ثم هو أعظم الناس أمة وختم به النبيون. وذكر البيهقي في حديث الإسراء عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} الحديث وفيه قال: ((ثم أتي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم، قال: فقال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: الحمد لله الذي اتخذني خليلا، وأعطاني ملكا عظيما، وجعلني أمة قانتا يؤتم بي، وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما. قال: ثم إن موسى عليه الصلاة والسلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي كلمني تكليما، واصطفاني بكلماته ورسالته وقربني إليه نجيا، وأنزل علي التوراة وجعل هلاك آل فرعون على يدي، ونجي بني إسرائيل على يدي. قال: ثم إن داود عليه الصلاة والسلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي خولني ملكا عظيما، وأنزل علي الزبور وألان لي الحديد، وسخر لي الطير والجبال وآتاني الحكمة وفصل الخطاب. ثم إن سليمان أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح والجن والإنس وسخر لي الشياطين يعملون ما نشاء محاريب وتماثيل إلى آخر الآية، وعلمني منطق الطير وكل شيء، وأسال إلي عين القطر، وأعطاني ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، ثم إن موسى عليه الصلاة والسلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي علمني التوراة والإنجيل، وجعلني بريء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذنه، ورفعني وطهرني من الذين كفروا، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيل ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال: كلكم قد أثنى على ربه وإني مثن على ربي فقال: الحمد الذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا وأنزل علي القرآن فيه تبيان كل شيء وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس وجعل أمتي وسطا وجعل أمتي هم الأولون وهم الآخرون وشرح لي صدري ووضع عني وزري ورفع لي ذكري وجعلني فاتحا وخاتما. فقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: بهذا فضلكم محمد)) وروى الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر)) وذكر الحديث.
الباب السابع في أن القرآن أفضل الذكر إذا عمل به
قال سفيان الثوري رضي الله عنه: سمعنا أن قراءة القرآن أفضل الذكر إذا عمل به. قال الترمذي الحكيم محمد بن علي: وجاد ما غاص قائل هذا القول لأن الذكر هو شيء يبتدعه العبد من تلقاء نفسه من علمه بربه والقرآن هو شيء قد تكلم به الرب تبارك وتعالى فإذا تلاه العبد فإنما يتكلم بشيء قد كان عند الرب سبحانه وتعالى ولم يخلق منذ نزل إلى العباد ولا يخلق ولا يتدنس فهو على طراوته وطيبه وطهارته وله كسوة والذكر الذي يذكره العبد مبتدعا من عند نفسه لا كسوة له. وأيضا هو الذي يؤلفه العبد وليس تأليف الله تعالى كتأليف العبد.
صفحة ٤٨