تدارك بقية العمر في تدبير سورة النصر
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١٢٥) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
ويحتمل أن المعنى: قد جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجًا. ويؤيد هذا ما جاء في أن هذه السورة نزلت في حجة الوداع، وفتح مكة قبل ذلك بسنتين تقريبًا، ويكون في ذلك الامتنان عليه ﷺ بما تم من النصر والفتح، ودخول الناس في دين الله أفواجًا ١.
قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ .
قوله (فسبح) هذا أمر، والأمر في الأصل للوجوب.
والتسبيح: هو تنزيه الله عن النقائص والعيوب، وعن مشابهة المخلوقين.
وقوله ﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ .
أي: متلبسًا بحمده، أي: حامدًا له قارنًا بين تسبيحه ﷿ وحمده، بقولك: “سبحان الله وبحمده” “سبحانك ربنا وبحمدك” ونحو ذلك، وبما هو أعم من ذلك، بذكره وشكره ﷿، وعبادته والصلاة له وغير ذلك، ولهذا لما فتح ﷺ الكعبة صلى ثماني ركعات ٢.
واستغفره أي: سله واطلب منه المغفرة.
والمغفرة: هي ستر الذنب عن الخلق، والتجاوز عن عقوبته كما جاء في حديث ابن عمر ﵁ في المناجاة: “أن الله ﷿ يدني المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه (أي ستره ورحمته) فيقرره بذنوبه، فيقول: أتذكر يوم كذا وكذا حين فعلت كذا وكذا؟ فيقول: أي رب نعم. فيقول الله ﷿: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم” ٣.
_________
١ انظر (الجامع لأحكام القرآن) ٢٠/٢٣٠.
٢ انظر (الكشاف) ٤/٢٣٩.
٣ أخرجه البخاري في التفسير ٤٦٨٥، ومسلم في التوبة ٢٧٦٨، وابن ماجه في المقدمة ١٨٣، وأحمد ٢/٧٤.
1 / 21