102

التعرف لمذهب أهل التصوف

الناشر

دار الكتب العلمية

مكان النشر

بيروت

يعْنى إِذا نسيت مَا دون الله فقد ذكرت الله وَقَالَ النبى ﷺ سبق المفردون قيل وَمن المفردون يَا رَسُول الله فَقَالَ الذاكرون كثيرا وَالذَّاكِرَات والمفرد الذى لَيْسَ مَعَه غَيره وَقَالَ بعض الْكِبَار الذّكر طرد الْغَفْلَة فَإِذا ارْتَفَعت الْغَفْلَة فَأَنت ذَاكر وَإِن سكت وأنشدونا للجنيد ... ذكرتك لَا أَنى نسيتك لمحة ... وأيسر مَا فى الذّكر ذكر لسانى ... سَمِعت أَبَا الْقَاسِم البغدادى يَقُول سَأَلت بعض الْكِبَار فَقلت مَا بَال نفوس العارفين تتبرم بالأذكار وتستروح إِلَى الأفكار وَلَيْسَ يُفْضِي الْفِكر إِلَى مقرّ ولأذكارها أعواض تسر فَقَالَ استصغرت ثَمَرَات الْأَذْكَار فَلم تحملهَا عَن مكابداتها وبهرها شرف مَا وزاء الأفكار فغيبها عَن ألم مجاهداتها معنى قَوْله استصغرت ثَمَرَات الْأَذْكَار لِأَنَّهَا كلهَا حظوظ النَّفس والعارفون قد أَعرضُوا عَن النُّفُوس وحظوظها وَأما أفكارهم فَإِنَّهَا تكون فِي جلال الله وهيبته ومنته وإحسانه فَهِيَ تفكر فِيمَا لله تَعَالَى عَلَيْهَا إجلالا لَهُ وَتعرض عَمَّا لَهَا عِنْد الله حُرْمَة لَهُ فِي قَوْله ﵇ خَبرا عَن الله ﷿ من شغله ذكري عَن مَسْأَلَتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين مَعْنَاهُ من شغله مُشَاهدَة عظمتي عَن ذكر لِسَانه لِأَن ذكر اللِّسَان كُله مسئلة وَأُخْرَى أَن مُشَاهدَة العظمة تحيره فتقطعه عَن الذّكر لَهُ كَمَا قَالَ النَّبِي ﷺ لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أنشدونا للنوري

1 / 104