الواقع عليه في ضابط الحقيقة الشرعية - على القول بثبوتها كما هو الأظهر - خلافا لبعض المحدثين في كلام محكي عنه (1) في المناقشة على من أخرج الضروريات عن الفقه، قائلا: " بأن الإجماع على بعض الأحكام من فرق الإسلام كلها، لا يخرجها عن كونها مسألة فقهية بحسب إطلاق الشرع، ألا ترى أن كثيرا من الفرعيات مما انعقد إجماع المسلمين عليها مع أنها دونت في الكتب وذكروا مدارك أحكامها ".
وعنه أيضا: " أن الفقهاء لم يزعموا أن هذا الاصطلاح اخترعوه من عند أنفسهم، بل قالوا: إنه مفهوم من الأخبار وكلام الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، ومن تتبع كلامهم لم يختلجه شك ولا ريب في ذلك.
وفيه: أن إطلاق الشرع إن أريد به إطلاق الشارع على حد ما هو الحال في الحقائق الشرعية، على أن يكون الإطلاق تابعا لوضعه تعيينا أو مستتبعا للوضع في زمانه تعينا.
فيدفعه أولا: ما أشرنا إليه من عدم ثبوت كون المعنى المذكور من مخترعاته وجعلياته التي من شأنها أن لا تؤخذ إلا منه، كما يظهر بأدنى تأمل.
ولا شاهد في كلام الفقهاء بما زعمه، بل الشاهد على ما عرفت من التقييد بالاصطلاح قائم بخلافه، وكونه مفهوما من الأخبار وكلام الأئمة الأطهار - على فرض تسليمه - لا يلازمه، حيث إن الشارع لا يراد منه في مفهوم الحقيقة الشرعية ما يعمهم أيضا.
وثانيا: منع كون الإطلاق عليه أو الوضع له بعد تسليم ثبوتهما من الشارع صادرا منه بعنوان الشارعية، ومع عدم مدخلية هذا العنوان في الإطلاق أو الوضع خرج المفروض عن ضابط الحقائق الشرعية، وإلا كان كثير من الألفاظ المتفق على عدم كونها منها داخلا فيها، كما يأتي تحقيقه في محله.
صفحة ٥٣