التعرف لمذهب أهل التصوف
الناشر
دار الكتب العلمية
مكان النشر
بيروت
إِنَّمَا كَانَ ذَلِك مِنْهُم خوفًا من جَرَيَان المخالفات عَلَيْهِم إجلالا لله تَعَالَى وتعظيما لقدره ووهبية لَهُ وحياء مِنْهُ بِأَنَّهُم أجلوا الْحق أَن يخالفون وَإِن لم يعاقبهم
كَمَا قَالَ عمر ﵁ نعم الْمَرْء صُهَيْب لولم يخف الله لم يَعْصِهِ
يَعْنِي أَن صهيبا لَيْسَ يتْرك الْمعْصِيَة لله خوف عُقُوبَته وَلكنه يَتْرُكهَا إجلالا لَهُ وتعظيما لقدره وحياء مِنْهُ
فخوف المبشرين لم يكن خوفًا من التَّغْيِير والتبديل لِأَن خوف التَّغْيِير والتبديل مَعَ شَهَادَة النَّبِي ﷺ يُوجب شكا فِي أَخْبَار النَّبِي ﷺ وَهَذَا كفر وَلم يكن ذَلِك خوف عقوبه فِي النَّار دون الخلود فِيهَا لعلمهم بِأَنَّهُم لَا يعاقبون بالنَّار على مَا يكون مِنْهُم لِأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون صغائر فَتكون مغفورة باجتناب الْكَبَائِر أَو بِمَا يصيبهم من الْبلوى فِي الدُّنْيَا
قَالَ عبد الله بن عمر فِيمَا روى عَن أبي بكر الصّديق قَالَ كنت عِنْد رَسُول الله ﷺ فأنزلت هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ فَقَالَ رَسُول الله ﷺ أَلا أقرئك آيَة أنزلت على
قلت بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ فأقرأنيها
فَلَا أعلم مَا أصابني إِلَّا أَنِّي وجدت انقصاما فِي ظَهْري فتمطيت لَهَا فَقَالَ رَسُول الله ﷺ مَا شَأْنك يَا أَبَا بكر
فَقلت يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي وأينا لم يعْمل سوءا وَإِنَّا لمجزون بِمَا عَملنَا
فَقَالَ رَسُول الله ﷺ أما أَنْت يَا أَبَا بكر والمؤمنون فتجزون
1 / 76