الاستيعاب، فمتى أطلقه الحكيم ومراده التخصيص ولم يبين ذلك، فقد أتى بألغاز، وليس هذا كتأخير بيان المجمل من الكلام وبينهما فرقان (1).
والألفاظ [5 / ب] المنكرة (2) موضوعة في أصل اللغة للجنس دون التعيين، فإذا ورد الأمر بفعل يتعلق بنكرة، وجب إيقاعه على ما يستحق بمعناه سمة الجنس، سوى ما زاد عليه فمن ذلك ما يفيد أقل ما يدخل تحت الجنس، كقول القائل لغيره: تصدق بدرهم، فامتثال هذا الأمر أن يتصدق بدرهم كائنا ما كان من الدراهم.
وليس النهي بالنكرة كالأمر بها، لأن الأمر هاهنا يقتضي التخصيص، والنهي يقتضي العموم. ولو قال النبي صلى الله عليه وآله لأحد أصحابه: (لا تدخرن درهما ولا دينارا) لاقتضى ذلك ألا يدخر منهما شيئا. ولو قال له: (تصدق بدرهم ودينار) لأفاد ذلك أن يتصدق بهما، ولم يلزمه أن يتجاوزهما.
وليس القول بأن الأمر بالنكرة يقتضي أن يفعل أي واحد كان من الجنسين بمفسد ما تقدم من القول في تأخير البيان عن قوم موسى عليه السلام لما أمروا بذبح بقرة بلفظ التنكير، لأن حالهم تقتضي إن مع الأمر لهم بذبحها قد كانت لهم قرينة اقتضت التوقف والسؤال، وسؤالهم دلك (3) على ذلك.
ولو تعرى الأمر من القرينة لكان مجرد وروده بالتنكير يقتضي الامتثال في أي واحد كان من الجنسين.
ومن هذا الباب أن يرد الأمر بلفظ التثنية والتنكير كقوله: (إعط
صفحة ٤٠