لنا ذلك الشيء وقد نتصور شيئا فيصير ذلك سببا لتصورنا لذلك الشىء فيبعثنا على فعله إذ تصورنا تابع لتصورها وذلك بأن تتصور تلك النفوس أنا ندعو ، فتعلم أنه ليس هناك مانع فتتبع دعاءنا الإجابة.
تلك النفوس تتصورنا وتتصور لوازمنا ، ومن لوازمنا أنا ندعو فيتبع دعاءنا الإجابة إذا لم يكن مانع ، ولذلك أمرنا بالدعاء وتوقع الاجابة.
ليس للأوائل إلا العقليات الصرفة ، فإن المعقولات تكون حاضرة لها فلا تحتاج إلى فكرة. ولا يكون لها الوهميات فلا تتوهم الأشياء.
مصادمات الأسباب هو تلاقيها وتوافى بعضها مع بعض ومعارضة بعضها لبعض وتأدية بعضها إلى بعض واستمرارها على التتالى والنظام وانجرارها تحت حركة الأفلاك وتخيلات نفوس الكواكب. وقد يكون الشىء سببا لشىء بالذات ولغيره بالعرض. وقد تكون أسباب كثيرة تتوافى فتصير سببا لشىء. ومثال الذاتى والعرضى فى الأسباب أن تكون مثلا رطوبة الهواء سببا لاعتدال مزاج رجل يابس المزاج بالذات لكنه يكون سببا لفساد مزاج رجل رطب المزاج بالذات ، ثم يكون ذلك الرطب المزاج سببا لحادث آخر أو لموته فيغتم قريب له أو يرث ماله حميم له.
الأسباب السابقة واللاحقة غير متناهية. ولا يمكن الإنسان أن يقف عليها فإنها تابعة لحركات الفلك الغير المتناهية ، إذ كل حادث فسببه حركة فإن حركة ما أوقعت فى نفس الإنسان أن يزرع ، وحركة أخرى كانت سببا للزراعة ، وحركة أخرى كانت سببا لاستعداد البذر للنبات ، فإن البذر لما حصل فى الارض حصل على نسبة أخرى صار بها مستعدا لقبول صورة النباتية من مفيد الصور. ثم كذلك وهلم جرا ، لأن البذر يتجدد له بسبب بتجدد حركات إلى أن يحصد ويؤكل ويستحيل مثلا منيا ويصير إلى رحم ويتكون منه حيوان. وهذه الأسباب هى معدات وهى تتجدد وتعدم.
الأسباب قد تكون سابقة وقد تكون واصلة ، كالحادث فى الهواء يكون سببا سابقا ثم تغير مزاج إنسان واصلا.
السبب الواصل مثلا موت إنسان ، وسببه الواصل احتراق مزاجه. وسبب احتراق (45 ب) مزاجه تناوله لشيء حار ، وسبب ذلك إرادته ، وسبب إرادته شيء آخر إلى ان ينتهى إلى حركة الفلك. فهذه هى أسباب سابقة ولا يحيط بها علم البشر. والمنجم الذي يدعى علم الكائنات لمعرفته بحركة الفلك وممازجة الكوكب والقوى المستكنة فى
صفحة ١٣٠