قال جالينوس: اجتمعت في الخريف خمس خصال مذمومة. الأولى أنه يكون فيه اليوم الواحد مرة حر ومرة برد. والثانية أنه يتلو الصيف فيلقى الأبدان، وقد احترقت في كثير منها الكيموسات. والثالثة وقد ضعفت مع ذلك في بعضها القوة. والرابعة وقد كانت حركة الكيموسات من قبله إلى ناحية الجلد فكانت تتحلل ثم إنها في الخريف تندفع إلى قعر البدن من البرد. والخامسة ويخص بعض الناس أنه يجتمع في بدنه كيموس رديء من أكل الفواكه. [=aph 11] الرطوبة للعفن بمنزلة العنصر والحرارة له بمنزلة القوة الفاعلة. الدماغ B [=aph 12] من شأنه إذا برد من الهواء البارد لم يقو على إحكام غذائه أن يولد فضولا بلغمية. ما تولد منه من قبل برد شديد من البلغم في الدماغ كان حامضا، وما تولد من قبل حرارة يملأ الرأس كان مائجا، وما تولد من قبل برد يسير إما أن تكون له حلاوة يسيرة وإما أن يكون له طعم بين. البلغم المائج يسحج الأمعاء لسبب لزوجته تحتبس وتبطئ نفوذه في الأمعاء وبسبب ملوحته يجلوها ويحملها (63). النزل كلها تنحدر من الرأس إلى ما دون الرأس، فمنها ما ينحدر إلى الرئة ومنها ما ينحدر في العروق إلى ما دون الرأس. [=aph 13] الخريف إذا كان رطبا كان كاسرا ليبس الصيف. [=aph 14] طلوع الثريا أول الصيف، وطلوع الشعري العبور (64) الثاني من الصيف وهو ابتداء وقت الفواكه، وطلوع السماك الرامح أول الخريف، وغروب الثريا أول الشتاء، واستواء الليل والنهار بعد الشتاء أول الربيع. [=aph 15] في أوقات قلة المطر تتحلل الفضول وفي أوقات كثرة المطر تجتمع داخل البدن فتعفن إلا أن ينقي الإنسان بدنه منها في كل يوم باستعمال الرياضة. وذلك أن A الاستفراغ بالحمام ليس بعظيم الغناء لأنها إنما تستفرغ مما يلي الجلد فقط. فأما ما هو في عمق البدن مثبت في اللحم وفي الأعضاء التي هي أصلب من اللحم فليس يستفرغ في الحمام استفراغا كافيا ولا الاستفراغ أيضا بالأدوية المسهلة والمقيئة بموافق، لأن هذا (65) الاستفراغ إنما يحتاج إليه من به حاجة شديدة إلى الاستفراغ، وإنما ينبغي أن يكون في ما بين أوقات لهذا مدة طويلة. للغذاء فضلان: أحدهما رطب رقيق كأنه مائي وهو يخالط الغذاء لينفذه (66)، والآخر كأنه دخاني وهو يتولد من أكثر الأطمعة إذا كان فيها بعض الرداءة ولم يبلغ فيها عمل الطبيعة، فلم يتشبث (67) بالبدن ولم يتصل به. فهذه هي التي تحتاج أن تتفرغ في كل يوم تلقي فيها الرياضة. وذلك أنها أقل من مقدار عمل الدواء المسهل والمقيء. [=aph 16] السل يحدث عن الهواء على أحد وجهين: إما إذا غلب عليه البرد حتى يتصدع منه بعض العروق التي في آلات التنفس، وإما إذا سخن مع رطوبة حتى تملئ الرأس، فتنحدر منه نزلة إلى الرئة. إذا أفرط يبس الهواء أفنى الرطوبة † B † (68) A من المفاضل فيحدث فيها عسر حركتها. تقطير البول يكون من حدة البول ويكون من ضعف القوة الماسكة في المثانة. [=aph 17] الأفعال إنما تكون بأعضاء البدن الأصلية التي هي بالحقيقة أعضاؤه. [=aph 20] الأمراض التي يحدثها الربيع إنما تعرض لأن الطبيعة تقوى فتنقي باطن البدن وعمقه وتدفع الأخلاط الرديئة من الأعضاء الرئيسية إلى ناحية الجلد. الرياضة أصح ما يستعمل، وهي وإن كانت كذلك فقد تحدث أمراضا لأنها إن صاقب البدن مملوءا من البلغم أو من المرة الصفراء أو السوداء أو الدم حدث على صاحبه منها إما الصرع وإما السكات وإما غير ذلك لأنها تذيب الفضول وتحركها للخروج لأن فعل الرياضة يشبه فعل الطبيعة في حل الفضول. حرارة الهواء في الربيع تذيب الأخلاط فتخرجها إلى الجلد. [=aph 21] الحصف من جنس البثور التي تحدث في ظاهر الجلد وهو يحدث (69) من كثرة العرق إذا كان العرق إلى طبيعة المرار أميل أو كان بالجملة لذاعا. فإنه إذا كان كذلك B أحرق الجلد وأحدث فيه حكة وخشنة تخشين القروح. [=aph 22] تولد المرة السوداء من ضربين: أحدهما من احتراق المرة الصفراء، والآخر من الدم الغليظ. زلق الأمعاء هو خروج الطعام بالبراز بسرعة من غير أن يكون تغيير بغتة، وذلك يكون إما لقروح في سطح المعدة والأمعاء شبيهة بالقروح التي تعرض للصبيان التي تسمى القلاع، وإما لضعف القوة الماسكة. والحالة الأولى من فضول لذاعة، والحالة الثانية من تغيير عظيم في مزاج المعدة والأمعاء. الأخلاط في الصيف رقيقة سريعة الحركة. فإذا دخل عليها الخريف وهو بارد مختلف المزاج أمالها إلى باطن البدن وعمقه فيحدث من ذلك آفة في نواحي البطن والأمعاء مثل ورم أو نحوه [=aph 24] يعرض للطفل حين يولد القلاع وهو قروح تعرض في الفم في سطحه وشبيها لين الآلات الطفل حتى لا تحتمل ملاقاة اللبن لها ولا كيفيته لأن في اللبن رطوبة مائية ليست باليسيرة في طبعها قوة جلاء وحدة. إذا اجتمع في A المعدة فضول كثيرة رديئة، تثقلها وتلذعها وخاصة في فمها لكثرة حسه عرض لصاحب ذلك التخيل الهائل في النوم، وكذلك إذا فسد الطعام في المعدة. أكثر أوقات الطفل نائم. فإذا عرض له سهر [=aph 30] فذلك لمرض. الهيضة حركة الصفراء بالقيء، والإسهال الدوار يحدث إما عن [=aph 31] رياح بخارية تستكن في نفس الدماغ وتتحرك فيه حركة مضطربة، وإما عن فضول رديئة تجتمع في المعدة فيرتفع منها إلى الرأس بخار غليظ. إنما يعسر برء القروح في الشيوخ لقلة الدم فيهم، ومما يعرض للشيخ أنه يحتك دائما لأن الفضول المولدة للحكة فيه يعسر نفوذها من الجلد واستفراغها. وذلك أن الجلد يصير أشد تكاثفا لغلبة البرد، والفضول في بدن الشيخ أكثر وأغلظ. إنما يسهر الشيخ لأحد أمرين: إما لأن الشيخوخة تحدث همهم (70)، والآخر يبس بدن الشيخ. حد سن الصبي إلى أن ينبت الشعر في العانة، وحد سن القتيان من حين الإبنات B إلى إحدى وعشرين سنة، وحد سن الشباب من إحدى وعشرين إلى خمس وثلاثين سنة، والمتناهي (71) الشباب من كح سنة إلى له، والكهول من له سنة إلى مط سنة، والشيوح من مط إلى آخر العمر.
تمت تعاليق المقالة الثالثة.
تعاليق المقالة الرابعة
صفحة ٧٠