276

تأويل مختلف الحديث

الناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

رقم الإصدار

الطبعة الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هجري

٥- قَالُوا: حَدِيثٌ يُكَذِّبُهُ الْعِيَانُ احْتِرَاقُ وَرَقِ الْمُصْحَفِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ بن لُهَيْعَةَ١ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ عَاهَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ٢ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " لَوْ جُعِلَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، مَا احْتَرَقَ" ٣.
قَالُوا: وَهَذَا خَبَرٌ لَا نَشُكُّ فِي بُطْلَانِهِ، لِأَنَّا قَدْ نَرَى الْمَصَاحِفَ تَحْتَرِقُ، وَيَنَالُهَا مَا يَنَالُ غَيْرَهَا مِنَ الْعُرُوضِ وَالْكُتُبِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ لِهَذَا تَأْوِيلًا، ذَهَبَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، وَأَنَا مُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو٤ قَالَ: سَأَلَتُ الْأَصْمَعِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: يَعْنِي لَوْ جُعِلَ الْقُرْآنُ فِي إِنْسَانٍ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّار، مَا احْتَرَقَ.

١ ابْن لَهِيعَة: هُوَ عبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة الْحَضْرَمِيّ الغافقي الْمصْرِيّ، قَاضِي مصر وعالمها، قَالَ أَحْمد: احترقت كتبه فَمن كتب عَنهُ قَدِيما فسماعه صَحِيح. مَاتَ سنة ١٧٤هـ.
٢ عقبَة بن عَامر بن عبس بن عَمْرو الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، روى كثيرا من الْأَحَادِيث، كَانَ قَارِئًا عَالما بالفرائط وَالْفِقْه، فصيح اللِّسَان شَاعِرًا كَاتبا وَهُوَ أحد من جمع الْقُرْآن، مَاتَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة، ﵄.
٣ أخرجه الدَّارمِيّ: فَضَائِل الْقُرْآن ١، وَأحمد ٤/ ١٥١-١٥٥.
٤ يزِيد بن عَمْرو بن ربيعَة من بني زيد مَنَاة، الْحَنْظَلِي التَّمِيمِي: من شعراء الْعَصْر الْأمَوِي، كَانَ لَهُ أَخَوان هما: صَخْر والمغيرة وَكِلَاهُمَا شَاعِر أَيْضا. فَرُبمَا اخْتَلَط على الروَاة شعر أحدهم بِشعر آخر. توفّي عَام ٩٠هـ.

1 / 290