174

التبصرة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

المجلس الثالث عشر
فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ ﵇
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي ابْتَعَثَ بِلُطْفِهِ السَّحَابَ، فَرَوَّى الأَوْدِيَةَ وَالْهِضَابَ، وَأَنْبَتَ الْحَدَائِقَ وَأَخْرَجَ الأَعْنَابَ، وَأَلْبَسَ الأَرْضَ نَبَاتًا أَحْسَنَ مِنْ ثِيَابِ الْعُنَابِ، يَبْتَلِي لِيُدْعَى وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ، قَضَى عَلَى آدَمَ بِالذَّنْبِ ثُمَّ قضى أن تاب، ورفع إدريس بلطفه إِلَى أَكْرَمِ جَنَابٍ، وَأَرْسَلَ الطُّوفَانَ وَكَانَتِ السَّفِينَةُ مِنَ الْعُجَابِ، وَنَجَّى الْخَلِيلَ مِنْ نَارٍ شَدِيدَةِ الإلتهاب، وكان سَلامَةُ يُوسُفَ عِبْرَةً لأُولِي الأَلْبَابِ، وَشَدَّدَ الْبَلاءَ عَلَى أَيُّوبَ فَفَارَقَهُ الأَهْلُ وَالأَصْحَابُ، وَعَضَّهُ الْبَلاءُ إلى أن كل الظُّفْرَ وَالنَّابَ، فَنَادَى مُسْتَغِيثًا بِالْمَوْلَى فَجَاءَ الْجَوَابُ ﴿اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب﴾ .
أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ أَخْلَصَ وَأَنَابَ، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ أَفْضَلِ نَبِيٍّ نَزَلَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ كِتَابٍ، وعلى صاحبه أبي بكر مقدم الأصحاب، وَعَلَى الْفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلَى عُثْمَانَ شَهِيدِ الدَّارِ وَقَتِيلِ الْمِحْرَابِ، وَعَلَى عَلِيٍّ الْمَهِيبِ وَمَا سَلَّ سَيْفًا بَعْدُ مِنْ قِرَابٍ، وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الْمُقَدَّمِ نَسَبُهُ عَلَى الأَنْسَابِ.
قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نادى ربه أني مسني الشيطان بنضب وعذاب﴾ أَيُّوبُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ، وَهُوَ أَيُّوبُ بْنُ أموصَ بن رزاح بن العيص ابن إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَأَبُوهُ مِمَّنْ آمَنَ بِالْخَلِيلِ يَوْمَ أُحْرِقَ، وَأُمُّهُ بِنْتُ لُوطٍ النَّبِيِّ ﵇. وَكَانَ أَيُّوبُ فِي زَمَنِ يَعْقُوبَ ﵇، فَتَزَوَّجَ ابْنَةَ يَعْقُوبَ وَكَانَ غَزِيرَ الْمَالِ كَثِيرَ الضِّيَافَةِ، وَكَانَ إِبْلِيسُ لا يُحْجَبُ يَوْمَئِذٍ من

1 / 194