أناةً وحلمًا وانتظارًا بهم غدًا ... فما أنا بالواني ولا الضرع الغمرِ
أظن صروف الدهر بيني وبينهم ... ستحملهم مني على المركب الوعرِ
قال قطبة بن الخضراء:
وإذا لقيت كتيبةً فتقدمن ... إنَّ المقدم لا يكون الأخيبا
تلقى التحية أو تموت بطعنة ... والموت آتٍ من نأى وتجنبا
قال الكميت بن زيد:
وإنا لذوداون عن حرماتنا ... إذا كان يومُ أكلف الوجه أغبر
وذمتنا محفوظة برماحنا ... إذا ما أضاع الذمة المتخفر
وأيماننا مبسوطةٌ بسيوفنا ... مطبقةٌ يوم الوغى حين تشهر
وأعراضنا مستورةٌ بحياتنا ... وما خيرُ عرض لا يصانُ ويسترُ
قال الكميت بن معروف:
بطاءٌ عن الفحشاء لا يحضرونها ... سراعٌ إلى داع الصياح المثوب
مناعيش للمولى، مساميح بالقرى ... مصاليتُ تحت العارض المتلهبِ
وقال أيضًا:
إني نماني للمكارم نوفلٌ ... والخالدان ومعبد والأزهرُ
يا ربَّ جبار ضربنا رأسه ... إنا لنضرب رأس من يتجبرُ
المقدمون إذا الكتائب أحجمتْ ... والعاطفون إذا استضاف المحجر
ونكر في يوم الوغى ورماحنا ... حمرُ الأسنة حين يغشى المنكر
قال أبو مسلم:
أدركت بالرأي والكتمان ما عجزتْ ... عنه ملوك بني مروان إذ قعدوا
مازلت أسعى عليهم في ديارهم ... والقومُ في غفلة بالشام قد رقدوا
حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا ... من نومة لم ينمها قبلهم أحدُ
ومن رَعى غنمًا في أرض مشبعةٍ ... ونام عنها تولى رعيها الأسدُ
قال الحارث بن ظالم بن جذيمة:
فأقسم لولا تعرض دونهُ ... لخالطه ما في الحديدة صارمِ
علوت بذي الحيات مفرق رأسه ... ولا يركبُ المكروه إلا الأكارمِ
قال خالد بن جعفر بن كلاب:
ولا حرز إلاَّ كلَّ أبيض صارم ... وكلُّ رديني وجرداء ضامر
وأجرد كالسرحان خاط بضبعه ... محرم أنساء مفجُّ الدوابر
قال الأفوه الأوديَّ:
خليلان مختلفٌ شأننا ... أريدُ العلاء ويبغي السمن
أريدُ دماء بني مالك ... وراق المعلى بياض اللبن
قال خالد بن زهير الهذلي:
فأقصرْ ولا تأخذكَ مني سحابةٌ ... تنفر منا المرتعين خواتها
ولا تبعثُ الأفعى تداور رأسها ... ودعها إذا ما غيبتها سفاتها
قال غيره:
حبست بضيقة فرسي ونفسي ... حفاظًا للعشيرة واصطبارا
رفعتُ به ذمارَ حماةِ قيسٍ ... وخيرُ القوم من رفع الذمارا
أثبت مجدهم ما دمتُ حيًا ... ولستُ بمورثٍ إنْ مت عارا
قال آخر:
ألم تعلمي والعلمُ ينفع أهله ... وليس الذي يدري كآخر لا يدري
إذا ما الثريا أشرقت في قتامها ... فويق الناس كالرفقة السفرِ
وأردفتِ الجوزاء يبرق نظمها ... كلون الصوار في مرابعها العمر
بانا على سرائنا غير جهل ... وإنا على ضرائنا من ذوي الصبر
قال رجل من بني مازن:
نباشر في الحرب المنايا ولا ترى ... لمن لا نباشرها من الموت مهربا
أخو غمرات ما يورع جأشه ... إذا الموتُ بالموت ارتدى وتعصبا
قال مالك بن الريب:
وما أنا بالنائي الحفيظة في الوغى ... ولا المتقي في السلم جرَّ الجرائم
ولا المتازي للعواقب في الذي ... أهمُ به من فاتكات العزائم
ولكنني ماضي العزيمة مقدمٌ ... على غمرات الحادث المتقادم
قليلُ اختلاج الرأي في الجد والهوى ... جميع الفؤاد عند وقع العظائم
قال حاتم بن سحيم:
ألا هل أتى أهل العراق مناخنا ... نقسم بين الناس بؤسى وأنعما
بأبيض معقود به التاج ماجدٌ ... وفتيان صدق لا يهابون معدما
ونضرب صنديد الكتيبة في الوغى ... ونركبُ أطراف الرماح تكرما
قال عبد الله بن ذكوان:
وليس بمذهب ما في فؤادي ... سوى بيض يفلقن الشؤونا
فلا ترضوا بأخذ النصف منهم ... فإنَّ النصف حظا الأرذلينا
قال عمرو بن عمر:
غداة أتى أهل العراق كأنهم ... من البحر لجَ موجه متراكب
وجئنا جميعًا في الحديد كأننا ... سحابُ خريف دفعته الجنائبُ
1 / 13