وللعلماء من ترك البسملة في سورة براءة خمسة أقوال ذكرناها في كتاب جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآي الفرقان وذكرناها أيضا في كتاب الانتهاز في قراء أهل الكوفة والبصرة والشام وأهل الحجاز نذكر منها هنا قولين، أحدهما ما ذكرناه، والآخر أن ذلك كان عن اجتهاد من عثمان كما ذكره النسائي في كتابه بإسناده عن يزيد الرقاشي. قال: قال لنا ابن عباس: قلت لعثمان ما حملكم إلى أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال. فما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)) وكانت الأنفال من أوائل ما نزل، وبراءة من أواخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيها بقصتها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا إنها منها فظننت أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم. قال علماؤنا: وفي قول عثمان وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا، أنها منها دليل على أن السور كلها انتظمت بقوله وتبيينه، وأن براءة وحدها ضمت إلى الأنفال من غير عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لما عاجله من الحمام قبل تبيينه ذلك، وكانت تدعى القرينتين، فوجب أن تجمعا وتضم إحداهما إلى الأخرى للوصف الذي لزمهما من الاقتران والله أعلم.
الباب الثالث في أن القرآن أنزل على سبعة أحرف
صفحة ٣٠