التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
يَوْمَئِذٍ مَا مَعَهُمْ، فَإِذَا حَيَّاتٌ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ قَدْ مَلأَتِ الْوَادِي فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَتَلَقَّفَتْ مَا صَنَعُوا، فَسَجَدَتِ السَّحَرَةُ فَقَتَلَهُمْ فِرْعَوْنُ.
ثُمَّ جَاءَ الطُّوفَانُ وَهُوَ مَطَرٌ أَغْرَقَ كُلَّ شَيْءٍ لَهُمْ، ثُمَّ الْجَرَادُ فَأَكَلَ زَرْعَهُمْ، وَالْقُمَّلُ وَهُوَ الدَّبَا، وَالضَّفَادِعُ فَمَلأَتِ الْبُيُوتَ وَالأَوَانِيَ، وَالدَّمُ فَكَانَ الإِسْرَائِيلِيُّ يَسْتَقِي مَاءً وَيَسْتَقِي الْقِبْطِيُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ دَمًا، فَمَكَثَ مُوسَى يُرِيهِمْ هَذِهِ الآيَاتِ عِشْرِينَ سَنَةً.
ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يخرج ببني إسرائيل، فخرج ومعه ستمائة أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَدَعَا عَلَيْهِمْ حِينَ خَرَجَ فقال: ﴿ربنا اطمس على أموالهم﴾ فَجُعِلَتْ دَرَاهِمُهُمْ وَدَنَانِيرُهُمْ حِجَارَةً حَتَّى الْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ، وَأُلْقِيَ الْمَوْتُ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ خُرُوجِ مُوسَى، فَشُغِلُوا بِدَفْنِ مَوْتَاهُمْ، ثُمَّ تَبِعَهُمْ فِرْعَوْنُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ هامان في ألف ألف وسبعمائة أَلْفِ حِصَانٍ ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ موسى إنا لمدركون﴾ هَذَا الْبَحْرُ بَيْنَ أَيْدِينَا وَهَذَا فِرْعَوْنُ مِنْ خلفنا ﴿قال﴾ موسى ﴿كلا إن معي ربي سيهدين﴾ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقًا، عَلَى عَدَدِ الأَسْبَاطِ. فَسَارَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ عَلَى طَرِيقِ يُبْسٍ وَالْمَاءُ قَائِمٌ بَيْنَ كُلِّ فِرْقَتَيْنِ، فَلَمَّا دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَقْبَلَ فِرْعَوْنُ عَلَى حِصَانٍ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَفِيرِ الْبَحْرِ، فَهَابَ الْحِصَانُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَعَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ ﵇ عَلَى فرس أنثى [فَدَخَلَ] فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَجِبْرِيلُ أَمَامَهُمْ وَمِيكَائِيلُ عَلَى فَرَسٍ خَلْفَ الْقَوْمِ يَسْتَحِثُّهُمْ، فَلَمَّا أَرَادَ أَوَّلُهُمْ أَنْ يَصْعَدَ وَتَكَامَلَ نُزُولُ آخِرِهِمُ انْطَبَقَ الْبَحْرُ عَلَيْهِمْ، فَنَادَى فِرْعَوْنُ: آمَنْتُ. قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَمْأَةِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِي فِرْعَوْنَ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ!
ثُمَّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ طَلَبُوا مِنْ مُوسَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَوَعَدَهُ اللَّهُ ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتَمَّهَا بِعَشْرٍ، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ فِي غَيْبَتِهِ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالتَّوْرَاةِ وما
1 / 227