قال الله تعالى: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} وقال: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} قال علماؤنا: أي عال عليه، وعلوه على سائر كتب الله تعالى وإن كان الكل كلام الله تعالى بأمور، أحدها بما زاد عليه من السور، فقد جاء في الحديث الصحيح أن نبينا صلى الله عليه وسلم خص بسورة الحمد، وخواتيم سورة البقرة على ما يأتي. وفي مسند الدارمي عن عبد الله قال: إن السبع الطوال مثل التوراة، والمئين مثل الإنجيل، والمثاني مثل الزبور، وسائر القرآن بعد فضل، والأمر الثاني أن جعله الله قرآنا عربيا مبينا، وكل نبي قد بين لقومه بلسانهم كما أخبر الله عز وجل ولكن للسان العرب مزية في البيان، والثالث أن جعل نطقه وأسلوبه معجزا وإن كان الإعجاز في سائر كتب الله سبحانه من حيث الإخبار عن المغيبات والإعلام بالأحكام المبينات وسنن الله المشروعات وغير ذلك وليس فيها نظم وأسلوب خارج عن المعهود فكان أعلى منها بهذه المعاني وأمثالها: ولهذا المعنى الإشارة بقوله الحق: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} وقد قال تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} أي بأنفع لكم أيها الناس في عاجل إن كانت الناسخة أحق، أو في آجل إن كانت أثقل، أو بمثلها إن كانت مستوية فيكون علوه راجعا إلى الزيادة في التصديق والبيان. وكونه معجزا يصدق من جاء به ويصدق ما قبله من الكتب والرسل مع أنه ناسخ لها وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى .
صفحة ٣٩