تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام
الناشر
دار الإمام الشافعي للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥هـ - ٢٠١٤مـ
تصانيف
وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلًا عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم.
ولما كان هذا المقصود إنما يتم مع الصوم، شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم وهو العشر الأخير من رمضان (١).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ» (٢).
وعَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» (٣).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ: «كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ ﷿» (٤).
قال ابن بطال-﵀:
فهذا يدل على أن الاعتكاف من السنن المؤكدة؛ لأنه مما واظب عليه النبي ﵇؛ فينبغي للمؤمنين الاقتداء فى ذلك بنبيهم.
(١) انظر: زاد المعاد لابن القيم (٢/ ٨٢، ٨٣). (٢) أخرجه البخاري (٢٠٢٥) ومسلم (١١٧١)، (٣) أخرجه البخاري (٢٠٢٦)، ومسلم (١١٧٢). (٤) أخرجه أحمد في «مسنده» (٧٧٨٤).
1 / 72