واستدلَّ ابن المبارك بقول من قال: من أقام ببلد أربع سنين نسب إليها.
وُلد ﵁ في العشر الأُول من المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وقيل: في العشر الأوسط منه سنة ثلاثين وستمائة، وهذا هو المعتمد، بنوى قرية من قرى دمشق (١)، ونشأَ بها وقرأ بها القرآن. ولله درّ القائل (٢) حيث قال:
لقيت خيرًا يا نوى ... ووقيت من ألم الجوى
فلقد نشأ بك عالمٌ ... لله أخلص ما نوى
وعلا علاه وفضلُه ... فضل الحُبوب على النَّوى
فلما بلغَ سبع سنين، وكانت ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، نام جُنُب والده فانتبه نحو نصف الليل وأيقظه وقال: يا أبت، ما هذا النور الذي قد ملأ الدار، فاستيقظ أهله جميعًا فلم يروا شيئًا، فعرف والده أنها ليلة القدر (٣).
فلما بلغ عشر سنين، وكان بنوى الشيخ ياسين المرَّاكشي ابن يوسف، وكان من أولياء الله تعالى، رأى الصبيان يلعبون وهو منعزل عنهم، فجعل الصبيان يُكْرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي، ويقرأ القرآن مع تلك الحالة، قال: فوقع في قلبي محبته،
_________
(١) كذا سبق قلم المصنف، والصواب: "حوران".
(٢) "المنهج السوي في ترجمة النووي" للسيوطي (ص ١٠٠).
(٣) "تحفة الطالبين في ترجمة الإِمام محيي الدين" لتلميذه ابن العطار (ص ٤١).
1 / 34