وَأَبُو الْقَاسِم ابْن عقيل الْوراق: إِن أَبَا جَعْفَر الطَّبَرِيّ قَالَ لأَصْحَابه: أتنشطون لتفسير الْقُرْآن؟ قَالُوا: كم يكون قدره؟ فَقَالَ: ثَلَاثُونَ ألف ورقة، فَقَالُوا: هَذَا مِمَّا تفنى الْأَعْمَار قبل تَمَامه، فَاخْتَصَرَهُ فِي نَحْو ثَلَاثَة آلَاف ورقة. ثمَّ قَالَ: هَل تنشطون لتاريخ الْعَالم من آدم إِلَى وقتنا هَذَا؟ قَالُوا: كم يكون قدره؟ فَذكر نَحْو مَا ذكره فِي التَّفْسِير، فَأَجَابُوهُ بِمثل ذَلِك، فَقَالَ: إِنَّا لله، مَاتَت الهمم، فَاخْتَصَرَهُ فِي نَحْو مِمَّا اختصر " التَّفْسِير ".
قَالَ أَبُو الْحسن ابْن رزقويه، عَن أبي عَليّ الطوماري قَالَ: كنت أحمل الْقنْدِيل فِي شهر رَمَضَان بَين يَدي أبي بكر ابْن مُجَاهِد إِلَى الْمَسْجِد لصَلَاة التَّرَاوِيح، فَخرج لَيْلَة من ليَالِي الْعشْر الْأَوَاخِر من دَاره، واجتاز على مَسْجده فَلم يدْخلهُ وَأَنا مَعَه، وَسَار حَتَّى انْتهى إِلَى آخر سوق الْعَطش، فَوقف بِبَاب مَسْجِد مُحَمَّد بن جرير، وَمُحَمّد يقْرَأ سُورَة الرَّحْمَن، فاستمع قِرَاءَته طَويلا، ثمَّ انْصَرف، فَقلت لَهُ: يَا أستاذ ﴿تركت النَّاس ينتظرونك، وَجئْت تسمع قِرَاءَة هَذَا؟﴾ فَقَالَ: يَا أَبَا عَليّ! دع هَذَا عَنْك، مَا ظَنَنْت أَن الله تَعَالَى خلق بشرا
1 / 110