303

تأويل مختلف الحديث

الناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

رقم الإصدار

الطبعة الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هجري

١٨- قَالُوا حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ- خَلْقُ آدَمَ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ ﷿، خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ" ١.
وَاللَّهُ ﵎ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ صُورَةٌ، أَوْ مِثَالٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَهُ الْحَمْدُ، يَجِلُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ صُورَةٌ أَوْ مِثَالٌ، غَيْرَ أَنَّ النَّاسَ أَلِفُوا الشَّيْءَ وَأَنِسُوا بِهِ، فَسَكَتُوا عِنْدَهُ، وَأَنْكَرُوا مِثْلَهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي وَصْفِهِ نَفْسَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ٢.
وَظَاهِرُ هَذَا، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُ الشَّيْءِ، فَقَدْ صَارَ -عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ- لِلَّهِ تَعَالَى مِثْلٌ.
وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ، أَنَّهُ يُقَامُ الْمِثْلُ مَقَامَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: مِثْلِي لَا يُقَالُ لَهُ هَذَا الْكَلَامُ، وَمِثْلِي لَا يُفْتَأَتُ عَلَيْهِ.
لَا يُرِيدُ: أَنَّ نَظِيرِي لَا يُقَالُ لَهُ وَلَا يُفْتَأَتُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ: أَنَا نَفْسِي لَا يُقَالُ لِي كَذَا وَكَذَا.
وَكَذَلِكَ قَوْله وَتَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، يُرِيدُ: لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ، فَخَرَجَ هَذَا مَخْرَجَ كَلَام الْعَرَب.

١ سبق تَخْرِيجه صفحة: ٥٤.
٢ الْآيَة: ١١ من سُورَة الشورى.

1 / 317