الترمذي عن عمران بن حصين أنه مر على قارئ يقرأ ثم سأل فاسترجع ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرأون القرآن يسألون به الناس)) قال الترمذي: حديث حسن. وذكر الحليمي في كتاب منهاج الدين له عن الحسن قال: كنت أمشي مع عمران بن حصين فانتهي إلي رجل يقرأ سورة يوسف فجلس إلى جانب حائط ونحن معه ثم سأل الناس فقال عمران: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرؤوا القرآن واسألوا الله به فإن بعدكم أقواما يقرأون القرآن يسألون به الناس)) وروى عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((تعلموا القرآن واسألوا الله الجنة قبل أن يجيء قوم يسألون به الدنيا، وإن القرآن يتعلمه ثلاثة، رجل يباهى به. ورجل يستأكل به، ورجل يقرؤه لله)) وقال عبد الله ابن مسعود: سيجيء على الناس زمان يسئل فيه بالقرآن فإذا سألوكم فلا تعطوهم، وقال ميمون بن مهران: لا تتخذوا القرآن بضاعة تلتمسوا به الشف في الدنيا -يعني الربح- واطلبوا الدنيا بالدنيا، والآخرة بالآخرة. وصلى عبد الله بن مغفل بهم في رمضان فلما كان بعد الفطر أرسل إليه عبيد الله بن زياد بخمسمائة درهم وحلة فردهما وقال: إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا. وقال زاذان: من قرأ القرآن ليستأكل به أموال الناس جاء يوم القيامة وليس في وجهه لحم. وروى عن عبد الله بن عمر أنه جاء من المسجد الجامع حتى بلغ أصحاب الدار إذا رجل والناس مجتمعون عليه فنظر فإذا رجل يقرأ ويسأل الناس، فالتمس سوطا فوجده ثم أتى الناس فقال: أفرجوا فعلا رأسه ضربا حتى سبقه عدوا فقال: يا آل عباد الله ما كنت أرى أني أبقي حتى أرى أحدا يسأل بكتاب الله شيئا.
قال المؤلف رحمه الله: فلا ينبغي لمن حفظ القرآن أن يسأل به غير الله تعالى. وكان بعض السلف إذا ختم القرآن يقول: اللهم اغفر لي بالقرآن، اللهم ارحمني بالقرآن، اللهم أهدني بالقرآن، اللهم عافني بالقرآن، وإنما كان هذا لأن القرآن كلامه فلا ينبغي أن يسأل به غيره. وأكثر من قولك: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}. لأن حسنة نكرة في سياق الدعاء فهو يحتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل، وحسنة الآخرة الجنة بإجماع. وقيل بل لم يرد حسنة واحدة بل أراد إعطاء في الدنيا عطية حسنة فحذف الاسم وقيل لأنس: أدع الله لنا فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قالوا: زدنا، فقال: تزيدون؟ قد سألت الدنيا والآخرة. وقد تقدم في الباب الثامن عشر في ختم القرآن كيف الدعاء به والسؤال. والحمد لله رب العالمين.
الباب الثاني والعشرون في الأمر بتعاهد القرآن
صفحة ٩٨