التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه
محقق
الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)
الناشر
مكتبة العبيكان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فَقَامَ عَجْلانَ وَمَا تَأَرَّضَا
يَمْسَحُ بالكَفَّينِ وَجْهَا أَبْيَضَا
- وَذَكَرَ خَفْضُ الأرْجُلِ في قَوْلِهِ تَعَالي (١): ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾، فَقَال:
(١) سورة المائدة، الآية: ٦. وقراءة خَفْضِ الأرْجُلِ هي قراءةُ ابن كَثِيرٍ، وأبي عَمْرٍو، وحَمْزَةَ، وأبي بَكْرٍ عن عَاصِمٍ، وهؤلَاءِ من السَّبْعَةِ، وهي قِرَاءَةُ ابنِ عَبَّاسٍ، وعِكْرِمَةَ، والشَّعْبِيِّ، وقَتَادَةَ، وعَلْقَمَةَ والضَّحَّاكَ، ومُجَاهِدٍ، وأَبِي جَعْفَرٍ، وأَنَسٍ، والبَاقِرِ ... وغَيرِهِم. كَمَا قَرَأ الحَسَنُ، وَالوَليدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَالأعْمَشُ ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالرَّفْعِ، وهَذ القِرَاءَةُ لا تَعْنِينَا الآنَ، وقِرَاءَةُ الخَفْضِ المَذْكُوْرَةِ ذَكَرَهَا ابنُ مُجِاهِدٍ في السَّبْعَةِ (٢٤٢)، والدَّانيُّ في التَّيسِير (٩٨)، والطَّبَرِيُّ في تفسيره (١٠/ ٦٠)، وابنُ خَالوَيهِ في إعراب القِراءات (١/ ١٤٣)، ومَكِّيُّ بنُ أبي طَالِبٍ في الكَشْفِ (١/ ٤٠٦)، وابنُ الجَوْزِيِّ في زادِ المَسِير (٢/ ٣٠١)، وابنُ عَطِيَّةَ في المُحرَّر الوَجِيز (٤/ ٣٦٥)، والقُرْطُبِيُّ في تفْسِيرِهِ (٦/ ٩١)، وأَبُو حَيَّانَ في البَحْرِ المُحِيطِ (٣/ ٤٣٧)، وغيرهم. قَال ابنُ خَالويه: "قَال أَبُو عَبْدِ الله ﵁: وَقَد اختَلَفَ الفُقَهَاء والنَّحْويُّون فِي تَأْويلِ هَذ الآيةِ، فَمَنْ نَصَبَ نَسَقَهُ عَلَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوْهَكُمْ وأَرْجُلَكُمْ﴾ وَهُو الاختيَارُ بإِجْمَاعِ الكَافَةِ عَلَيهِ، ومَعَ ذلِكَ فإنَّ المَحْدُوْدَ مَعَ المَحْدُوْدِ أَوْلى أن يُؤتَيَا، وذلِكَ أَنَّ اللهَ كَلَّ مَا ذَكَرَهُ من المَسْحِ فَإِنَّهُ لم يُحَدِّدْهُ، وكل مَا حَدَّهُ فهو مَغْسُولٌ نَحْوَ ﴿وَأَيدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾. ومَنْ كَسَرَ فَحُجَّتُهُ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ القُرْآنَ بِمَسْحِ الرِّجْلِ، ثُمَّ عَادَتِ السُّنَّةُ إِلَى الغَسْلِ، وكَذلِكَ قَال الشَّعْبِيُّ، وَالحَسَنُ، قَال أَبُو عُبَيدٍ: مَنْ قَرَأَ: ﴿وأَرْجُلِكُمْ﴾ بالكَسْرِ لَزِمَهُ أَنْ يَمْسَحَ، ومَنْ ذَكَرَ أَن مَنْ خَفَضَ ﴿وأَرْجُلِكُمْ﴾ خَفَضَ عَلَى الجِوَارِ فَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ؛ لأن الخَفْضَ عَلَى الجِوَارِ لُغَة لا تُسْتَعْمَلُ في القُرآنِ، وإِنَّما تكونُ لِضَرُوْرَةِ شَاعِرٍ أَوْ حَرْفٍ يَجْرِي كَالمَثلِ، كَقَوْلهِمْ: "جِحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ" والعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ الغَسْلَ مَسْحًا قَال اللهُ تَعَالى: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (٣٣)﴾ [ص: ٣٣] ... " انتَهَى كَلَام ابن خَالوَيهِ.
ويُراجع: مَعَانِي القُرْآن وإعرابه للزَّجَّاج (٢/ ١٥٣)، والقَائل بجوازِ جَرِّه على الإتْبَاعِ هُوَ الأخْفَشُ. يُراجع: المَعَانِي له (١/ ٢٧٧)، وابْنُ الأنْبَارِيِّ كَمَا نَقَلَ ابنُ الجَوْزِي عَنْهُ في =
1 / 58