44
وقد تميز نظام أوقاف الأسبلة عند المماليك بسقاية عابر السبيل؛ أي منح الأسبلة مباني خاصة قائمة بحد ذاتها بعد أن كانت ملحقة بغيرها من المباني كالمشافي أو المدارس أو المساجد. وقد تميزت مباني الأسبلة المملوكية بعدة تصاميم معمارية؛ فهي إما ذات شباك واحد ملحق بمنشأة ذات واجهة واحدة على الطريق العام، كما في مدرسة أم السلطان شعبان في القاهرة، وإما سبيل ذو شباكين، حيث يبنى في أحد أركان مدرسة أو مسجد، مثل سبيل الناصر محمد قلاوون الذي بني عام 726ه/1325م. ويعتبر سبيل قايتباي من أجمل الأسبلة التي أنشئت في العصر المملوكي الجركسي. وكانت الأسبلة المملوكية تبنى بطريقة هندسية رائعة، فهي تتكون من طابقين؛ الأول يسمى بالصهريج، ويكون في داخل الأرض لتخزين المياه، وتبنى الصهاريج من مواد عازلة ومقاومة للرطوبة. أما الطابق الثاني فهو حجرة التسبيل وملحقاتها؛ ففي الواجهة شبابيك التسبيل، ويتقدمها ألواح حجرية أو رخامة لوضع كيزان الشرب عليها، ويتقدم كل شباك مصطبة لوقوف المارة عليها أثناء الشرب، وبذلك يكونون بمأمن من حركة الطريق. ترفع المياه من الصهريج الموجود تحت الأرض عن طريق أنابيب غير مرئية، ثم تمر على أحواض رخامية إلى أن تصل إلى حجرة التسبيل، والتي تتوسط أرضيات شبابيك التسبيل، ثم يضاف إليها ماء الورد لتكون جاهزة للشرب. بالإضافة إلى أن مهمة الصهاريج تخزين المياه وحفظها؛ فقد كانت تستخدم للتبريد.
45
فهي معزولة الجدران؛ لذلك فإن المياه الصادرة عنها من الطبيعي أن تكون بدرجة حرارة أبرد من درجة حرارة المحيط.
كذلك فإن من أشهر الصهاريج التي بنيت في العصر المملوكي صهريج السلطان بيبرس في صف، فقد أنشأه في قلعتها مدرجا من أربع جهات، وبنى عليه برجا زائد الارتفاع، قيل إن ارتفاعه بلغ 100 ذراع.
46
ولا بد أن تقنية بلاد ما بين النهرين، وتقنية التبريد المصرية التي نشأت عنها القلة الفخارية الإسبانية
Botijo ، كانتا معروفتين في الأندلس في القرن 4ه/10م، وذلك عن طريق المسافرين العائدين من المشرق الذين لاحظوا استعمال الثلج هناك، كما عمد الأطباء الأندلسيون إلى استخدامه دواء.
47
وأشار الرحالة المصري عبد الباسط فيروي
صفحة غير معروفة