والمدينة (^١)».
وفي الوقت الذي ظهر فيه مذهب الإمام الشافعي، وانتشر في البلدان، كان بعض فقهاء اليمن يرحل إلى خارج البلاد، إلى مكة والمدينة وبغداد وغيرها، في طلب العلم، فالتقوا في هذه البلاد بعلماء كثيرين من أقطار مختلفة، فأخذوا عنهم علمهم وكتبهم، وعادوا بها إلى اليمن (^٢).
ويقول المؤلف ص ٨٠: إن «الشفعوية، وكتبها وشيوخها قبل القاسم بن محمد القرشي وأصحابه غير مشهورة في اليمن». وعن هذا الفقيه انتشر مذهب الشافعي في المائة الرابعة (من صنعاء إلى عدن) وازداد انتشاره بوساطة تلاميذه في هذه البلاد، وإن كانت مدينة زبيد في هذا الوقت، قد عرف بها مذهب الشافعية، وإليها رحل أيضًا هذا الفقيه القاسم بن محمد، وتلقى عن شيوخها (^٣)، كما رحل بعد ذلك إلى مكة، ولقي فيها بعض أئمة الشافعية في هذا العصر.
ومن الكتب القديمة التي كان عليها مدار الفقه والتشريع، في هذا المخلاف من اليمن، قبل دخول مصنفات الشافعية «جامع السنن» لمعمر بن راشد البصري (وهو أقدم من الموطأ)، وموطأ الإمام مالك، و«جامع عبد الرزاق الصنعاني» و«جامع السنن» لأبي قرة موسى بن طارق اللحجي الرعرعي الذي كانت عليه أيضًا تواليف في الفقه انتزعها من فقه مالك وأبي حنيفة ومعمر وابن جريج والثوري وابن عيينة، لأنه لقيهم جميعًا (^٤).
وكان الغالب في هذه البلاد، مذهب مالك وأبي حنيفة كما ذكرنا،
_________
(^١) ص ٥٥ من هذا الكتاب.
(^٢) انظر على سبيل المثال تراجم: عبد الله الزرقاني ص ٨١. والحسين بن جعفر المراغي ص ٨٣. ومحمد بن يحيى بن سراقة العامري ص ٨٤.
(^٣) ص ٨٨ من هذا الكتاب.
(^٤) ص ٦٩ من هذا الكتاب.
المقدمة / 6