قال أبي بن حمام العبسي:
لستُ بمولى سوأةٍ أدعي لها ... فإنَ لسوءاتِ الأمور مواليا
ولن يجد الناسُ الصديقُ ولا العدى ... أديمي إذا عدوا أديمي واهيا
وإنَّ نجاري يا بن غنم مخالفٌ ... نجارَ اللئام فابغني من ورائيا
وسيان عندي أن أموتَ وأنْ أرى ... كبضعِ رجالٍ يوطنونَ المخازيا
ولست بهيابٍ لمن لا يهابني ... ولستُ أرى للمرء ما لا يرى ليا
إذا المرءُ لم يحببكَ إلاّ تكرهًا ... عراضَ العلوقِ لم يكن ذاك باقيا
قال بعض بني فقعس:
وذوي ضبابٍ مظهرينَ عداوةً ... قرحى القلوب معاودي الأفنادِ
ناسيتهم بغضاءهم وتركتهم ... وهم إذا ذكرَ الصديقُ أعادي
كيما أعدهمُ لأبعدَ منهم ... ولقد يجاءُ إلى ذوي الأحقادِ
قال آخر:
لا يمنعنكَ خفض العيش في دعة ... نزوعُ نفس إلى أهل وأوطانِ
تلقى بكل بلادٍ إنْ حللتَ بها ... أهلًا بأهلٍ، وجيرانًا بجيرانِ
قال رجل من بني أسد:
وما أنا بالنكس الدنيّ ولا الذي ... إذا صدَّ عني ذو المودة أحربُ
ولكنني إنْ دام دمتُ وإنْ يكن ... له مذهبٌ عني فلي عنه مذهبُ
ألا إنَّ خير الود ودٌّ تطوعتْ ... به النفسُ لا ودَّ أتى وهو متعبُ
قال آخر:
ولا خيرَ في ودَ أمرء متكاره ... عليك ولا في صاحب لا توافقه
إذا المرءُ لم يبذل من الود مثل ما ... بذلت له فاعلم بأني مفارقه
قال جابر بن الثعلب الطائي:
ومن يفتقر في قومه يحمد الغنى ... وإنْ كان فيهم واسط العم مخولا
ويزري بعقل المرءِ قلةُ ماله ... وإنْ كان أسرى من رجال وأحولا
كأنَّ الفتى لم يعر يومًا إذا اكتسى ... ولم يك صعلوكًا إذا ما تمولا
ولم يك في بؤسٍ إذا باتَ ليلةً ... يناغي غزالًا فاترَ الطرف أكحلا
قال آخر:
لعمري لرهطُ المرءِ خيرٌ تقيةً ... عليه وإنْ عالوا به كلَّ مركبِ
من الجانب الأقصى وإن كان ذا غنى ... جزيل ولم يخبركَ مثل مجربِ
إذا كنتَ في قومٍ ولم تكُ منهم ... فكلْ ما علفتَ من خبيث وطيبِ
وإنْ حدثتك النفس إنك قادر ... على ما حوتْ أيدي الرجال فجربِ
قال عروة بن الورد العبسي:
أقول لقوم في الكنيفِ تروحوا ... عشيةَ بتنا عند ماوان رزحِ
تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم ... إلى مستراح من حمام مبرحِ
ومن يك مثلي ذا عيال ومقتر ... من المالِ يطرحْ نفسه كلَّ مطرحِ
ليبلغ عذرًا أو يصيبَ رغيبة ... ومبلغُ نفس عذرها مثلُ منجحِ
قال أوس بن حبناء التيمي:
إذا المرءُ أولاكَ الهوانَ فأولهِ ... هوانًا وإنْ كانت قريبًا أواصر
فإنْ أنتَ لم تقدرِ على أن تهينه ... فذره إلى اليوم الذي أنت قادر
وقارب إذا ما لم تكن لك حيلةٌ ... وصممْ إذا أيقنت أنك عاقر
قال إياس بن الآرت الطائي:
إذا ما تراخت ساعةٌ فاجعلنها ... لخيرٍ فإنَّ الدهر أعصل ذو شغب
فإنْ يك خيرٌ أو يكن بعض راحة ... فإنكَ لاقٍ من هموم ومن كرب
قال سوار بن المضرب:
يا أيها القلب هل تنهاك موعظةٌ ... أو يحدثنْ لك طولُ الدهرِ نسيانا
إني سأستر ما ذو العقل ساترهُ ... من حاجةٍ، وأميتُ السرَّ كتمانا
وحاجةٍ دون أخرى قد سنحت بها ... جعلتها للتي أخفيتُ عنوانا
إني كأني أرى من لا حياء لهُ ... ولا أمانة بين الناسِ عريانا
قال آخر:
وليس فتى الفتيان منْ جلُّ همه ... صبوحٌ فإنْ أمسى ففضل غبوق
ولكن فتى الفتيان من راح أو غدا ... لضرِّ عدوٍ أو لنفع صديق
أنشد الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس في حماسته لمصعب بن الزبير:
في القوم معتصم بقوة أمرهِ ... ومقصرٌ أزرى به التقصير
لا ترضَ منزلة الذليلِ ولا تقمْ ... في دار معجزة وأنتَ خبيرُ
وإذا هممت فأمضِ همكَ إنما ... طلبُ الحوائج كلها تعزيرُ
قال الأجدع بن خشرم:
إذا خفتَ سدًا لأمر فارم بعزمة ... مذاهبه يركبْ بك العزمُ مركبا
وإن وجهة سدتْ عليك فروجها ... فإنك لاقٍ لا محالة مذهبا
1 / 28