Fechner (1801-1887) أقام على قانون فيبر نظرية في مقاس الإحساسات أنفسها. وليس فقط مقاس قوة المؤثرات، فاعتبر الفروق المقابلة للزيادات في المؤثرات متساوية كأنها وحدات حسية، وصاغ قانونا بهذه العبارات الرياضية: إذا ازداد المؤثر بنسبة التصاعد الهندسي، ازداد الإحساس بنسبة التصاعد الحسابي. والتصاعد الحسابي سلسلة أعداد كل واحد منها يساوي العدد السابق مجموعة إليه أو مطروحة منه كمية ثابتة؛ فمثلا: 1-2-3-4 إلخ تؤلف تصاعدا حسابيا الكمية الثابتة فيه هي 1. والتصاعد الهندسي سلسلة أعداد بين كل منها وبين العدد السابق نسبة ثابتة، أي إن كلا منها يساوي العدد الذي قبله مضروبا في كمية ثابتة؛ مثال ذلك الأعداد الآتية: 2-4-8-16-32-64 إلى ما لا نهاية على هذا القياس، تؤلف تصاعدا هندسيا كميته الثابتة هي 2.
هذان القانونان منتقدان من وجوه:
أولا:
أن الزيادة الواجب إضافتها بحسب قانون فيبر ليست مطلقة مؤسسة قانونا عاما لجميع أنواع الإحساسات، وإنما هي نسبية تابعة لكمية المؤثر، غير منطبقة على الإحساسات، وليس القانون العلمي نسبيا.
ثانيا:
أنها أمعن في النسبية، إذ إنها تقريبية، ولا يصح إطلاقها في جميع الحالات، لاختلافها باختلاف الأشخاص، وفي الشخص الواحد باختلاف ظروفه البدنية والمعنوية، من قوة وضعف ومران وانتباه.
ثالثا:
إن فخنر يزعم أنه يقيس الإحساس، ويعتبره كمية متصلة قابلة للقسمة إلى أجزاء متساوية، والحقيقة أنه فعل وجداني بسيط غير منقسم وغير قابل للمقاس، وأن ما يحدث عند زيادة قوة المؤثر، ليس تزايد شدة الإحساس، بل إحساس بالزيادة، أي: فعل وجداني جديد، فإن الإحساسات لا تحدث إلا متتالية، فلا يمكن أن تتزايد أو تتناقص؛ وإذا جاز لنا أن نقول: إن إحساسا أقوى أو أضعف من إحساس آخر، فإن الناس جميعا يدركون أن من العبث محاولة تقدير الفرق بينهما تقديرا رياضيا.
رابعا:
أن المقارنة الكمية بين إحساسين أو أكثر أمر مستحيل، لاستحالة وجود وحدة حسية تتخذ مقياسا، أي لاستحالة وجود إحساس ثابت يستخدم كوحدة في المقاس والمقارنة، فإن الحواس مختلفة فيما بينها بالنوع أو الكيفية، وليس يوجد شبه قريب أو بعيد بين اللون والصوت والرائحة والطعم والصلابة، بل أيضا في كل حس توجد فروق كيفية بين موضوعاته، كما بين الأبيض والأحمر، والحلو والحامض، والخشن والأملس؛ هذا فضلا عما بين الأشخاص من تباين تبعا لتباين شدة الإحساس واستعداداتهم البدنية والمعنوية المتقلبة الحائلة دون ردها إلى الوحدة.
صفحة غير معروفة