وقد ساعدني أيضا إلمامي بلغات أوروبا الشرقية في تعلم أمور ربما ما كنت سأستطيع أبدا أن أكتشفها بأي طريقة أخرى؛ فقد أجريت حوارا ممتعا مع خادم إحدى الكنائس في قرية صغيرة بتشيكوسلوفاكيا؛ حيث ينحدر بعض من أفراد عائلة أمي. لم تكن بيننا لغة مشتركة، لكن باستخدام بعض من الألمانية والروسية والبولندية تمكنا من التحاور (ذكر لي أصدقائي في بولندا أن اللغة التشيكية شبيهة للغاية باللغة البولندية، لكنني لم ألحظ قط وجود تشابه). أردت أن أعرف أي شيء عن الأفراد الباقين على قيد الحياة من عائلة أمي، وقد استطاع هذا الرجل أن يشرح لي أن جميعهم إما ماتوا في الحرب وإما تركوا المنطقة.
ثمة موضوع للنقاش على موقع المنتدى بعنوان «لغتك الأولى»؛ عندما يعلق الأعضاء تحت هذا الموضوع يبدون غالبا كمن يحكي عن الحب الأول؛ فهم يكنون مكانة خاصة في قلوبهم لأول لغة أجنبية على الإطلاق تعلموها.
يناقش الأعضاء أيضا طرقا متنوعة لتعلم اللغات. يتبع الأفراد المختلفون طرقا مختلفة في التعلم، وعلى ما يبدو لن يغير معظمهم طريقته من أجل أي شخص، وإن كانوا في حالة بحث دائم عن تلك الطريقة أو ذلك المنهج الذي يصعب العثور عليه ، الذي سيمكنهم من تعلم المزيد على نحو أسرع وأكثر سهولة.
لماذا يدمن هؤلاء الأشخاص تعلم اللغات؟ أعتقد أن هذا يرجع إلى أن كل لغة تتعلمها تكون بمنزلة مغامرة جديدة؛ فأنت تلتقي بثقافة غير مألوفة، بل ربما غريبة أيضا، كما أنك تتعلم طرقا جديدة لقول الأشياء؛ ليس مجرد كلمات جديدة، إنما وسائل للتعبير جديدة تماما. في أغلب الأحيان، تمدك الكلمات المختارة للتعبير عن الأفكار بفهم حول الكيفية التي تفكر بها ثقافة أو مجتمع بعينه.
أكد أحدهم ذات مرة أنه من المستحيل فعليا أن تقدر أعمال شكسبير وتفهمها إلى أن تقرأ الترجمة الصينية، لكن إذا كنت تدرس الأدب الكلاسيكي أو أحد النصوص الدينية، فلا بد من دراستها بلغتها الأصلية؛ كيما تتقن فهمها. كثيرا ما تكون هناك ظلال من المعنى والفروق الدقيقة في النص الأصلي لن تفهمها مطلقا من الترجمة؛ سيتفق معي في هذا الرأي كثيرون من مدمني اللغات، وسيرون هذا سببا جيدا لتعلم إحدى اللغات الأجنبية.
يدمن الناس تعلم اللغات لأسباب كثيرة؛ سئل أحد الأشخاص عن سبب تعلمه الكثير جدا من اللغات، فأجاب أنه حالما بدأ في التعلم تكاسل عن التوقف!
الفصل الحادي والعشرون
كيف تستعيد القدرة على المذاكرة؟
يحتاج تعلم اللغات إلى مجهود وشيء من قوة الإرادة. يتعين عليك في بعض الأحيان أن تعمل على أن تظل متقدا بالحماس. اكتب خطتك لتعلم اللغة والإبقاء على حماسك، وإذا لم تنجح الخطة معك، فعدلها إلى أن تنجح. كافئ نفسك كي تجتهد في تعلم اللغة.
ومع ذلك، لا مفر من أنك سوف تتعثر في دراستك للغة في وقت من الأوقات؛ ربما تكون الأسباب خارجة عن إرادتك، وربما بسبب أزمة عائلية أو فترة محمومة في العمل. أيا كان السبب، فثمة إجراء بإمكانك أن تتبعه كي تستعيد قدرتك على الدراسة مرة أخرى.
صفحة غير معروفة