تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
فَلَمَّا سَمِعَ عَلِيٌّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: "قَالَ خَلِيلِي، وَسَمِعْتُ خَلِيلِي" وَكَانَ سيء الرَّأْيِ فِيهِ، قَالَ: "مَتَى كَانَ خَلِيلَكَ"؟
يَذْهَبُ إِلَى الْخُلَّةِ الَّتِي لَمْ يُتَّخَذْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ -مِنْ جِهَتِهَا- خَلِيلًا، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ، لَفَعَلَهُ بِأَبِي بَكْرٍ ﵁.
وَذَهَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ، إِلَى الْخُلَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْوِلَايَةِ، فَإِنَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ- خَلِيلُ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَوَلِيُّ كُلِّ مُسْلِمٍ.
وَإِلَى مِثْلِ هَذَا، يُذْهَب فِي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ"١؛ يُرِيدُ أَنَّ الْوِلَايَةَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلْطَفُ مِنَ الْوِلَايَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، فَجَعَلَهَا لِعَلِيٍّ ﵁.
وَلَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، مَا كَانَ لِعَلِيٍّ فِي هَذَا الْقَوْلِ فَضْلٌ، وَلَا كَانَ فِي الْقَوْلِ دَلِيلٌ عَلَى شَيْءٍ، لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ.
وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَلِيُّ كُلِّ مُسْلِمٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَلِيٍّ وَمَوْلًى.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ٢ وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: "أَيَّةُ امْرَأَةٍ نُكِحَتْ، بِغَيْرِ أَمْرِ مَوْلَاهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ" ٣.
فَهَذِهِ أَقَاوِيلُ النَّظَّامِ، قَدْ بَيَّنَّاهَا، وَأَجَبْنَاهُ عَنْهَا.
وَلَهُ أَقَاوِيلُ فِي أَحَادِيثَ يدَّعي عَلَيْهَا، أَنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِلْكِتَابِ، وَأَحَادِيثَ يَسْتَبْشِعُهَا٤ مِنْ جِهَة حجَّة الْعقل.
١ سبق تَخْرِيجه ص٥١. ٢ الْآيَة ١١ من سُورَة مُحَمَّد. ٣ أخرجه أَبُو دَاوُد: كتاب ١٢ بَاب ١٨، وَالتِّرْمِذِيّ كتاب ٩ بَاب ١٥، وَابْن ماجة: كتاب ٩ بَاب ١٥، والدارمي: كتاب ١١ بَاب ١١، وموطأ مَالك: كتاب ٢٨ حَدِيث ٥ و٢٦ ومسند أَحْمد ص ٢٥٠ جـ١. ٤ وَفِي رِوَايَة: يستشنعها.
1 / 93