248

تأويل مختلف الحديث

الناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

رقم الإصدار

الطبعة الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هجري

وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ ١ فأعلمنا أَنَّ السَّوَاحِرَ، يَنْفُثْنَ فِي عُقَدٍ يَعْقِدْنَهَا كَمَا يَتْفُلُ الرَّاقِي وَالْمُعَوِّذُ.
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ، تُسَمِّي السِّحْرَ الْعَضْهَ٢.
وَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَاضِهَةَ وَالْمُسْتَعْضِهَةَ.
يَعْنِي بِالْعَاضِهَةِ: السَّاحِرَةَ، وَبِالْمُسْتَعْضِهَةِ: الَّتِي تَسْأَلُهَا أَنْ تَسْحَرَ لَهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أعوذ بربي من النافثا ... ت فِي عَقْدِ الْعَاضِهِ الْمُعْضِهِ
يَعْنِي: السواحر. وَقد روى بن نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، وَهَذَا طَرِيقٌ مَرْضِيُّ صَحِيحٌ أَنَّهُ قَالَ -حِينَ سُحِرَ٣-: "جَاءَنِي رَجُلَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ ٤ فَقَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمَشَّاطَةٍ، وَجُفِّ ٥ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ".
وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَجْتَرُّ٦ النَّاسُ بِهِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ نَفْعًا، وَلَا يَصْرِفُونَ عَنْهَا ضُرًّا، وَلَا يُكْسِبُونَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ثَنَاءً وَمَدْحًا، وَلَا حَمَلَةُ هَذَا الْحَدِيثِ كَذَا بَين، وَلَا مُتَّهَمِينَ، وَلَا مُعَادِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَمَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ لَبِيدُ بن الأعصم -هَذَا الْيَهُودِيّ- سحر

١ سُورَة الفلق.
٢ العضة: الْكَذِب والبهتان وَالسحر والنميمة، والعاضهة: الساحرة.
٣ البُخَارِيّ: بَدْء الْخلق ١١، جِزْيَة ١٤، طب٤٩، ٥٠، دعوات ٥٨، أَحْمد ٦/ ٥٠، ٩٦.
٤ مطبوب: أَي مسحور.
٥ الجف: وعَاء النخيل وهوس الغشاء الَّذِي كَون فَوْقه.
٦ يجتر: أَي يجلب ويجر.

1 / 262