بالحضور
ويستعملون «نبه» بمعنى: أمر، فيقولون: «نبه عليه بالحضور» و«صدر التنبيه عليهم بعدم التأخير». ولم ينقل قط عن العرب استعمال التنبيه بهذا المعنى. فقد قالوا: نبهه من نومه، أيقظه. ونبه باسمه، نوه به. ونبهه على الشيء، وإلى الشيء، وجه التفاته إليه. فالصواب أن يقال: «أمره» و«صدر الأمر لهم».
أسداه الشكر
ويستعملون «أسدى» بمعنى «أهدى»، فيقولون: «أسداه الشكر» و«أسدى إليه الثناء». ولم يرد الإسداء قط بهذا المعنى. وإنما هو بمعنى «أحسن». يقال: «أسدى إليه» و«سدى»، أي أحسن. و«أسدى إليه معروفا»، أي صنعه. ومنه القول: «أسديت فألحم وأسرحت فألجم»، أي تمم ما بدأت به من الإحسان.
صرح له بالسفر
ويقولون: «صرح له بالسفر» و«أعطاه تصريحا». فيستعملون «صرح» بمعنى أذن وأجاز، وهو خطأ لأن معناه: بين وأوضح.
ما يرمي إليه
ويعدون الفعل «رمى» ب«إلى»، ويستعملونه بمعنى «أراد» أو «عنى» أو «قصد »، فيقولون: «علمت ما يرمي إليه في كلامه»، وليس في كتب اللغة ما يؤيد صحة هذا الاستعمال.
لي عشم. أتعشم
ويستعملون «العشم» بمعنى «الأمل». فيقولون: «ولي عشم أن تجيب طلبي». ويبنون منه فعلا على تفعل، فيقولون: «تعشم فيه خيرا»، وكلاهما عامي لا صحة له.
أجمع رأيهم
ويقولون: «أجمع رأيهم على الأمر» أي اتفقوا. والصواب أن يقال: «أجمعوا على الأمر»، ويقال: «أجمع الأمر» و«على الأمر عزم» و«جامعه على الأمر»، وافقه.
أذرف دمعه
ويقولون: «أذرف دمعا سخينا». والمسموع من هذا الفعل: «ذرف الدمع»، سال. و«ذرفت عينه دمعها»، أسالته، و«ذرف دمعه»، أساله. أما «أذرف»، فلم يسمع.
تشريع ومشرع. تقنين. مقنن
ويستعملون «التشريع والتقنين» بمعنى وضع الشرائع والقوانين وسنها. ويبنون من كليهما اسم فاعل، فيقولون: «المشرع والمقنن» أي الذي يسن الشرائع ويضع القوانين. والتشريع في اللغة: التبيين وإيراد الإبل للمياه. وعند البيانيين نوع من البديع. والتقنين لم يرد لسوى الضرب بالقنين وهو الطنبور بالحبشية. ولكنهم قالوا: سن على القوم سنة، أي وضعها. وهكذا أسن. وشرع لهم شرعا، أي: سن، فهو شارع. وربما قالوا: اشترع الشريعة، كشرعها، فهو مشترع.
صبورين على المشاق. غيورين على المصلحة
ويقولون: «فكانوا صبورين على تحمل المشاق» و«غيورين على المصلحة العامة». ولا يخفى أنه يشترط في الصفة لكي تجمع جمع المذكر السالم أن لا تكون مما يستوي فيه المذكر والمؤنث عند ذكر الموصوف، أي أن لا تكون على فعول بمعنى الفاعل ولا على فعيل بمعنى المفعول. فالصواب إذا أن يقال صبر وغير.
مباع. معاب. معاق. مقاد. ملام. مهاب
ويقولون: «مباع» و«مصان» و«معاق» و«معاب» و«مقاد» و«ملام» و«مهاب» وغير ذلك من أسماء المفعول التي يأتون بها من المزيد على وزن أفعل، زاعمين أن مجردها لازم. والصواب أن يقال: «مبيع ومصون ومعوق ومعيب ومقود وملوم ومهيب»، لأنها كلها من مجرد متعد، إذ يقال: باع الشيء وصانه، وعاقه عن الأمر، وعاب عليه فعله ... إلخ.
شراكة. طياشة. لياقة. نزاقة. نقاهة
ويقولون: «فلان شديد النزاقة» و«كثير الطياشة» و«أمضوا عقد الشراكة» و«دخل في النقاهة» و«هو دليل على عدم اللياقة» و«اضطراب الفكر وقلاقة البال». والصواب في الأول: النزق والنزوق، والثاني: الطيش، والثالث: الشركة، والرابع: النقه والنقوه، والخامس: الليق، والسادس: القلق.
ثناء عاطر. عاشق وله
ويقولون: «أثنى عليه ثناء عاطرا»، أي طيب الرائحة. والمسموع عن العرب: عطر كخشن، ومعناه المتطيب والطيب الرائحة. وقالوا: عطار ومعطار ومعطير، للكثير التعطر.
ويقولون: «عاشق وله»
10
أي شديد الوجد. كأنهم يقيسونه على كلف ودنف. ولم يسمع عن العرب بل نقل عنهم ولهان وواله وآله على الإبدال.
منذ السنة المقبلة
ومن غريب استعمالهم إدخال «منذ» على اسم معين للمستقبل، كقول بعضهم في كلامه على وزارة المعارف: «وفيها منذ السنة المقبلة أستاذ». ومذ ومنذ إنما تدخلان على ما يكون ماضيا أو بمعنى الحاضر.
ماسة بسيادة مصر
ويقولون: «وهذه المذكرة تحوي مسائل ماسة بسيادة مصر» و«هذه الأمور تمس كرامتنا». فيعدون الفعل مس بالباء، وهو غير محتاج إليها لأنه يتعدى بنفسه.
مناقشة الوثائق
وتراهم يخطئون في استعمال المناقشة، فيطلقونها على غير ما وضعت له، فيقولون: «وسنعود لمناقشة هذه الوثائق» أي: لنقدها وتمحيصها. والمناقشة لم توضع لهذا المعنى. يقال: ناقشه إذا استقصى في حسابه. ومنه الحديث: «من نوقش الحساب عذب». وناقش فلانا، جادله وماحكه.
داوله في الأمر. نوطه بالأمر
ويقولون: «داوله في الأمر». و«جلسوا يتداولون في المسألة» و«قضت المحكمة ساعة في المداولة». فيستعملون المداولة والتداول بمعنى المشاورة والتشاور. ولم يسمعا عن العرب بهذا المعنى. قالوا: داول الله الأيام بين الناس، صرفها. وتداولته الأيدي، تعاقبته، أي: أخذته هذه مرة وهذه مرة. ومنه: دواليك، أي مداولة بعد مداولة.
ويقولون: «نوطه بالأمر» و«وأناطه بالمسألة» بمعنى وكله به. وهو خطأ، صوابه: ناط الأمر به، أي علقه.
الأمر المريع
ويقولون: «وقد هالني هذا الأمر المريع» و«فاجأه به فأراعه». فيأتون به على صيغة أفعل من راع بمعنى فزع أو أفزع. والصواب أن يؤتى بالمجرد، فيقال: راعه يروعه. وأمر رائع. ولهذا الفعل معنى آخر يكثر استعماله به وهو: أعجب. تقول: راعني الأمر وراقني، أي أعجبني.
زف وزفاف
وتراهم يتصرفون في زف وزفاف تصرفا غريبا. فيقولون: «زفت فلانة على فلان» فيعدونه ب«على»، كأنهم يقيسونه على الفعل «جلا» إذ يقال: جلا العروس على بعلها، أي عرضها مجلوة. والصواب أن يعدى ب«إلى». ويقولون: «شهدنا حفلة زفاف فلان إلى فلانة». والزفاف إنما هو إهداء العروس إلى بعلها، لا إهداء الرجل إلى المرأة. وكثيرا ما يطلقونه عليهما كليهما فيقولون: «تهنئة بزفاف العزيزين فلان وفلانة». والصواب أن يقال: قران أو زواج.
سار السفين يشق البحر
ويستعملون «السفين» مفردا، فيقولون: «ثم سار بنا السفين يشق البحر». وكأنهم يزعمون أنه مذكر سفينة أو يتوهمون أنه والسفينة واحد قياسا على قبيل وقبيلة. وهو ليس كذلك لأنه جمع سفينة كسفن وسفائن، أو اسم جمع واحده سفينة.
ومنه قول عمرو بن كلثوم في معلقته:
ملأنا البر حتى ضاق عنا
كذلك البحر نملأه سفينا
وحش كاسر
وكثيرا ما تراهم يستعملون الكاسر وصفا للوحش فيقولون: «هجم عليه كالوحش الكاسر» و«فعل فعل الوحوش الكاسرة». والكاسر في هذا المعنى إنما هو وصف لجوارح الطير التي تنقض على ما تصيده وتكسره، مأخوذا من كسر الطائر إذا ضم جناحيه يريد الوقوع، يقال: عقاب كاسر. أما السباع كالأسد والذئب ونحوهما، فهي ضارية وفارسة أو مفترسة.
متعوب الجسم. مثبوت. خرب بيته. خفر عهده. مفسود السيرة. انفسد من معاشرة
ويقولون: «متعوب الجسم» و«مثبوت في دفاتر الحكومة» و«مفسود السيرة»، و«خرب بيته» و«خفر عهده»، وغير ذلك مما يستعملون فيه المجرد الثلاثي متعديا وهو لازم. والصواب في ذلك أن يقال: متعب ومثبت وفاسد السيرة. وأخرب أو خرب. وأخفر العهد أو خفر به.
لما يرون يسكرون
ويأتون بالفعل في كل من الجملتين بعد «لما» الظرفية مضارعا، فيقولون: «لما يرون قصائدهم مدرجة في الجرائد يسكرون بخمرة الشهرة». وهو خطأ لأن «لما» هذه تختص بالماضي، فالصواب أن يقال: «لما رأوا سكروا» أو «حينما يرون يسكرون».
انشغل عنه. انصاع لمشورته. انكدر عيشه
وكثيرا ما يبنون انفعل من أفعال لم يسمع فيها بالمعنى الذي أرادوه أو لم يسمع منها قط، فيقولون: «انصاع لمشورته» و«انفسد من معاشرته» و«انكدر عيشه» و«انشغل عنه». وكل ذلك خطأ؛ لأن معنى انصاع رجع مسرعا. أما انفسد وانكدر وانشغل، فلم تسمع قط.
يتصرفون في استكشافها
ويستعملون «استكشف» بمعنى «كشف»، فيقولون: «يتصرفون في استكشافها». والكلام عن الآثار المصرية، والصواب «كشفها».
باعه قصيرة
وبعضهم يؤنثون الباع، فيقولون: «فباع ... لا تزال قصيرة»، وكأنهم يقيسونها على ذراع. والصواب أن يقال: لا يزال قصيرا؛ لأن الباع مذكر، وجمعه أبواع وبيعان وباعات.
أواه لو
ويستعملون الكلمة «أواه» كما يستعملون «آه وآها وأوه» وغيرها من أسماء الأفعال التي تقال عند الشكاية أو التوجع. فيقولون: «أواه لو يعلق هذا المثل على باب كل كنيسة». والصحيح أنه فعال للمبالغة من الفعل آه يأوه أوها، أي شكا وتوجع. فمعناه الكثير التأوه.
ليس ليندحر
وكثيرا ما ترى بعض المتفيهقين يأتون باللام في خبر ليس، فيقولون: «ليس الحب الألماني ليندحر أمام التقاليد». وهو خطأ؛ لأن هذه اللام إنما تدخل في خبر كان المنفية لتوكيد النفي نحو:
وما كان الله ليطلعكم على الغيب ، ويقال لها لام الجحود.
مزدرون بالدنيا
ويعدون الفعل «ازدرى» بالباء، فيقولون: «ومنهم مزدرون بالدنيا». وهو يتعدى بنفسه كاستزرى، يقال: ازدراه واستزراه احتقره واستخف به. أما أزرى فيعدى بالباء وقد يتعدى بنفسه.
تتابع الإضافات
وفي هذه الأيام ترى كثيرين من الكتاب - ولا سيما كتاب دواوين الحكومة - مولعين بتتابع الإضافات، حتى أنك قلما ترى لأحدهم كتابة خالية من هذا الاستعمال الثقيل على اللسان والسمع. ولا يخفى أن هذا التتابع معدود عند البيانيين، مما يخل بالفصاحة حتى في ما لا يتعدى ثلث إضافات، كقوله: «حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي». ولكنهم في هذه الأيام لا يقفون في تتابع الإضافات عند حد الثلث بل يجاوزونه إلى أربع، فيقولون: «وإن اليراع لعاجز عن استيفاء وصف بعض جماله» و«جوابا عن كتاب سعادة مدير مصلحة الصحة العمومية» و«سبب عدم سهولة فهم المعنى» و«مع استقلال فسحة أبحاث كل من هذه العلوم». وبعضهم تعداها إلى خمس إضافات، فقال: «أصل وثيقة عقد زواج أم الحسن». وجاراه بعضهم في ذلك فقال وهو نهاية في الإبداع: «التفات مدارك شهرة فضائل إحاطاتهم».
الأمر المشين
ويقولون: «هذا الأمر المشين». فيستعملون «أشان» بمعنى «شان» أي عاب، ولم يسمع عن العرب، فالصواب أن يقال: «الأمر الشائن».
شهية الطعام
ويقولون: «من أعراض هذا الداء فقد شهية الطعام». والشهية في اللغة مؤنث الشهي، ومعناه الشهوان والمشتهى. يقال: رجل شهي، أي شهوان ذو شهوة. وطعام شهي، أي لذيذ مشتهى. فالصواب أن يقال: فقد شهوة الطعام أو شاهيته. والشاهية مصدر، كالعافية والعاقبة والخاتمة.
تسربت إلى جيوبهم
ويعدون الفعل «تسرب» ب«إلى»، فيقولون: «الأموال التي تسربت إلى جيوبهم». وفي كتب اللغة: تسرب الوحش في جحره، وانسرب: دخل. فالصواب أن يقال: تسربت في جيوبهم. وإذا قيل: يصح «تسربت إلى» على تضمين «إلى» معنى «في» كما في قوله
ليجمعنكم إلى يوم القيامة ، قلت: إن باب التضمين إذا فتح على مصراعيه، تعذر إقفاله على الإنس والجن.
كالبئر يتسرب إليه
ويقولون: «كالبئر يتسرب إليه كل ما على ظهر الأرض». والصواب «إليها»؛ لأن البئر مؤنث. وقد رأيت إصلاح «يتسرب إليه» قبيل هذا.
مدمنين على
ويقولون: «هو من المدمنين على شرب الخمر». فيعدون «أدمن» ب«على»، وكأنهم يقيسونه على واظب. والصواب أن يقال: «من مدمني شرب الخمر»؛ لأن أدمن يتعدى بنفسه. تقول: أدمن فلان الشيء، إذا أدامه.
انبدلت شفقتك
ويبنون انفعل من «بدل»، فيقولون: «وانبدلت شفقتك»، أي: بدلت أو تغيرت، ولم يسمع عن العرب.
عهدة برلين
ومن أوهامهم استعمال العهدة بمعنى المعاهدة، فيقولون: «عهدة برلين» و«عهدة لوزان». ولا يخفى أن للعهدة معاني كثيرة، كالحملة والتبعة أو الدرك وكتاب الحلف وكتاب الشراء والرجعة وغيرها، ولكن ليس بينها ما يسوغ استعمالها مكان «معاهدة».
القهاوي
ويقولون: «وهو ممن اعتاد الجلوس في القهاوي والملاهي»، والصواب «القهوات».
بعثه وبعث به
ومما يستعملونه على خلاف وجهه الفعل «بعث»، فإنهم يعدونه بالباء إلى ما ينبعث بنفسه، فيقولون: «ولا تبعث إلى هباته بطالب» و «بعث إليه برسول». والصواب أن يعدى بنفسه، فيقال: طالبا ورسولا. ويعدونه بنفسه إلى ما ينبعث بواسطة، فيقولون: «بعث إليه هدية» و«بعث إليه كتابا». والصواب أن يعدى بالباء فيقال: «بهدية» و«بكتاب». وقس على «بعث» الفعل «أرسل»، فإن الأصح فيه أن يعدى بنفسه إلى الشخص وبالباء إلى الشيء، نحو: أرسل إليه رسولا، وأرسل إليه بهدية.
قبل به. اقتبل. قبالة
ويقولون: «قبل بالشيء» بمعنى أخذه، وكأنهم يقيسونه على: رضي الشيء ورضي به. وفي اللغة: قبل به قبالة، كفل به وضمن. فالصواب أن يقال: قبله. ويقولون: اقتبله، أي قبله. وهو خطأ أيضا؛ لأن «اقتبل» لم يرد بهذا المعنى، بل جاء بمعنى استأنف وارتجل وظرف.
حكمت عليه المحكمة بالإعدام
ومما أولع الكتاب في هذه الأيام باستعماله على غير وجهه كلمة «إعدام». فيقولون في الكلام على محاكمة القاتل أيا كان: «ثم حكمت عليه المحكمة بالإعدام». وعلمت من العلامة أحمد تيمور باشا، أن الإعدام ورد في عيون التواريخ لابن شاكر وفي الدرر الكامنة لابن حجر. وهو استعمال غريب جدا. فإن للإعدام معاني كثيرة، أقربها من هذا المعنى قولهم: إعدام الله تعالى فلانا الشيء، جعله يعدمه، أي: أفقده، أيا كأن يعدمه صحته أو ماله أو أولاده. إذا يكون قولهم: «حكمت عليه المحكمة بالإعدام» على تأويل حكمت عليه بأن يعدم حياته أو حكمت بإعدامه حياته. فلو قيل: حكمت عليه المحكمة بالموت، لكان أدل على المعنى المراد وأبعد عن التعسف والتكلف.
بعد دثارها
ويقولون: «فأحيا معالمها بعد دثارها»، أي: بعد بلائها. ولم يسمع المصدر دثار من دثر. فالصواب أن يقال: «بعد ثورها» أو «اندثارها»، وهو مصدر اندثر بمعنى دثر.
أوقر آذاننا
ويقولون: «فيا له من نبأ أوقر آذاننا»، أي: أثقلها أو ذهب بسماعها. والصواب أن يقال: وقرها. أما «أوقر» فمعناه التثقيل بالحمل. يقال: أوقر الدابة، وأوقر الدين فلانا ونحوهما.
يئست من تصليحه
ويقولون: «يئست من تصليحه». وكأنهم يقيسون التصليح على التنقيح والتصحيح.
11
والصواب أن يقال: «من إصلاحه»؛ لأنه لم يسمع للفعل «صلح» مزيد على فعل.
رضخ له
ويقولون : «رضخ لمشيئته» و«لم يسعه إلا الرضوخ لأمره». وفي اللغة: رضخ الشيء رضخا، كسره. ورضخ له من ماله رضخة، أعطاه يسيرا. ولم يسمع قط استعمال هذا الفعل بمعنى الطاعة أو الإذعان والانقياد.
أغدق عليه سحاب فضله
ويستعملون «أغدق» متعديا بمعنى «سكب» أو «أفاض»، فيقولون: «أغدق عليه الملك سحاب فضله». وفي اللغة: أغدق المطر واغدودق، كثر قطره. فهو إذا لازم لا متعد.
الألوان وقيودها. أهله طرشان
ويقولون: «في منزل أهله طرشان». ولا يخفى أن جمع «أفعل» من الألوان والعيوب والحلي على «فعلان» نادر: كعميان وعرجان وصمان وسودان، جمع أعمى وأعرج وأصم وأسود، فلا يصح أن يقاس عليه طرشان. بخلاف وزن فعل، فإنه قياسي في أفعل للمذكر وفعلاء للمؤنث.
عمولة
ويقولون: «أعطاه عمولة قدرها عشرة في المئة». وهي من اصطلاح التجار، فيطلقون العمولة على الأجرة أو على ما يعبر عنه عامتهم بالكومسيون، وهو ما يؤخذ عادة على بيع بضاعة أو على شرائها. والصواب أن يقال: عملة، بضم العين أو كسرها. أو عمالة مثلثة، أي أجرة العامل، كالخفارة أجرة الخفير.
أجرني الدار
ويقولون: «أجرني الدار». وهو خطأ، صوابه: آجرني إيجارا، أي: أكراني وكاراني. فاستأجرت، أي اكتريت وتكاريت واستكريت، فهو مؤجر وأنا مستأجر. أما «أجر» فلم ترد إلا بمعنى: صنع الأجر. يقال: أجر الرجل، أي: طبخ الطين أجرا. والأجر أو اللبن هو الطوب.
نسبة في غايتك
ويستعملون النصبة للغرس أو لما يغرس من صغار الأشجار، فيقولون: «لتنبت نصبة في غابتك» و«عنده كثير من نصب التوت والزيتون». وهو من أوضاع العامة. وإذا لم تصلح كلمة غرس - وجمعها أغراس وغراس - لهذا المعنى صلحت له كلمة «فسيلة» وهي في الأصل النخلة الصغيرة تقلع من الأرض أو تقلع من الأم فتغرس، وجمعها: فسيل وفسائل وفسلان. وإذا خيف الالتباس أضيفت إلى ما يميزها فيقال: فسيلة توت وفسيلة زيتون ... وهلم جرا.
أقبية
ومما يخطئون في جمعه «قبو» للمكان المعروف، فإنهم يجمعونه: أقبية، والصواب: أقباء. أما أقبية فهو جمع قباء للثوب المعروف بالغنبار. ويجمعون قناة أقنية، والصواب: قني وقنوات.
بينما رجال البوليس
ومما يخرجون في استعماله عن جادة الصواب كلمة «بينما»، فإنهم يأتون بها بمعنى «مع» فيقولون: «وهذه الجرائم يرتكبها الجناة بينما رجال البوليس موجودون للمحافظة». والصواب: مع وجود رجال الشرطة ... إلخ.
نكران النفس. ناكر المعروف
ومما يستعملونه ولا وجود له في اللغة، المصدر «نكران»، فيقولون: «وهذا يوجب علينا نكران أنفسنا» و«استغرابنا ونكراننا لا يمحوان حقيقتهما». والصواب: «إنكار» في كليهما. ويستعملون منه اسم فاعل، فيقولون: «هو ناكر المعروف»، والصواب: «منكر».
الموضوع ذاته
ومن أوهامهم استعمال «ذات» للتوكيد كالنفس والعين، فيقولون: «ودار الحديث على الموضوع ذاته». والصواب: نفسه أو عينه.
ومنها أنهم يعدون الفعل «أصحب» إلى مفعوله الثاني بالباء، فيقولون: «وأصحبني برسالة إلى محافظ المدينة». والصواب: «أصحبني رسالة»؛ لأنه من الأفعال التي تنصب مفعولين.
حظوى سامية
ويقولون: «فنال عند الأمير حظوى سامية»، أي: مكانة ومنزلة. والصواب أن يقال: «حظوة» أو «حظة»، فهو حظ وحظي.
زبائن
ومما يخطئون في جمعه كلمة «زبون» للحريف،
12
أي لمن يتردد في الشراء على بائع واحد ولذلك البائع أيضا، فكل منهما زبون الآخر. وهو من استعمال المولدين، فإنهم يجمعونها «زبائن»، والصواب «زبن»؛ لأنه فعول بمعنى الفاعل: كصبر وغير، جمع صبور وغيور.
طلي. مطلاة بألون
ويستعملون «أطلى» مكان «طلى»، فيقولون: «زوارق مطلاة بألوان». والصواب: مطلية. ثم إن الطلي اللطخ بالقطران، فالصواب أن يقال: موشاة أو ملونة أو مصبوغة.
أديرة وديور
ويقولون في جمع «دير»: «أديرة» و«ديور»، والصواب: «أديار» و«ديورة».
قراني
ويستعملون «القرنة» و«القرنية» بمعنى الزاوية، فيقولون: «تملأ قرانيه «أي البيت» أناث اللوعة». والصواب: «زواياه».
موثوق اليدين
ويستعملون «وثق» بمعنى ربط أو قيد، فيقولون: «قبض رجال البوليس على القاتل وساقوه موثوقا إلى دار الحكومة». والصواب: «موثقا».
أدهار
ويقولون في جمع الدهر: «أدهار». والصواب: «أدهر» و«دهور».
حبا بالمصلحة العامة
ويقولون: «وقد فعله حبا بالمصلحة العامة». فيعدون كلمة «حب» بالباء، والصواب أن يقال: «حبا للمصلحة العامة» باستعمال لام التقوية، أو «حب المصلحة العامة» أي «لحبها». قال جميل بن معمر العذري صاحب بثنية:
لو كان في قلبي كقدرة قلامة
حبا لغيرك ما أتتك رسائلي
بعث إليه بيتا
ويقولون: «بعت إلى زيد بيتا». والصواب أن يقال: «بعت زيدا بيتا». والفقهاء يعدونه ب«من»، فيقولون: «بعت من زيد بيتا وبعت بيتا من زيد».
مشاركة قرائها عواطفهم
ويعدون الفعل «شارك» إلى مفعولين، فيقولون: «فتعود «إحدى الصحف» إلى مشاركة قرائها عواطفهم وأميالهم». فكأنهم يقيسون الفعل «شارك» على «شاطر»؛ إذ يقال: شاطره، أي ناصفه. ولكنه ليس كذلك، فالصواب أن يقال: في عواطفهم وأميالهم.
قدره حق قدره. بهذا المقدار
ومما يستعملونه مترجما عن اللغات الأعجمية قولهم: «كان بخيلا بهذا المقدار حتى أنه كان يقتر على نفسه». والأسلوب العربي لمعنى كهذا أن يقال: «بلغ به البخل إلى أن يقتر على نفسه» أو «ومن شدة بخله يقتر حتى على نفسه»، ونحو ذلك.
سوى بربح قليل، سوى في. عدا عما فيه من التعب
وترى بعضهم يأتون بحرف الجر بعد «عدا» و«سوى»، فيقولون: «ومنه خسارة كبيرة عدا عما فيه من التعب» و«لم يفز منه سوى بربح قليل» و«لا يقف القطار سوى في ثلث محطات». والصواب حذف الحرف في الأول وزيادته على «سوى» نفسها في الثاني والثالث، فيقال: «عدا ما فيه من التعب» و«بسوى ربح قليل» وفي «سوى ثلث محطات».
بثماني سنوات سجنا
ويقولون: «حكمت عليه المحكمة أن يعاقب بثماني سنوات سجنا». والصواب: «أن يعاقب بالسجن ثماني سنوات» أو «أن يسجن ثماني سنوات عقابا له».
لأنه كسول جدا
ويستعملون «الكسول» للمذكر بمعنى الكسل والكسلان والمكسال، فيقولون: «ولا نعجب لخيبته وعدم نجاحه لأنه كسول جدا»، فكأنهم يقيسونها على «جهول». ولكنها بالحقيقة وصف للمرأة المترفهة التي لا تكاد تبرح مجلسها، وهو مدح لها عند العرب مثل: نؤوم الضحى. غير أن النؤوم يستوي فيه المذكر والمؤنث، بخلاف «الكسول»، فإنه للمؤنث فقط.
تحصل على الشيء
ويستعملون تحصل على الشيء، بمعنى حصل عليه وأحرزه. فيقولون: «تحصل على نجاحه بعرق جبينه». ولم يرد «تحصل» في اللغة بهذا المعنى، بل جاء بمعنى تجمع وثبت. و«تحصل من المسألة كذا»، استخلص وتصفى .
أرهاط اللغة
ويطلقون كلمة «رهط» على الجهبذ النحرير والعالم المتبحر، فيقولون: «كان رحمه الله من أرهاط اللغة وأقطاب الأدب». وهو خطأ؛ لأن الرهط والرهط قوم الرجل وقبياته، ومن ثلثة إلى عشرة، جمعه: أرهط وأرهاط، وجمع الجمع: أراهط وأراهيط. ويراد به النفس والشخص متى أضيف إليه عدد، ومنه في سورة النمل:
وكان في المدينة تسعة رهط
أي: تسعة أنفس.
غافل الحارس
ويقولون: «فغافل الحارس وهرب»، أي: انتهز فرصة غفلته. ولم يسمع من المجرد «غفل» مزيد فاعل. فالصواب أن يقال: «تغفل الحارس وهرب».
شطب ما كتب
ويقولون: «فتراه يكتب ويشطب». فيستعملون الشطب لإمرار القلم على بعض ما سبقت كتابته لأجل محوه. ولم يرد الشطب في اللغة بهذا المعنى، بل ورد «الترميج». يقال: رمج الكاتب ما كتبه، أي: أفسد سطوره.
تلامذة
ويقولون: «تلامذة المدارس»، وهو كثير في كلامهم. وفي كتب اللغة: جمع تلميذ، تلاميذ.
13
يتفرجون عليه
ويقولون: «فخرج أهل القرية كلها يتفرجون عليه»، أي يشاهدونه. وفي اللغة: «فرج الله عنه»، وفرج فانفرج وتفرج. ولم ينقل: «تفرج» بمعنى «شاهد» عمن يوثق بعربيته.
أركن إلى الفرار
ويقولون: «فأركن الجيش كله إلى الفرار»، والصواب «ركن».
خونة
وخطأ بعض جهابذة النقد من يجمعون «الخائن» على «خونة»، والصحيح أنه ورد «كحائك» «حوكة».
يصيغون مصدرا
ويقولون: «ويصيغون منها مصدرا». والصواب: يصوغون؛ لأنه من بنات الواو.
احتراف الشيء
وخطأ بعضهم من يستعملون: «احترف الشيء» بمعنى: اتخذه حرفة. والصواب أن هذا الاستعمال صحيح، لا خطأ فيه.
مسرح
وبعضهم لم يستصوب استعمال «مسرح» بدل «مرسح» بمعنى «تياترو». والصحيح أنها غاية في الصواب والوفاء بالمراد.
نفس رؤوفة
ويقولون: «وهو ذو نفس محبة رؤوفة» بتأنيث «رؤوف». وفعول بمعنى الفاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث مع ذكر الموصوف. فالصواب أن يقال: «نفس رؤوف» أو «رائفة».
أبرق وأرعد
وخطأ بعضهم من يستعمل «أبرق وأرعد» بمعنى «برق ورعد» مصوبا استعمال المجرد فقط. وليست هذه التخطئة في محلها.
أختفي عن الأنظار
ومن هذا القبيل تغليط من يستعمل «اختفى» بمعنى «استتر» كاستخفى، وهو صحيح لا غلط فيه. أي أن اختفى واستخفى واستتر وتوارى بمعنى. وكلها تتعدى ب«عن» لا ب«من» ولا ب«على». تقول: أخفيته عن الأنظار، فاختفى عنها. أما مجرده فيعدى ب«على».
بعضهم البعض
ومما يكثر استعماله خطأ كلمة «بعض» مكررة، فإنهم يأتون بها على وجوه معظمها ليست من الصواب في شيء. فيقولون: «ثم وقفوا يكلمون بعضهم البعض» و«هم يدعون لبعضهم بعضا بالخير والرفاء» و«ينوبون عن بعضهم البعض» و«أخيرا هجموا على بعضهم بعضا»، وغير ذلك من التعابير المختلة. والضابط في هذا الاستعمال أن يرفع أول البعضين مضافا إلى ضمير يطابق الضمير المتصل بالفعل، وينكر البعض الثاني منصوبا إن كان الفعل يتعدى بنفسه أو يجر بالحرف الذي يتعدى به الفعل. فيقال تصحيحا للأمثلة السابقة: «ثم وقفوا يكلمون بعضهم بعضا». و«هم يدعون بعضهم لبعض». و«ينوبون بعضهم عن بعض» و«هجموا بعضهم على بعض». وقس عليه في جميع المؤنث، فتقول: يزرن بعضهن بعضا، ويرفقن بعضهن ببعض، ويغرن بعضهن من بعض.
من جرائك
وخطأ بعضهم من يقول: «فعلت ذلك من جرائك» أي: من أجلك، مصوبا: «من جراك» فقط. وهذه التخطئة خطأ، والصواب أن «من جراك» بالتخفيف والقصر، و«من جراك» بالتشديد والقصر، و«من جرائك» بالتشديد والمد، و«من جريرتك»، كلها بمعنى واحد.
تساءلت
ويقولون: «فتساءلت كيف يستطيع أن يفعل هذا». فيستعملون التساؤل للمفرد، وهو يفيد الاشتراك في السؤال، فيقتضي أن يكون بين اثنين فأكثر. تقول: «تساءلا»، أي: سأل أحدهما الآخر، و«تساءلوا» إذا سألوا بعضهم بعضا.
باخ لونه. بهت رواؤه
ويقولون: «باخ لونه»، وبعضهم يقول: «جرد لونه»، وبعضهم «بهت لونه» أي: تغير. والصواب أن يقال: «نفض» أو «نصل» أو «حال».
اختليت به
ويقولون: «وبعد انصراف المدعوين اختليت برب المنزل» أي: خلوت به. ولم يسمع «اختلى» بهذا المعنى.
مستوحدين
ويقولون: «أنا من أولئك المستوحدين» أي: المتوحدين المنفردين. ولم يسمع «استفعل» من «وحد».
شديد التكتم
ويبنون «تكتم» من الفعل «كتم»، فيقولون: «وجدته شديد التكتم يصعب جدا الوقوف منه على شيء». ولم يسمع «تكتم» قط، فالصواب أن يقال : «شديد التكتيم» من كتم الشيء، إذا أخفاه وبالغ في كتمانه.
ذراع المهدية الأيمن
وتراهم يذكرون الذراع اعتباطا، فيقولون: «كان عثمان دقنه ذراع المهدية الأيمن». ولا يخفى أن تذكيرها قليل جدا، ومعظم الذين يعتد برأيهم يؤنثونها. فالأصح أن يقال: «ذراع المهدية اليمنى».
استقل الباخرة
ويستعملون «استقل» بمعنى «ركب» فيقولون: «ثم استقلوا الباخرة فجرت بهم تشق عباب البحر» و«كان القطار الذي استقلوه مؤلفا من خمس مركبات». وقد ورد «استقل» بمعنى «حمل»: كقل وأقل، تقول: قلهم أو أقلهم القطار واستقلتهم الباخرة. واستقل الشيء، عده أو رآه قليلا. واستقل برأيه استبد به.
أكثر كرما
ويقولون: «والمصريون أكثر كرما من أن يحملوا ضغينة لرجل عجوز». ولا يخفى أن التوصل إلى أفعل التفضيل بالمصدر بعد «أشد» أو «أكثر» إنما يكون في ما يخالف شروط بنائه على أفعل.
14 «وكرم» ليس من هذا القبيل. فالصواب إذا أن يقال: «أكرم».
15
ثم إن كلمة «عجوز» إنما هي للمؤنث، فالصواب: لشيخ هرم أو لهم بال. ولماذا لا يقال «يضغنوا» بدل «يحملوا ضغينة»، فيكون تحرير العبارة: «والمصريون أكرم من أن يضغنوا على شيخ».
تداعى للسقوط
ويقولون: «ويسقط منها ما كان متداعيا للسقوط». ولا يخفى أن كلمة «للسقوط» يجب إسقاطها؛ إذ هي حشو لا حاجة إليه، ومعناها مستفاد من كلمة «تداعى». يقال: تداعى البنيان، أي تصدع من جوانبه وآذن بالانهدام، وهكذا: انقض وانقاض.
لجان
وأنكر بعض المنتقدين جواز جمع «لجنة» على «لجان» قائلا إنه لم يسمع في شيء من كلامهم. وهذا من أغرب ما لقيته من الغلو في الانتقاد؛ لأن جمع فعلة على فعال من الجموع المقيسة المطردة: كجباه وجفان وصحاف وقصاع ولجان ونحوها.
تثنية بلاد
وعد بعضهم تثنية «بلاد» وهي جمع «بلد» حملا لها على الترجمة الإنجليزية أو الفرنسية. أي أن قولنا في هذه الأيام: بلادان وبلادين، اصطلاح حديث من اللغات الأجنبية. والصحيح أنه قديم في غير كلمة بلاد. قالوا: التقى العبيدان، مرادا بهما عبيد الخليفة وعبيد الأمير. وقال الشاعر:
بصير إذا التف الرماحان ساعة
بأخذ فؤاد الفارس المتلثم
وأنكر بعضهم صحة استعمال «احترس» بمعنى «تحفظ»، والصحيح أن «احترس منه» ك«تحرس»، لا خطأ فيه.
معاطاة التطبيب. ملافاة
ويقولون: «اضطر أن ينقطع عن معاطاة التطبيب»، فيرتكبون في «معاطاة» الخطأ الذي يرتكبونه في «ملافاة» وقد مر الكلام عليه. وبيان ذلك أن «المعاطاة» معناها: «مناولة الشيء» لا فعله. تقول: عاطاني شيئا فتعاطيته، أي: ناولني فتناولته. فالصواب أن يقال: تعاطي الطب؛ لأن للتعاطي معنى آخر غير التناول، وهو عمل الشيء. يقال: تعاطى الأمر كتعطاه، أي قدم عليه وفعله.
أنبه عما فيها من الخطأ
وتراهم يعدون «نبه» ب«عن»، فيقولون: «رأيت من الواجب أن أنبه الأدباء عما فيها من الخطأ». والصواب «على ما فيها» أو «إلى ما فيها من الخطأ»؛ لأن الفعل «نبه» إنما يعدى بأحد هذين الحرفين.
وريث. ورثاء
ويقولون: «ثم توفي ابنه بلا وريث» ويجمعونه «ورثاء»، فيقولون: «وورثاؤه هم صبيان وبنت». والصواب «وارث» جمعه «ورثة» و«وراث».
تعاسة وتعيس
وتراهم كلما أرادوا التعبير عن معنى البؤس والشقاء، يتهافتون على كلمة التعاسة ويختطفونها بعضهم من بعض، كأن اللغة على رحبها ضاقت بهم فلم يجدوا فيها غير هذه الكلمة. فيقولون: «ولا يستطيع القلم وصف تعاسته». ولم يسمع لهذا الفعل مصدر سوى التعس والتعس، أي العثار والشر والهلاك. وهو تعس وتاعس ومتعوس ومتعس، من «أتعسه» بمعنى «تعسه». ولكن بعض الكتاب يتركون هذه الأربعة ويتسابقون إلى استعمال تعيس وتعساء، وكلاهما خطأ، كتعاسة.
برش الجوزة
ويقولون: «وبعدما تبرش الجوزة (جوزة الهند) قطعها وضع القطع في القطر». ويريدون بالبرش، السحل أو القشر، وهو تحريف البشر. يقال: «بشر الجلد وغيره»، إذا قشره. ويراد بالقطر مذاب السكر المغلي.
استحصال
ويقولون: «أحرضها على استحصال رسم كل سيدة»، أي نيل أو إحراز. ولم يسمع وزن استفعل من «حصل».
غنية غيورة
ويقولون: «وهناك سيدة غنية غيورة». والصواب «غيور»؛ لأنها فعول بمعنى فاعل، فيستوي فيها المذكر والمؤنث مع ذكر الموصوف.
ترحاب
ويقولون: «فاستقبلوه بمزيد الترحاب». ولم يسمع «ترحاب» عمن يوثق بعربيته، فالصواب «الترحيب» من «رحب به» إذا دعاه إلى الرحب وقال له مرحبا.
ما خلا في
ويقولون: «وهي كثيرة الوجود في جميع الديار ما خلا في أستراليا». ولا يخفي أن «خلا» أداة استثناء ك«عدا» و«حاشا». ولك أن تعدهن أحرفا، فنجر المستثنى بهن. وإن تقدرهن أفعالا فتنصبه مفعولا به، نحو: «جاء التلاميذ خلا نجيب وخلا نجيبا». فإذا تقدمتهن «ما» المصدرية، تعين النصب بهن لتعين الفعلية؛ لأن «ما» المصدرية لا تدخل على الحرف. وفي كلتا الحالتين يمتنع دخول حرف الجر على الاسم المستثنى بهن. فالصواب إذا أن يقال: «في ما خلا أستراليا».
اختيار الأخصر
ويقولون: «من هذه الصور الأربع يجوز اختيار الأخصر والأوقع في السمع». ف«الأخضر والأوقع» وصف لمحذوف تقديره الصورة. ولا يخفى أن أفعل التفضيل المقترن ب«أل» يجب أن يطابق من هو له في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، فإن أضيف إلى معرفة جازت المطابقة، وعدمها أرجح. فالصواب إذا أن يقال: الخصري والوقعي، أو: أخصر الطرق وأوقعها.
يمين غليظ
ويستعملون «اليمين» بمعنى «القسم» مذكرا، فيقولون: «المأخوذ علي بعهد وثيق ويمين غليظ». وهي مؤنث كما لو كانت بمعنى الجارحة. فالصواب أن يقال: «يمين غليظة».
لحوح
ويقولون: «الصحافي فضولي لحوح» أي لجوج، وهو خطأ؛ لأن المستعمل من هذه المادة إنما هو ألح فهو ملح وملحاح.
رصد خراجها
ويستعملون «رصد» بمعنى أعد ووقف، فيقولون: «فإن الخليفة رصد خراجها سبع سنوات لإقامة هذا البنيان»، والصواب «أرصد».
تنعدم العبارة
ويقولون: «فتنعدم العبارة. تنعدم البلاغة»، أي: تعدم وتفقد. وبناء انفعل من «عدم» كقول المتكلمين: «وجد فانعدم»
16
ضعيف جدا؛ لأن الانفعال للعلاج والتأثير، وليس العدم والإعلام في شيء من ذلك.
الحشو والتطويل. ما كان يكون في وسعهم
وترى بعض الكتاب مولعين بالحشو والتطويل، فيكررون الألفاظ ويكثرون من المتفرادفات بلا أقل فائدة للمعنى. فيقولون: «لعمري إنهم ما كان يكون في وسعهم إلا الوقوف بجانبي». ويستغنى عن: «ما كان يكون في وسعهم» بالقول: «لم يسعهم».
باهت حائر
ومن هذا القبيل قولهم: «تقف خاشعا خاضعا ساكتا ساكنا حائرا باهتا». فما ضره لو اكتفى بالقول: «خاشعا ساكتا حائرا». هذا، والأكثرون يخطئون استعمال «باهت » مكان مبهوت.
العلم في كل شيء
ومنه قولهم: «من هو هذا الجيل الجامد الهامد الخامد؟ هو الذي يسمح بحصول التصدع والتداعي والانهيار ويبقى جامدا خامدا هامدا». ولو أراد القائل لاكتفى بالهامد عن الجامد والخامد، وبالتداعي عن التصدع والانهيار.
17
وإلا فباب المترادف والمتوارد في اللغة مفتوح له على مصراعيه، فيمكنه أن يزيد: الراكد والراقد على الهامد والجامد والخامد، وانقض وانقاض على تداعى وتصدع. ومنه قولهم: «ينضوون تحت رايته، ويدخلون أفواجا في ذمته وتحت كنف رعايته وفي ظل حمايته». والجملة الأولى تغني عن الجمل الثلث المعطوفة عليها. وقولهم: «يدعون العلم في كل شيء وبكل شيء». ولا يخفى أنه يقال: «علم الشيء وبالشيء». أما القول: «علم في الشيء»، فلم يسمع.
مغلوطة
ويقولون: «تلك الصيغة كانت مغلوطة». ومعلوم أن الفعل «غلط» لازم لا يتعدى بنفسه. فلا يقال: غلط الشيء، بل: غلط في الشيء. فالصواب: كان مغلوطا فيها.
أبحاث كثيرة
ولأكثرهم ولع شديد باستعمال «أبحاث» جمع «بحث»، فيقولون: «طرق أبحاثا كثيرة طريفة»، و«كانت أبحاثه أوفى وأتم». وقد علمت مما تقدم أن المصدر اسم الحدث لا يثنى ولا يجمع إلا ما دل منه على عدد أو نوع. وللكتاب مندوحة عن مخالفة هذه القاعدة باستعمال المصدر الميمي من هذه المادة: وهو «مبحث»، وجمعه «مباحث».
أن أتبعه بكتابين
ويقولون: «وفي النية أن أتبعه بكتابين». فيعدون الفعل «أتبع» إلى مفعوله الثاني بالباء. والمنقول عن العرب تعديته إليه بنفسه، يقال: أتبعه غيره، أي ألحقه به. ومنه قولهم: أتبع الفرس لجامها، والناقة زمامها، والدلو رشاءها، يضرب للأمر باستكمال المعروف. فالصواب أن يقال: «أن أتبعه كتابين».
اقتصد مبلغا من المال
ويستعملون «اقتصد» بمعنى «وفر» أو «استبقى»، فيقولون: «اقتصد مبلغا كبيرا من المال». ومنهم من يعديه ب«على»، فيقول: «البلاغة الاقتصاد على ذهن السامع». وكلاهما مخالف للمسموع في هذا الفعل. فإن القصد والاقتصاد بمعنى الاعتدال والتوسط، ويعديان ب«في». فيقال: قصد في الأمر واقتصد، أي لم يفرط. وهذا التعريف للبلاغة من أغرب ما سمعته في حياتي.
استوضح منهم عن آرائهم
ويقولون: «باحث أهل العلم واستوضح منهم عن آرائهم». وفي هذه الجملة حرفا جر - من وعن - لا حاجة إليهما؛ لأن الفعل: «استوضح» في غنى عنهما كليهما، فالصواب أن يقال: «واستوضحهم آراءهم».
أدق دلالة
وترى بعضهم يحملهم التحذلق على استعمال ما يخالف مرادهم فيقولون: «إلا أن ترى خلافها مما هو أدق دلالة على مقصودك». وقرينة الكلام تشير إلى أنه يريد بقوله «أدق دلالة» أوضح دلالة، ولكن الأدق من الدقيق ضد الغليظ والأمر الغامض، فالتوى عليه المعنى وجاء عكس المراد. وكلمة «أدل» تغني عن الكلمتين «أدق دلالة» وتفيد المعنى المطلوب من أقرب الوجوه.
فلا تطمع في كتابتك أن تكون تعجب أحدا
ومن آيات هذا التنطع قول بعضهم: «فلا تطمع في كتابتك أن تكون تعجب أحدا»، والصواب «أن تعجب كتابتك أحدا».
يحفظها العقل في الذهن
ومنها: «التصورات يحفظها العقل في الذهن». و«الذهن» هو «العقل» كما لا يخفى، فلماذا لم يكتف بواحد منهما.
علم بهذه السابقية
ومنها: «لم يكن لمن جمع علم بهذه السابقية». وكأن القائل قاسها على «الأسبقية» التي تفيد زيادة السبق. ولكن معنى «السابقية» إنما هو السبق، وفيه كل الغنى عنها.
نفورك الشيء
ويعدون الفعل «نفر» بنفسه، فيقولون: «في نفورك الشيء ما يدعو إلى الشك بوقوعه». والصواب أن يعدى هنا ب«من»، فيقال: «من الشيء». وتعدية «الشك» بالباء خطأ، والصواب أن يعدى ب«في». والغريب في أن أحد أساتذة البيان ذكر «الشك» في كتابه بضع عشرة مرة ولم يعده فيها كلها إلا بالباء.
سواغية استعمال
ويقولون: «فتكون علة لسواغية استعمال إذا». وكأني بقائل «سواغية» مصدر «ساغ» يقيسه على طواعية وكراهية وعلانية وغيرها. ولكن هذا لسوء الحظ مما يسمع ولا يقاس.
منشم بحرفة الأدب
ويقولون: «يتهيأ لكل منشم بحرفة الأدب». ومعنى المنشم المبتدئ، وهو يعدى ب«في» لا بالباء. يقال: «نشم في الأمر» «وتنشم»، ابتدأ. ولكن بين رقة الابتداء وخشونة التنشيم فرقا لا يخفى على كل ذي ذوق سليم.
تقاضيناه لصرف القوة
ومن أوهامهم تعدية الفعل «تقاضى» باللام، فيقولون: «مهما تقاضيناه لصرف قوة». وهو يتعدى بنفسه أو بالباء، يقال: «تقاضاه الدين، وبالدين»، أي: قبضه منه وطلبه. وفي هذا التعبير خطأ آخر وهو استعمال الصرف بمعنى الإنفاق والاستنفاد، وقد مر بك الكلام عليه.
نعم وبئس أفعال
ويقولون: «نعم وبئس أفعال خاصة بالمدح والذم». ولعلهم أقدموا على هذا الاستعمال منساقين بقول النحاة عن الخبر أنه إذا لم يتضمن ضمير المبتدأ لم تلزم مطابقته له في جميع أحواله، كقولهم: المعربات قسمان. ولكن الإخبار عن الجمع بالمثنى لم يكن ليجوز الإخبار عن المثنى بالجمع؛ لأنه نافر غير مألوف.
ينبني عليه عدة أمور
ويقولون: «وينبني عليه عدة أمور حرية بالاعتبار». وهو خطأ؛ لأنه لم يرد عن العرب بناء «انفعل» من الفعل «بنى». والصواب أن يقال: «يبنى عليه».
أمعن. معن. تمعن
ومما يكثر استعمالهم له على خلاف الصواب قولهم: «لا تعرض عليه مسألة إلا ويمعن نظره فيها»، وقولهم: «ولو تمعنه جيدا لظهر له وجه الخطأ فيه»، وقولهم: «وبعدما أطال الإمعان في هذا الأمر قال لي»، وقولهم: «تمعنت في جوابه فلم أجده وافيا». فالإمعان معناه: الإبعاد، وهو لازم لا يتعدى بنفسه، بل بحرف الجر «في». تقول: «أمعن الرجل في سيره» و«أمعن الفرس في عدوه» و«الطائر في الجو» و«السفينة في البحر» ... وهلم جرا. وأما «تمعن» فلم يسمع في شيء من كلام العرب. فالصواب أن يقال في إصلاح هذه الجمل: «إلا وينعم نظره فيها» و«لو تأمله جيدا» و«بعد ما أطال النظر في هذا الأمر» و«رويت في جوابه» ونحو ذلك، مما لا يخفى على المفكر المتدبر.
نأمل نفعا
ومن أوهامهم قولهم: «تأمل من ورائه نفعا كبيرا»، أي: رجا وتوقع. وتأمل الشيء، تدبره وتبصره. فالصواب أن يقال أمل أو أمل.
تجاوز بمعنى فات
وخطأ بعضهم من يستعمل «تجاوز» بمعنى «فات» أو «ترك». والصحيح أنه لا خطأ فيه. فيقال: «تجاوزه»، كما يقال: «جاوزه». وقد وجدته في غير واحد من معاجم اللغة.
أعضاء الجسم
ومن أعضاء الجسد التي يؤنثونها وهي مذكرة: الرأس والبطن والحشا، فيقولون: «التهبت رأسه بنار الألم» و«بطنه تكاد تتمزق من شدة المغص» و«حشاه مسلوبة بيد الحزن». والصواب: «التهب، ويكاد يضطرب، ومسلوب». على أن هذه التعابير كلها ركيكة سخيفة.
قاصرا على
ويقولون: «كان كلامه قاصرا على السباحة ولم يتناول غيرها من الألعاب الرياضية». فيستعملون الفعل «قصر» لازما وهو متعد. فالصواب أن يقال: «مقصورا».
صنائع. وصف عن سياحته
ويعدون الفعل «وصف» ب«عن»، فيقولون: «اقرأ وصف ... عن سياحته»، وهو يتعدى بنفسه. فالصواب أن يقال: «وصف ... سيحاته أو لسياحته»، وهذه اللام للتقوية.
وأنكر بعضهم استعمال «صنائع» جمعا ل«صناعة». وهذا الإنكار خطأ لا مسوغ له. وقد نص ابن عقيل في شرحه لألفية ابن مالك على كون جمع فعالة على فعائل مطردا مقيسا، ومنه: بضائع وحبائل وحمائل ودعائم ورسائل وكنائس، جمع بضاعة وحبالة وحمالة ودعامة ورسالة وكناسة.
لا يختص بي
ويقولون: «هذا الأمر غير مختص بي»، أي: غير متعلق بي أو غير مقصور علي. فيعكسون استعمال الاختصاص؛ إذ يخصون الأمر بالشخص، والعرب يخصون الشخص بالأمر أو بالشيء. ففي كتب اللغة: خصه بالشيء وأخصه وخصصه واختصه فتخصص به واختص، أي: فضله على غيره فانفرد به. ومنه في سورة البقرة:
والله يختص برحمته من يشاء .
ملك المتخصصين للأبحاث الصرفية
وأغرب من هذا قول بعضهم: «ملك المتخصصين للأبحاث الصرفية». والمنقول عن العرب أن «تخصص» يتعدى بالباء لا باللام كما مر بك. وقوله: «لأن هذا البحث ليس من خصائصه». وأغرب منها كلها قوله: «هذه المسألة خارجة عن دائرة اختصاصك». ويستغنى عن هذه التعابير السخيفة بالقول: «ليس هذا من شأنك» أو «لست أهلا له» أو نحوهما.
الماس
ويطلقون كلمة «ماس» على الحجر الكريم المعروف، فيقولون: «الماس أغلى الجواهر وأكرمها»، ولكنه عند أهل التحقيق: «ألماس» لأنه معرب «أذماس» باليونانية، وعند تعريبه قلبت الذال لاما. فالصواب أن يقال: «الألماس أغلى الجواهر».
بقاء الأنسب
ومن غلطاتهم الكثيرة الشيوع قولهم في الكلام على الانتخاب الطبيعي: «سنة الطبيعة بقاء الأنسب». وليس في معاني الفعل «نسب» ما يسوغ هذا الاستعمال. فالصواب أن يقال: «بقاء الأصلح».
لا يناسبني
ومما يخطئون في استعماله وجه الصواب قولهم: «هذا الأمر لا يناسبني». وفي اللغة: ناسبه، شاكله وماثله ولاءمه وصار قريبه، وليس في هذه المعاني ما يدل على المراد بقولهم: «لا يناسبني». فالصواب أن يقال: «هذا الأمر ليس من بابتي، أي: لا يصلح لي، أو لا يفيدني ولا ينفعني».
لا يوافقني
وهذا الخطأ نفسه يرتكبونه في الفعل «وافق»، فيقولون: «لا يوافقني أن أسير على هذه الخطة». ومعنى «وافقه» صادفه. ووافقه في الشيء وعلى الشيء، ضد خالفه. وإصلاحه كإصلاح «لا يناسبني» الذي مر بك قبيل هذا.
يستجملون الأقدام الصغيرة
ومن أوهامهم قولهم: «الصينيون يستجملون الأقدام الصغيرة». وكأني بقائله أراد أن يجعل وزن استفعل من جمل للوجدان قياسا على استحسن واستهجن واستصوب واستحلى، ولكن ليس هذا مما يقاس. ولم يسمع وزن استفعل من هذا الفعل إلا للتحول والصيرورة. تقول: استجمل البعير، أي صار جملا. كاستأتن، صار أتانا. واستأسد، صار كالأسد. واستنسر، صار كالنسر. واستنوق الجمل، أي تشبه بالناقة.
بحرية
ويقولون: «فغرقت «السفينة» ولم ينج من بحريتها سوى تسعة». فيطلقون كلمة «بحري» على المعامل في السفن والبواخر ويجمعونها «بحرية» كما ترى. و«البحري» في كتب اللغة خلاف «البري». قال الزمخشري في أساس البلاغة: «امرأة بحرية عظيمة البطن شبهت بأهل البحرين وهم مطاحيل
18
عظام البطون». أما العامل في السفن والبواخر فيقال له: صار ونوتي وملاح وبحار.
لو مكان إن
وكثيرا ما يستعملون الحرف «لو» مكان «إن»، فيقولون: «وليعلموا أني لا أرهب جانبهم ولو كنت وحدي» و«سيبقى بخيلا ولو صار غنيا». والصواب: و«إن كنت» و«إن صار».
ترضية
ويقولون: «وهو باذل جهده في ترضيته»، أي: في طلب رضاه. فيستعملون مصدر «رضى» وهو لم يسمع عن العرب أو سمع قليلا جدا. والمنقول عنهم في هذا المعنى على وزن تفعل واستفعل. يقال: ترضاه واسترضاه، أي: طلب رضاه. ويقال أيضا: استرضاه، أي: طلب إليه أن يترضاه أو أن يرضيه. فيستعمل في معنيين متضادين ك«دان» و«أدان». فالصواب إذا، أن يقال: «باذل جهده في ترضيه» أو «استرضائه».
صاريات البوارج
ويقولون: «وترفع الراية على صاريات البوارج»، أي على أعمدتها المعروفة. وفي جمعهم لها بالألف والتاء، دليل على زعمهم أن مفردها «صارية»، والصحيح أن المفرد «صار» جمعه «صوار»، ويقال له: «دقل» جمعه «أدقال».
ملقه
ويقولون: «إني أكره التمليق والمداهنة». فيستعملون «ملق» بمعنى تودد وتلطف. ولم يرد في كلام العرب، بل قالوا: ملقه وملق له وتملقه تملق له، أي: تودد إليه وأعطاه بلسانه من الود ما ليس في قلبه.
خبر منعاه. ينعون إليكم وفاة
ويقولون: «ينعون إليكم بمزيد الأسف وفاة المرحوم». ولا حاجة لكلمة الوفاة في النعي؛ لأنه الإخبار بالموت أو الوفاة. فيكتفي بالقول ينعون ... المرحوم. راجع كلام على «خبر منعاه».
سبع أنفس
ويزعم بعضهم أن كلمة «نفس» مؤنث كيفما وقعت، فيقولون: «توفي من المصابين سبع أنفس». والصواب «سبعة»؛ لأنها تؤنث إذا كانت بمعنى «الروح» نحو:
خلقكم من نفس واحدة . أما إذا كانت بمعنى «شخص» كما في المثال، فتذكر.
خمسة عشر نفرا
ويستعملون كلمة «نفر» بمعنى شخص، فيقولون: «قبض رجال البوليس على خمسة عشر نفرا منهم وأودعوهم السجن». و«النفر» في اللغة: الناس كلهم، ومن ثلثة إلى عشرة، وقيل إلى سبعة من الرجال. ولا يقال: «نفر» في ما زاد على العشرة. ولذلك صح أن يقال: ثلثة نفر، وثلثة أنفار، كما يقال: ثلثة رهط، وثلثة أرهاط. راجع الكلام على «أرهاط».
الاسم الراكز
ويقولون: «عندما يرى الاسم الراكز في ذاكرته». فيستعملون «الراكز» بمعنى الراسخ والثابت. وفي اللغة: «ركز الرمح»، غرزه في الأرض. ولو قالوا: «المركوز»، فلربما كان يصح ولو على تأويل.
تعصيها الدول العظمى
ويقولون: «لئلا تعصاها إحدى الدول العظمى». والصواب: «تعصيها»؛ لأن هذا الفعل مفتوح العين في الماضي مكسورها في المضارع.
يتاح لهم تعرافه
ويقولون: «الذي يتاح له تعرافه» أي: معرفته. ولا يخفى أن مصدر تفعال من المجرد الثلاثي سماعي غير قياسي. ولم يسمع من الفعل «عرف».
يستشكل عليه الأمر
ويقولون: «فيستشكل عليهم الأمر» أي: يلتبس. والمسموع من هذا الفعل بالمعنى المراد: «أشكل» و«أشتكل».
كان عائشا
ويقولون: «الذي كان عائشا في القرن الماضي». ويستغنى عنه بالقول : «الذي كان» أو «الذي عاش».
كفوء لهذا ...
ويقولون: «وهو كفوء لهذا الأمر» و«بعد الاختبار وجدوه من خير الأكفاء» و«لكنه قليل الكفاءة». أي: هو أهل له، وجدير به، ومن ذوي الأهلية، وقليل الأهلية. ولا يخفى أن الكفؤ والكفؤ: المساوي والمماثل، والكفاء والكفاءة: المماثلة. فلا يفيد ما يريدونه. والصواب أن يقال: كاف وكفي، مثل سالم وسليم، والمصدر كفاية. والكفي الكفاية. يقال: هذا رجل كفيك من رجل، أي: حسبك. يستوي فيه المذكر والمؤنث مفردا ومثنى وجمعا.
يعفي آثارهم
ويقولون: «يبطش بهم ويعفي بآثارهم» و«يعفي على آثارهما». وفي كتب اللغة: عفت الريح المنزل وعفته، أي: درسته. فكلاهما يتعدى بنفسه لا بالباء ولا ب«على».
الكف السخي. الكف المخضب
ويقولون: «وهو صاحب الطرف الحي والكف السخي». ولعل المحافظة على السجع قضت باستعمال «الكف» مذكرا وهي مؤنث. ومن غريب أمر هذه الكلمة، أن علماء اللغة قالوا إنها مؤنث، ولا يعرف تذكيرها من يوثق بعربيته. ثم قالوا: «وأما قولهم: كف مخضب فعلى معنى ساعد مخضب». وكان الأجدر بهم أن يجعلوا «الكف» في عداد الأسماء التي يجوز تأنيثها وتذكيرها، أو أن يخطئوا من قال: «كف مخضب».
قلد
وأنكر بعضهم استعمال الفعل «قلد» بمعنى «حاكى»، وقالوا إنه لم يرد في كتب اللغة إلا في معنى قولهم: «قلد المرأة قلادة، جعلها في عنقها. والوالي فلانا العمل، فوضه إليه». ويظهر أنه لا مانع من استعمال «قلده» بمعنى «حاكاه» و«احتذى مثاله»، أي: «اقتدى به»، مأخوذا من معنى التقليد في تعريفات الجرجاني: «عبارة عن اتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل ... كأنه جعل قول الغير أو فعله قلادة في عنقه».
تجول
ويقولون: «وأخذ يتجول في قراها» و«لمكاتبنا المتجول». وفي كتب اللغة: «جول الرجل في البلاد تجوالا». ولم يسمع «تجويلا» طوف. فالصواب أن يقال: «يجول» و«مجول»؛ لأن «تجول» لم ينقل عن العرب.
أوقف الحركة. توقيف العمل
ويقولون: «وهذه الأزمة أوقفت حركة الأخذ والعطاء» و«أصدر أمره بتوقيف العمل». فيستعملون الإيقاف والتوقيف بمعنى التسكين وإبطال العمل وإلغائه، والصواب: «الوقف » مصدر وقف المجرد.
استقصى عن
ويعدون الفعل «استقصى» ب«عن»، فيقولون: «بعد استقصائي الوافر عن بقايا المسلمين هناك». والصواب: أن يعدى ب«في»، يقال: «استقصى في المسألة استقصاء، بلغ الغاية». وهكذا «تقصى»، فإنه بمعنى «استقصى».
مثل بمعنى هيأ
ويستعملون الفعل «مثل» بمعنى «هيأ» و«أعد»، فيقولون: «قبلما مثلت كتابي للطبع» و«جاءنا بعد تمثيل الجريدة للطبع». وفي كتب اللغة: «مثل الحديث» وبالحديث، بينه وأفاده. والشيء لفلان، صوره له بالكتابة وغيرها حتى كأنه ينظر إليه. وبفلان، نكل به. ولم ينقل «مثل» بمعنى «أعد».
رزق منها بولدين
ويعدون الفعل «رزق» إلى مفعوله الثاني بالباء، فيقولون: «ورزق منها بولدين». والصواب أن يقال: «رزق منها ولدين»؛ لأن «رزق» يتعدى إلى مفعوله الثاني بنفسه، كما إلى مفعوله الأول نحو: «رزقه الله الغنى».
تعرض للتلاف
ويستعملون «التلاف» مصدرا من «تلف»، فيقولون: «فإن ترك على حاله تعرض للتلاف». وقال أحدهم: من قصيدة «تلافي تلافي يا سليمى». وكأنهم يقيسونه على هلاك ودمار وفساد. ولكن مصدره المنقول عن العرب إنما هو «تلف».
سبقهم الأغراب إلى وضعه
وتراهم كثيرا ما يخطئون في جمع «غريب»، فيأتون به على أفعال ويقولون: «وما سبقهم إلى وضعه الأغراب». والصواب أن يقال: «الغرباء»؛ لأن جمع فعيل على أفعال نادر جدا لم يسمع إلا في صفات قليلة ليس «غريب» منها. راجع الكلام على «أمجاد».
إسناد كلامنا بشواهد
ويخطئون في استعمال الفعل «أسند»، فيأتون به بمعنى «أيد» أو «أثبت»، ويقولون: «إشارة إلى إسناد كلامنا بشواهد». وللفعل «أسند» معان كثيرة، ليس هذا منها.
يرشقوني نبالا
ويعدون الفعل «رشق» إلى مفعوله الثاني بنفسه، ويقولون: «يهجم علي أبناء قومي كلهم ويرشقوني نبالا». والصواب أن يعدى إليه بالباء، فيقال: «ويرشقوني بنبال».
الاه
ويأتون بالضمير بعد «إلا» متصلا، فيقولون: «لا يرون إلاه ولا يذكرون سواه». والواجب أن يؤتى به منفصلا، فيقال: «لا يرون إلا إياه»، أو أن يؤتى ب«غير» بدل «إلا»، ويقال: «لا يرون غيره».
داعيا على إعلاء شأن اللغة
ويقولون: «داعيا قويا على إعلاء شأن لغتنا»، فيعدون «دعا» بمعنى «ساق » أو «أدى» ب«على». والصواب أن يعدى ب«إلى». أما تعديته ب«على» فهي دعاء في الشر عكس تعديته بالباء كما لا يخفى.
لا يتحامون الانحشار
ويبنون الفعل «حشر» على انفعل، فيقولون: «لا يتحامون الانحشار في أي موضوع»، أي الدخول. ولم يسمع انحشر من حشر. هذا فضلا عن أن معنى الحشر في الأصل: الجمع، لا الدخول.
ما دام أنهم عرفوا
ويجعلون المصدر المأول من «أن» وما بعدها سادا مسد اسم «دام» الناقصة وخبرها، فيقولون: «وما دام أنهم عرفوا النحو». وهو تركيب شاذ نافر يسهل الاستغناء عنه بالقول: بما إنهم ... إلخ.
فنان
وترى أكثر الكتاب في هذه الأيام كلما أرادوا وصف إنسان بكونه صاحب فن قالوا: «فنان» على وزن فعال. ولا يخفى أن ما صيغ على وزن فعال كله سماعي لا يقاس عليه سواء أريد به معنى المبالغة، نحو: ضراب وبسام ونهاض، أو معنى النسبة، نحو: سياف وخزاف وعطار، أي: صاحب سيف وصانع خزف وبائع عطر. ولم يسمع «فنان» للمبالغة في الفن ولا للانتساب إليه. ولنا أن نعبر عن معناه بقولنا: «فني» أو «صاحب فن» أو «متفنن» أو «مفتن».
حفافيها
ويقولون: «أتريث على حفافيها برهة»، أي: جوانبها ونواحيها، كأنها جمع «حفية». والصحيح أن المفرد «حافة» بالتخفيف، وجمعها: حافات. أما حافة بالتشديد، فغير صحيحة أو مولدة. وهبها صحيحة، فجمعها «حافات، وحواف» لا «حفاف» كما في المثال.
يذيب الأجسام والأنفاس
ويقولون: «والحر يذيب الأجسام والأنفاس». فإذا صح أن الحر يذيب الأجسام لم ندر كيف يصح أن يذيب الأنفاس، وهي جمع نفس: وهو نسيم الهواء أو ما يدخل من فم الإنسان وأنفه؟! وإن قيل إنه على تقدير فعل محذوف، أي: يجمد الأنفاس كقوله: «وزججن الحواجب والعيونا» أي: وكحلن العيون، «وقول الآخر: علفتها تبنا وماء باردا» أي: وسقيتها ماء. قلت: إن جاز لمن كان ينظم الشعر ارتجالا، لم يجز لمن يكتب النثر مترسلا.
بالنيابة بدل نائب
وتطلع علينا صحف الأخبار من وقت إلى آخر، وفي فصل الصيف على الخصوص، بتغيير غريب نافر تجفوه الآذان وتنبو عنه العيون ويمجه الذوق السليم. فإنها، عند الإشارة إلى رجال الحكومة الذين ينوبون عن غيرهم في المناصب، تستعمل «بالنيابة» بدل «نائب»، وتقول: «رئيس الوزراء بالنيابة» و«وزير المالية بالنيابة» و«وزير المعارف بالنيابة». ومما لا ريب فيه، أن علماء اللغة ينكرون هذا الاستعمال المترجم عن الفرنسية، ولا يرون له أقل مسوغ على الإطلاق؛ لأن استعمال «نائب» قبل «رئيس» و«وزير»، أصح وأفصح وأدل على المراد من استعمال «بالنيابة». وتقديم الكلمة «نائب» على رئيس الوزارة أو على وزير المالية وغيره، أخف وألطف وأجمل من استخدام الكلمتين «بالنيابة» متأخرتين عنه، تجران وراءه ذيل الضعف والركاكة والخروج عن المألوف. وإذا شاع هذا الاستعمال وعم استبدال الكلمتين «بالنيابة» بالكلمة الواحدة «نائب»، فإني أخاف أن يتعدى نطاقه ويجاوزه إلى: وكيل ومعان ومساعد وغيره. فيقال مثلا: «وزير الداخلية بالوكالة» و«مدير الغربية بالوكالة» و«مأمور القسم بالمعاونة» و«مستشار الوزارة بالمساعدة»، بدل: وكيل وزير الداخلية، ووكيل مدير الغربية، ومعاون مأمور القسم، ومساعد مستشار الوزارة. وليس عجيبا بعد ذلك أن يقال: «جاء بسرعة» و«تكلم بابتسام» و«ذهب بمشي»، بدل: جاء مسرعا، وتكلم مبتسما، وذهب ماشيا. ولا يبعد أن يتناول اصطلاح النحاة فيقال: «الفاعل بالنيابة» و«المفعول المطلق بالنيابة»، «بدل نائب الفاعل» و«نائب المفعول المطلق»!
وليس بين علماء الأدب عموما وعلماء اللغة خصوصا، من يرضى عن هذا التعبير المهلهل الذي تنبو عن سماعه الآذان، طمعا في طلاوة الجديد أيا كان.
ظلم صارخ
ومما يستعملونه، مترجما أيضا عن الفرنسية، قولهم: «ظلم صارخ» و«غلطات صارخة» و«حقيقة صارخة». وهو استعمال جاف غليظ؛ سواء أريد بالصارخ: الصائح بصوت عال، أم أريد به: المغيث أو المستغيث. وإذا أريد المبالغة في وصف الظلم أو الغلط أو غيرهما بكونه فائق الحد، ففي خزانة اللغة كثير من المترادفات التي تدل على هذا المعنى وتغني عن «الصارخ»، مثل: فادح وفاحش وباهص وباهظ وعائل وغيرها. وفي وصف الحقيقة، يقال: حقيقة راهنة أو دامغة أو ثابتة ونحوها.
رضاء. وطلعة وضاء
ومن الخطأ الشائع استعمال بعضهم للكلمة «رضاء» مؤنثا، ظنا منهم أن ألفها للتأنيث كألف بيضاء وحمراء. فيقولون: «صحيفة وضاء» و«طلعة وضاء». وهو خطأ؛ لأن وضاء ليس مؤنث «أوض» كما يتوهمون، بل هو صيغة مبالغة من الوضاءة بمعنى الحسن والنظافة، مثل كبار وعجاب. فهو مذكر وهمزته أصلية للتأنيث ومؤنثه «وضاءة».
ضوضاء
ومن هذا القبيل خطؤهم في استعمال «ضوضاء»، فيقولون: «الضوضاء مضرة بالصحة»، زاعمين أنه مؤنث. وهكذا زعم الحارث بن حلزة، فاستعمل هذه الكلمة مؤنثة في عجز بيت شعر له. والحقيقة أن «ضوضاء» مذكر؛ لأنه مصدر «ضوضو»، أصله ضوضاو مثل بلبال وزلزال، قلبت واوه همزة لتطرفها بعد ألف.
وآتاه على مراده
ويقولون: «وآتاه على مراده» و«وآساه في مصابه»، فيبدلون من الهمزة، التي هي الحرف الأول في كل من هذين الفعلين، واوا. وهي لغة مهجورة. والصحيح الفصيح: «آتاه» و«آساه».
جلس يتفيأ ظلال الراحة
ويقولون: «جلس يتفيأ ظلال الراحة». فيستعملون الفعل «يتفيأ»، أي: يستدرئ ويتظلل، متعديا بنفسه. والصواب أنه يتعدى ب«في» أو بالباء. قال ابن منظور صاحب لسان العرب: «فاء الفيء، تحول. وتفيأ فيه، تظلل. تفيأت الشجرة، كثر فيؤها. وتفيأت أنا في فيئها». وقال الزمخشري في معجمه أساس البلاغة: «تفيأ بالشجرة، استظل بها».
أما ورود هذا الفعل متعديا بنفسه في قول أبي تمام: «فتفيأت ظله ممدودا»، فلضرورة الوزن.
وثقوا فيه كلهم
ويقولون: «وثقوا فيه كلهم» «وكان لهم ملء الثقة في كلامه» «وقد وثقوا من إخلاصه». فيعدون هذا الفعل ومصدره ب«في» أو ب«من»، والصواب أن يعدى بالباء. ومن هذا القبيل قولهم: «ويبذل عنايته في طبعها»، والعناية إنما تكون بالشيء، لا فيه.
تنوقل وتدورس في المدارس
ويخطئون في استخدام مشتقات لم يرد قط لها ذكر في معاجم اللغة ولا في كلام بلغاء العرب، فيقولون: «وهذا الوصف كثر ما تنوقل وتدورس في المدارس». فيشتقون من الفعل «درس» مزيدا على وزن تفاعل ويبنونه للمجهول. ولا يخفى أن مزيدات المجرد الثلاثي سماعية لا قياسية. ولم يسمع من المجرد «درس» مزيد على وزن تفاعل.
ماز
ويعدون الفعل «ماز» ومشتقاته تارة ب«عن» وطورا ب«على»، فيقولون: «يجب أن نميزه عن غيره» «وهو يمتاز على أقرانه». وكلاهما خطأ؛ لأن هذا الفعل إنما يتعدى ب«من» وهكذا مشتقاته. فيقال: مازه وميزه منه، فتميز وامتاز وانماز واستماز.
محلات. العمومية
ويقولون: «هذا الشيء يكثر وجوده بالمحلات العمومية». وفي هذا التركيب غلطتان؛ الأولى: «محلات» جمع «محل» بمعنى مكان، وما من مسوغ لجمعه بالألف والتاء. والثانية: «العمومية» تأنيث عمومي نسبة إلى عموم. والصواب فيها: المحال العامة.
مصان
وكثيرا ما يخطئون في بناء اسم المفعول من المجرد الثلاثي المعتل العين، فيقولون: «وهنا الحزن يراه القارئ مصاغا في عباراته». فيأتون به من المزيد «أصاغ» لا من المجرد «صاغ»، وهو خطأ صوابه «مصوغا». ومن هذا القبيل استعمال «مصان» بدل «مصون»، و«مباع» بدل «مبيع»، و«مهاب» بدل «مهوب» و«مهيب».
منعكف في صومعته
ومن الأغاليط التي يكثر ارتكابها قول بعضهم: «منعكف في صومعته». وهو خطأ صوابه: «عاكف» أو «متعكف» أو «معتكف».
تطور
ومنها قوله: «تطور اصطلاحاتها». فيستعمل التطور بمعنى النشوء والتحول والارتقاء، وهو بعيد كل البعد من منهج الصواب. أما حجته بورود التطوير في اللغة، وكونه يقتضي وجود التطور لأنه مطاوع له، فأوهى من خيط العنكبوت؛ لأن الأفعال التي سمع منها مزيد على وزن «فعل» دون «تفعل» أكثر من أن يحصيها عدد، مثل: فرح وسيج وسكت وحرم وخلد وخلط وخرف وطوف وطول وعور وفصل وقرص وكتم وغيرها.
بل البلاد العربية أجمع
ومنها قوله: «بل البلاد العربية أجمع». وهو خطأ صوابه: «جمعاء».
بهذه الخسارة
وقوله: «نعزي ... بهذه الخسارة»، والصواب: «عن هذه الخسارة».
يكلف بقسط منه
وقوله: «يكلف بقسط منه»، وصوابه: «يكلف قسطا من»؛ لأن الفعل «كلف» يتعدى إلى مفعولين، يقال: كلفه الشيء، لا بالشيء.
أهدوني مؤلفاتهم
ومنها قوله: «أهدوني مؤلفاتهم». وهو خطأ، صوابه: «أهدوا إلي» أو لي.
يأنسون إلى ذلك الوطن
وقوله: «يأنسون إلى ذلك الوطن». صوابه: «يأنسون به» أو «يصبون إليه».
بعض. ببعضها
وكثيرون منهم يرتكبون خطأ استعمال الكلمة «بعض» على وجه لم تسبق الإشارة إليه من قبل ، فيقولون: «لاستطاعته أن يربط هذه الحوادث ببعض». وإصلاح هذا الخطأ يتم بزيادة الكلمة «بعضها» بعد الكلمة «الحوادث»، فتصير الجملة هكذا: «أن يربط هذا الحوادث بعضها ببعض».
المقدرة على الخلق والاختراع للأشياء
ومن تراكيبهم المهلهلة السخيفة، قول بعضهم: «المقدرة على الخلق والاختراع للأشياء». وقالبها العربي الفصيح هكذا: «المقدرة على خلق الأشياء واختراعها».
المطار
ويستعملون المطار اسما لمكان الطيران. ولا يخفى أن الفعل «طار» مكسور العين في المضارع، فاسم المكان منه «مطير». ولم يرد في كتب الصرف أنه شذ عن هذه القاعدة كما شذ «مسحد ومشرق ومسكن» وغيرها مما ورد فيه اسم المكان مكسور العين مع كونه مضمومها في المضارع. أما قول صاحب لسان العرب: «المطار موضع الطيران»، مع أنه أثبت كون الفعل «طار» مكسور العين في المضارع، فعندي أن الكلمة «المطار» غلط مطبعي صوابه «المطير».
ألفاظ فصحى
ومن أغاليط بعضهم قوله: «ألفاظ فصحى». ولا يخفى أن أفعل التفضيل يلزم الإفراد والتذكير ما لم يضف إلى معرفة أو يعرف بأل. فالصواب أن يقال: إما «الألفاظ الفصحى» وإما «ألفاظ فصيحة». ومثله قول الآخر: «ثلث أمم عظمى»، والصواب: «عظيمة».
انزرع بمخه رأي
ومنها قوله: «انزرع بمخه رأي». ولعله قاس «انزرع» على «انغرس». ولكن مزيدات الأفعال سماعية كما سبق الكلام، ولم يسمع من الفعل «زرع» مزيد على «انفعل».
للتدليل على صحة الأسلوب
ومنها قوله: «للتدليل على صحة الأسلوب». صوابه: لبيان صحة الأسلوب أو للدلالة عليها. أما «دلل» فلم يرد بهذا المعنى.
تلك النفس العيوفة
ومنها قوله: «تلك النفس العيوفة». و«عيوف» فعول بمعنى الفاعل، فيستوي فيه المذكر والمؤنث مع ذكر موصوفه. والصواب أن يقال: «النفس العيوف».
اللام وزيادتها في جواب إن وإذا
ومنها قوله: «إذا دققت النظر لرجعت إلى كلامي» ربط جواب «إذا» باللام، كأنه حملها على «لو». والصواب بدون اللام. نعم إنهم أجروا «إن» الشرطية مجرى «لو» في إدخال اللام على جوابها كقولهم: «وإلا لكان كذا»، ولكنهم لم يجروا «إذا» هذا المجرى.
سمع به كافة الناس
ومن أغلاطهم قولهم: «سمع به كافة الناس». وإضافة «كافة» أو إدخال «أل» عليها مذهب ضعيف جدا. والصحيح في استعمالها تجريدها من «أل»، والإضافة والإتيان بها منصوبة على الحال. وهكذا: قاطبة وطرا، فيقال: «سمع به الناس كافة».
حور.تحوير
ومنها قولهم: «فعملهم الآن محصور في تحوير المعاهدة». والتحوير في اللغة: التبييض، يقال: «حور الثوب» إذا قصره وبيضه. فالصواب أن يقال هنا: في تنقيح المعاهدة أو تعديلها أو تهذيبها.
فقط
في فقرة سابقة أشرنا إلى خطأ استعمال «فقط» بعد أدوات الاستثناء والأفعال التي تفيد معنى الحصر كقولهم: «لم يزرنا إلا ثلثة رجال فقط» و«ما رأيناه غير مرتين فقط» و«ما قصرنا جريدتنا على هذه المباحث فقط». ونبهنا على كون زيادة «فقط» في مثل هذه الأمثلة حشوا لا فائدة له؛ لأن الكلام يستقيم كل الاستقامة بتركها. والآن نقول إن هذا الاستعمال باق لسوء الحظ شائعا حتى بين الذين يعدون أنفسهم من كبار علماء اللغة. ومن ذلك قول بعضهم في مقالة نشرها حديثا: «لم تنحصر شهرتها في القاهرة فقط». وهل من فائدة للكلمة «فقط» في تركيب كهذا؟ وكثيرون من الكتاب انساقوا بعامل التحذلق إلى استعمال «فحسب» كاستعمال فقط، أي في غير محلها وبلا أقل مسوغ لها. ولا يخفى أن هاتين الكلمتين كلتيهما تستعملان في الإيجاب لا في النفي وبمعنى واحد، نحو: «زارني مرة فقط»، و«تناولت من الطعام وجبة فقط»، و«المراد بالنهار من طلوع الشمس إلى غروبها فحسب»، و«الرزق بيد الله فحسب»، و«زيد صديقي فحسب». ومعنى «فحسب» في الأمثلة الثلثة: فقط أو يكفي. لكنهم في هذه الأيام يسرفون في استعمالها على خلاف وضعها.
يعاونهم في إنشائها ويساعدهم في إدارة شؤونها
ويقولون: «يعاونهم في إنشائها ويساعدهم في إدارة شؤونها». وتعدية هذين الفعلين ب«في» خطأ، صوابه ب«على».
دعاه إليه وأحاطه علما بما جرى
ومن ذلك قولهم: «دعاه إليه وأحاطه علما بما جرى»، أي: أعلمه وأخبره. فيعدون الفعل «أحاط» وهو لازم، يقال: «أحاط به علما» و«أحاط به علمه» و«أحاط بالأمر».
فهرع لاستقباله عدد كبير من ذوي الحيثيات
ومن ذلك قولهم: «فهرع لاستقباله عدد كبير من ذوي الحيثيات». فالحيثيات جمع حيثية مؤنث حيثي، نسبة إلى «حيث». وأين هذا من القول ذوي المكانة أو أصحاب الجاه أو أولي الوجاهة وغيرها.
يجب الإسراع في مداركته وملافاة أسبابه قبل فوات الوقت
ومنه قولهم: «يجب الإسراع في مداركته وملافاة أسبابه قبل فوات الوقت». والمداركة والملاقاة كلتاهما خطأ؛ لأن الفعلين المستعملين لهذا المعنى هما «تدارك» و«تلافى»، لا «دارك» و«لافى». فالصواب إذن: «في تداركه وتلافي أسبابه».
متمتع برفاه العيش
ومنه قولهم: «متمتع برفاه العيش». وكأنهم يقيسون «الرفاه» على الرخاء والهناء. والصواب: «رفاهة» أو «رفاهية».
وهو ذو ثروة طائلة
وقولهم: «وهو ذو ثروة طائلة». فيستعملون «طائلة» صفة بمعنى كثيرة أو كبيرة، وهي اسم موصوف بمعنى العداوة والثأر والسعة والقدرة والغنى.
وعمله هذا ينم عن سوء نيته
وقولهم: «وعمله هذا ينم عن سوء نيته». فيعدون الفعل «نم» ب«عن»، وهو يتعدى ب«على»، كقولهم: «نمت على المسك رائحته».
قال ثعلب:
ونم عليك الكاشحون وقبل ذا
عليك الهوى قد نم لو نفع النم
وقال ذو الرمة:
فأسبلت العينان والقلب كاتم
بمغدودق نمت عليه سواكبه
ويعدى أيضا بالباء؛ قال الشيباني:
تجليت للأكوان خلف ستورها
فنمت بما ضمت عليه الستائر
علاوة على ما سبق ذكره
وقولهم: «علاوة عما سبق ذكره». وهو خطأ صوابه: «على ما سبق ذكره».
لهذا الكلام معناه
وقولهم: «لهذا الكلام معناه الذي لا يخفى على القارئ» و«لهذه المسألة أهميتها التي لا مزيد عليها». وهذا التعبير الغريب النافر كثير الشيوع في هذه الأيام تتناوله أقلام الكتاب. ولا أدري لماذا نتكلف إضافة الشيء إلى صاحبه وزيادة الاسم الموصول بعده، ولا نكتفي بإدخال حرف الجر اللام الدال على الاختصاص؟ فبدون الإضافة والاسم الموصول، يبقى التركيب: «لهذا الكلام معنى لا يخفى على القارئ» و«لهذه المسألة أهمية لا مزيد عليها»، وافيا بالمراد وصافيا من كدر حشو لا فائدة منه.
فنهنئه بسلامة الوصول
وقولهم: «فنهنئه بسلامة الوصول». والقادم من سفر إنما يهنأ بسلامته هو أو بوصوله سالما لا بسلامة وصوله.
يؤسفني أن أخبركم بما حدث
وقولهم: «يؤسفني أن أخبركم بما حدث». ومعنى «آسف» أغضب وهو خلاف المراد. فالصواب أن يقال: يحزنني، أو يسؤني، أو يشق علي، أو يعز علي.
قصيدة عصماء
وعندما يريدون التنوية ببلاغة قصيدة يقولون: «قصيدة عصماء». و«عصماء» مؤنث «أعصم»، والأعصم من الظباء والوعول ما في ذراعيه أو في أحدهما بياض، وسائره أسود أو أحمر. وليس في هذا شيء يصح اتخاذه وصفا للقصيدة، إلا إذا أريد شدة المبالغة في كونها مما يعز وجوده كالغراب الأعصم!
أغدق عليه إحسانه
ويقولون: «أغدق عليه إحسانه». فيستعملون الفعل «أغدق» متعديا، بمعنى «سكب» أو «أفرغ» أو «أتم»، كأسبغ، مع أنه لازم: كغدق واغدودق. فيقال: «غدق المطر وأغدق واغدودق» إذا كثر قطره.
غالبا ما نرى
ويقولون: «غالبا ما نرى» و«غالبا ما نسمع»، قياسا على القول المألوف: «كثيرا ما». فيجيء قياسهم في غير محله.
شيق
وتراهم، كلما أرادوا وصف شيء بالبساطة والخلو من التكلف والزخرفة، يعمدون إلى الكلمة «متواضع» ويتبارون في حلبة استعمالها في هذا المعنى، كما يتسابقون في مضمار استعمال «المحاضرة» بمعنى الخطبة، و«الشيق» بمعنى الشائق، و«القيم» بمعنى النفيس الثمين، و«فحسب» بمعنى فقط، «وبالنيابة» بدل نائب، وغيرها مما سبق التنبيه على خطأ استعماله. فيقولون: «غلاف متواضع» و«فكرة متواضعة» و«رأي متواضع» و«تشبيه متواضع»، فالتواضع ضد الكبرياء. والمتواضع هو المتخشع غير المتكبر، فكيف يصح أن نصف به غلاف الكتاب وفكرة المرء ورأيه؟ حقا إن هذا الاستعمال غاية في السخافة والابتذال!
للعادة إجلالها واحترامها
ومن التراكيب المبتذلة الكثيرة الشيوع في هذه الأيام قولهم: «للعادة إجلالها واحترامها» و«هذه مسألة لها أهميتها وخطورتها» و«هذا بحث له فائدته» و«لما كان لهذا المجمع خطره». ويتم الإصلاح بحذف الضمير المضاف إليه أو بتغيير التركيب، والقول: «العادة محترمة» و«هذه مسألة ذات أهمية» و«هذا بحث مفيد» و«هذا المجمع خطير الشأن».
التسلية البريئة
ويقولون: «التسلية البريئة» و«النقد البريء». و«البريء» خلاف المتهم والمذنب، فلا يصح وصف التسلية والنقد به. وإنما يقال: «نقد جائز» و«تسلية مباحة».
نطقوها بلسانهم
ويقولون: «نطقوها بلسانهم». فيعدون الفعل «نطق» بنفسه، وهو إنما يتعدى بالباء. فالصواب: «نطقوا بها».
استخلاص
ويقولون: «الكتب التي اعتمد عليها المؤلف في استخلاص تاريخ ذلك العهد». والصواب: «تخليص» أو «تلخيص».
في تبوئه أريكة العرش
ويقولون: «في تبوئه أريكة العرش». والأريكة: السرير، وهكذا العرش. وليس هذا من قبيل الإضافة البيانية.
سوف أعزله من هذا المنصب
ويقولون: «سوف أعزله من هذا المنصب». فيعدون الفعل «عزل» ب«من»، وهو إنما يتعدى ب«عن».
فقدان الإيمان في الله
ويقولون: «فقدان الإيمان في الله». وصوابه: «الإيمان بالله».
يعتقد بشيء يسمى وطا
ويقولون: «يعتقد بشيء يسمى وطا». فيعدون الفعل «اعتقد» بالباء وهو يتعدى بنفسه، يقال: «أعتقد الشيء وأعتقده».
جمع الكثرة موضع جمع القلة
وكثيرا ما يستعملون جمع القلة موضع جمع الكثرة، فيقولون: «لك المقام الأول في أعين جنودك»، ويستعملون جمع الكثرة موضع القلة فيقولون: «الواو من حروف العلة» و«العين من حروف الحلق». والصواب: «عيون جنودك» و«أحرف العلة» و«أحرف الحلق». كما لا يخفى ولا يصح هذا الإطلاق إلا في الأسماء التي ليس لها سوى جمع واحد.
يا من خنت الوطن
ولا يخفى أن الضمير العائد إلى الموصول يقتضي أن يكون ضمير غيبة على كل حال ليطابقه، ولا يجوز العدول عنه إلى الحاضر. وما ورد من ذلك في الشعر لضرورة الوزن معدود نافرا في القياس ونادرا في الاستعمال. ومع ذلك يرتكبه كثيرون من الكتاب في هذه الأيام، فيقولون: «يا من خنت الوطن» و«أنت الذي دفعتني أن أحنث بيميني». والصواب: «خان ودفعني».
صفحة غير معروفة