67

التبصرة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

أَرفخشِذَ بْنِ سَامٍ. كَانُوا يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ فَدَعَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ، فَكُلَّمَا أَنْذَرَهُمْ زَادَ طُغْيَانُهُمْ. فَحَبَسَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمُ الْقَطْرَ ثَلاثَ سِنِينَ، حَتَّى جَهِدُوا فَبَعَثُوا إِلَى مَكَّةَ وَفْدًا يَسْتَسْقِي لَهُمْ، لَهُمْ، وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلا، مِنْهُمْ قَيْلُ وَنُعَيْمٌ وَجَلْهَمَةُ وَلُقْمَانُ بْنُ عَادٍ وَمَرْثَدُ بْنُ سَعْدٍ، وَكَانَ مَرْثَدٌ مُؤْمِنًا يَكْتُمُ إِيمَانَهُ وَكَانَ النَّاسُ مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ إِذَا جَهِدُوا سَأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَنَزَلُوا عَلَى بَكْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ فَأَكْرَمَهُمْ، وَكَانُوا أَصْهَارَهُ وَأَخْوَالَهُ، وَكَانَ سُكَّانُ مَكَّةَ الْعَمَالِيقَ، أَوْلادَ عِمْلِيقَ بْنِ لاوِذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، فَجَعَلَ بَكْرٌ يَسْقِيهِمُ الْخَمْرَ وَتُغَنِّيهِمُ الْجَرَادَتَانِ شَهْرًا، فَلَمَّا رَأَى بَكْرٌ طُولَ مُقَامِهِمْ عِنْدَهُ قَالَ: هَلَكَ أَخْوَالِي وَأَصْهَارِي، هَؤُلاءِ ضَيْفِي، فَمَا أَدْرِي مَا أصنع، وأستحي أَنْ آمُرَهُمْ بِالْخُرُوجِ. فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى قَيْنَتَيْهِ الجرادتين، فقالتا: قل شعرًا تغنيهم بِهِ لا يَدْرُونَ مَنْ قَالَهُ. فَقَالَ: (أَلا يَا قَيْلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِمْ ... لَعَلَّ اللَّهَ يمنحنا غماما) (فتسقي أَرْضَ عَادٍ إِنَّ عَادًا ... قَدْ أَمْسَوْا لا يَبِينُونَ الْكَلامَا) (مِنَ الْعَطَشِ الشَّدِيدِ فَلَيْسَ نَرْجُو ... بِهِ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَلا الْغُلامَا) (وَقَدْ كَانَتْ نِسَاؤُهُمْ بِخَيْرٍ ... وَقَدْ أَمْسَتْ نِسَاؤُهُمْ عَيَامَى) (وَإِنَّ الوحش تأتيهم نهارا ... ولا تخشى لعادي سهاما) (وأنتم ها هنا فِيمَا اشْتَهَيْتُمْ ... نَهَارَكُمْ وَلَيْلَكُمُ الْتِمَامَا) (فَقَبَّحَ وَفْدَكُمْ مِنْ وَفْدِ قَوْمٍ ... وَلا لُقُّوا التَّحِيَّةَ وَالسَّلامَا) فَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا قَالُوا: وَيْحَكُمُ ادْخُلُوا الْحَرَمَ فَاسْتَسْقُوا لِقَوْمِكُمْ. فَقَالَ مَرْثَدٌ: إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لا تُسْقَوْنَ بِدُعَائِكُمْ وَلَكِنْ إِنْ أَطَعْتُمْ نَبِيَّكُمْ سُقِيتُمْ. فَقَالَ جَلْهَمَةُ: احْبِسُوا عَنَّا هَذَا وَلا يَقْدُمَنَّ مَعَنَا مَكَّةَ، فَإِنَّهُ قَدِ اتَّبَعَ دِينَ هُودٍ. ثُمَّ خَرَجُوا يَسْتَسْقُونَ، فَنَشَأَتْ ثَلاثُ سَحَائِبَ: بَيْضَاءَ وَحَمْرَاءَ وَسَوْدَاءَ. ثُمَّ نُودِيَ مِنْهَا: يَا قَيْلُ اخْتَرْ. فَقَالَ: أَخْتَارُ السَّوْدَاءَ لأَنَّهَا أَكْثَرُ مَاءً. وَقِيلَ لِلْوَفْدِ: اخْتَارُوا. فَقَالَ مَرْثَدٌ: يَا رَبِّ أَعْطِنِي صِدْقًا وَبِرًّا. فَأُعْطِيَ. وَقَالَ لُقْمَانُ بْنُ عَادٍ: أَعْطِنِي عُمْرًا. فَاخْتَارَ عُمْرَ سَبْعَةِ أَنْسُرٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْفَرْخَ حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْضَةِ ويأخذ

1 / 87