253

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

محقق

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

الناشر

مكتبة العبيكان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

تَعَالى (١): ﴿مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)﴾ أَي: تَمشِي مَشْيًا ضَعِيفًا؛ لأنَّه إِنَّمَا خُيِّلَ إِلَيهِ أَنها تَتَحَرَّكُ وَتَثِبُ، وَقَال تَعَالى (٢): ﴿مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ﴾ أَي: يُسْرِعُ في مَشْيِهِ، وَقَوْلُهُ [تَعَالى]: (٣) ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ يُحتَمَلُ العَمَلُ، ويُحتَمَلُ المَشْيُ، وَقَوْلُهُ [تَعَالى] (٤): ﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨)﴾، وَقَوْلُهُ [تَعَالى] (٥): ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى﴾ يُحتَمَلُ أَيضًا المَشْيُ والعَمَلُ، ومِمَّا يَدُلُّ على أَنَّ السعيَ يَكُوْنُ بِرِفقٍ وبِغَيرِ رِفْقٍ قَوْلُهُم: فُلان يَسْعَى عَلَيَّ عِنْدَ السُّلْطَانِ، يُرِيدُ: التَّلَطُفُ لِيُغَيِّرَهُ عَلَيهِ، ومِثْلُ هذَا لَا يَكُوْنُ إلَّا بالرِّفْقِ والتّانِّي، لَا بالخَرَقِ والعَجَلَةِ، وكَذلِكَ بَيتُ زهُيرٍ المُتَقَدّمُ؛ لأنَّ السعيَ في الإصلاحِ بَينَ النَّاسِ إِنَّمَا يَكُوْنُ بالرِّفْقِ والتَّلَطُفِ، وَكَذلِكَ يُسَمُّوْنَ أَفْعَال الإنْسَانِ وَمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَشْيٍ كَانَ أَوْ بِغَيرِ مَشْيٍ مَسَاعِيَ، وَاحِدَتُها مَسْعَاةٌ، ولا يَخُصُّوْنَ بِذلِكَ مَا أُسْرِعَ فِيهِ دُوْنَ مَا تَرَفُّقٍ وتأَنٍ، وأَمَّا قَوْلُ زُهْير (٦):
* سَعَى بَعدَهُم قَوْم لِكَي يُدرِكُوْهُمُ *
فَإِنَّمَا أَرَادَ: الإسْرَاعَ في التَّصَرُّفِ؛ لأنَّهُ أَبْلَغُ فِي المَعنَى الَّذِي أَرَادَ، وَأَمَّا قَوْلُ

(١) سورة طه.
(٢) سورة القصص، الآية: ٢٠.
(٣) سورة الصافات، الآية: ١٠٢.
(٤) سورة عبس.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٠٥.
(٦) شرحُ ديوانه (١٤)، وعَجزه:
* فَلَم يَفْعَلُوا وَلم يُلامُوا وَلَمْ يَألُوا *

1 / 159