التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
كم آثرك بِالشَّهَوَاتِ عَلَى النَّفْسِ، وَلَوْ غِبْتَ سَاعَةً صَارَا فِي حَبْسٍ، حَيَاتُهُمَا عِنْدَكَ بَقَايَا شَمْسٍ، لَقَدْ رَاعَيَاكَ طَوِيلا فَارْعَهُمَا قَصِيرًا، ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صغيرا﴾ .
كَمْ لَيْلَةٍ سَهِرَا مَعَكَ إِلَى الْفَجْرِ، يُدَارِيَانِكَ مُدَارَاةَ الْعَاشِقِ فِي الْهَجْرِ، فَإِنْ مَرِضْتَ أَجْرَيَا دَمْعًا لَمْ يَجْرِ، تَاللَّهِ لَمْ يَرْضَيَا لِتَرْبِيَتِكَ غَيْرَ الْكَفِّ وَالْحِجْرِ سَرِيرًا ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صغيرا﴾ .
يُعَالِجَانِ أَنْجَاسَكَ وَيُحِبَّانِ بَقَاءَكَ، وَلَوْ لَقِيتَ مِنْهُمَا أَذَى شَكَوْتَ شَقَاءَكَ، مَا تَشْتَاقُ لَهُمَا إِذَا غابا ويشتقاقان لِقَاءَكَ، كَمْ جَرَّعَاكَ حُلْوًا وَجَرَّعْتَهُمَا مَرِيرًا ﴿وَقُلْ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا﴾ .
أتحسن الإساءة في مقابلة الإحسان، أو ما تَأْنَفُ الإِنْسَانِيَّةُ لِلإِنْسَانِ، كَيْفَ تُعَارِضُ حُسْنَ فَضْلِهِمَا بِقُبْحِ الْعِصْيَانِ، ثُمَّ تَرْفَعُ عَلَيْهِمَا صَوْتًا جَهِيرًا، ﴿وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا﴾ .
تُحِبُّ أَوْلادَكَ طَبْعًا، فَأَحْبِبْ وَالِدَيْكَ شَرْعًا، وَارْعَ أَصْلا أَثْمَرَ لَكَ فَرْعًا، وَاذْكُرْ لُطْفَهُمَا بِكَ وَطِيبَ الْمَرْعَى أَوَّلا وَأَخِيرًا ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صغيرا﴾ .
تَصَدَّقْ عَنْهُمَا إِنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ، وَصَلِّ لَهُمَا وَاقْضِ عَنْهُمَا الدَّيْنِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُمَا وَاسْتَدِمْ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، وَما تُكَلَّفُ إِلا أَمْرًا يَسِيرًا ﴿وَقُلْ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا﴾ .
1 / 193