قوله عليه السلام: وخانوا أماناتهم
ربما وجد في نسخة غير معول عليها وخونوا أماناتهم من باب التفعيل، فإذا صحت الرواية بذلك فالتشديد للتكثير والمبالغة كما في حمده تحميدا، لا للنسبة إلى الخيانة وإن كان هو السابق إلى أوهام المتوهمين، يقال خونه تخوينا أي نسبة إلى الخيانة ونقض العهد وحسبه خائنا غادرا، كما يقال جهله تجهيلا إذا نسبه إلى الجهل والجهالة وحسبه جاهلا، إذ لا يستقيم ذلك الا اعتبارا بقياس حال الخائن لا باعتبار قياس حال المخون.
والصحيح وخانوا أماناتهم على ما في عامة النسخ لاغير، من الخيانة ضد الأمانة وتعتبر بالإضافة إلى من خين ونكث عهده وبالإضافة إلى ماخين فيه وهو العهد والبيعة والود والخلة مثلا.
قال صاحب الكشاف في الأساس: خانه في العهد وخانه العهد وأختان المال وأختان نفسه (1).
وقال الراغب في المفردات: الخيانة والنفاق واحد الا ان الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة والنفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتداخلان، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، ونقيض الخيانة الأمانة يقال: خنت فلانا وخنت أمانة فلان، وعلى ذلك قوله عز وجل " لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم (2) " وقوله تعالى " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما (3) "
صفحة ٨