وبعد: فلما كان القرآن الذي هو كلام ربنا, ومعجزة نبينا, ومنبع العلوم, ومعدن المعارف والفهوم, كان على العاقل العالم المؤمن المسلم الدين الموحد قراءته ودراسته, وتفهمه وتلاوته, وعلى قدر قراءته وتلاوته وتفهمه يكون عمله وإيمانه وإسلامه وتوحيده وفضله كله, وإذا كان ذلك كذلك كان قراءة القرآن أفضل الأعمال, وأسنى المقامات والأحوال وأشرف الأذكار والأقوال. وقد جاء من السنة في ذلك ما يدل على ذلك فرأيت أن أكتب في ذلك كتابا وجيزا يحتوي على فضل القرآن وقارئه ومستمعه والعامل به وحرمته, وحرمة القرآن وكيفية تلاوته والبكاء عنده وفضل من قرأه معربا, وذم من قرأه رياء وعجبا, إلى غير ذلك مما يضمنه الكتاب, حسبما هو مبين في أبواب.
وكان المقصد الأول تخريج أربعين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم , لما رواه يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا مالك بن أنس عن نافع مولى بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة حتى يؤديها إليهم كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة)) قال أبو عمر هذا أحسن إسناد جاء به هذا الحديث ولكنه غير محفوظ ولا يعرف من حديث مالك. وقال أبو علي بن السكن:
صفحة ٦