196

التذكرة في الوعظ

محقق

أحمد عبد الوهاب فتيح

الناشر

دار المعرفة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

فاعبدوا الْخَالِق معتقكم عَن عبَادَة الْمَخْلُوق وابتغوا عِنْد الله الرزق فَكل من سواهُ من فَضله مَرْزُوق أَيهَا العَبْد إِن كنت بِرَبِّك مُؤمنا فتحقق بِالْإِيمَان بِاللَّه وَكن فِي عِبَادَته وَإِلَى عِبَادَته محسنا وتدبر أَمْثَال الْقُرْآن فقد ضرب الله للنَّاس فِيهِ من كل مثل إِنَّمَا فَائِدَة ضرب الْمثل ظُهُور مَا خَفِي من حسن أَو قَبِيح فِي وصف أَو عمل ضرب الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه الْمثل بالحمار لعالم أقبل بِلِسَانِهِ على دراسة الْعُلُوم ثمَّ أعرض بِقَلْبِه عَنْهَا وبالكلبلعالم أَتَاهُ آيَاته فانسلخ مِنْهَا وبالحجارة لقساة الْقُلُوب وبالأنعام لمن همه فِي الْمَأْكُول والمشروب وبالعنكبوت فِي ضعف من اشْتَدَّ فِي عبَادَة الْمَخْلُوق مثله وبالذباب فِي عجز الْأَوْثَان عَن استنفاذ مَا سلبه بغيه أَو علق بِرجلِهِ لَو علم الْمَخْلُوق قدر نعْمَة الْخَالِق عَلَيْهِ لَو علم المرزوق بعض إِحْسَان الرازق إِلَيْهِ وَلَو لم يكن إِلَّا نطق لِسَانه وشفتيه وَسمع أُذُنَيْهِ وَنظر عَيْنَيْهِ وبطش يَدَيْهِ وسعي رجلَيْهِ إِذا يسْجد لله سَجْدَة شكر لم يرفع رَأسه مِنْهَا إِلَى يَوْم الْوُقُوف بَين يَدَيْهِ فَكيف وانتم عَن ذكره وشكره غافلون بل أَكْثَرَكُم لأَمره مخالفون يدعوكم إِلَيْهِ وَأَنْتُم فارون ويأمركم أَن تؤمنوا بِهِ وَأَنْتُم فريق مِنْكُم برَبهمْ كافرون كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون غذاكم فِي ظلمات الأحشاء كَمَا يغذي الثَّمر فِي الأغصان ثمَّ أخرجكم من الظُّلُمَات إِلَى ضوء الفضاء وسعة الأوطان ثمَّ وَعدكُم أَن ينقلكم من عتمة شقوة الدُّنْيَا إِلَى روح نعيم الْجنان كم أَنْتُم بلقائه لَا توقنون ولنعمته لَا تشكرون كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ ثمَّ إِلَيْهِ

1 / 213