241

تأويل مختلف الحديث

الناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

رقم الإصدار

الطبعة الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هجري

قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ
٣٧- فَرْكُ الْمَنِيِّ وَغَسْلُهُ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂، أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيُصَلِّي فِيهِ"١.
فَاسْتَجَازَ بِرِوَايَتِكُمْ هَذِهِ قَوْمٌ فَرْكَ الْمَنِيِّ مِنَ الثَّوْبِ، وَالصَّلَاةَ فِيهِ، وَجَعَلُوهُ سُنَّةً.
ثُمَّ رُوِّيتُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةُ ﵂ تَقُولُ: "إِنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ أَثَرَ الْمَنِيِّ، مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ: ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا"٢.
فَأَبَى قَوْمٌ فَرْكَ الْمَنِيِّ، بِرِوَايَتِكُمْ هَذِهِ، وَلَمْ يَسْتَجِيزُوا إِلَّا غَسْلَهُ مِنَ الثَّوْبِ إِذَا أَرَادُوا الصَّلَاةَ فِيهِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاخْتِلَافٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا تَنَاقُضٌ وَلَا اخْتِلَافٌ، لِأَنَّ عَائِشَةَ ﵂ كَانَتْ تَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذَا كَانَ يَابِسًا، وَالْفَرْكُ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى يَابِسٍ، وَكَانَ رُبَّمَا بَقِيَ فِي شِعَارِهِ حَتَّى يَيْبَسَ وَهُوَ يَيْبَسُ، فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ لَا سِيَّمَا فِي الصَّيْفِ.
وَكَانَتْ تَغْسِلُهُ إِذَا رَأَتْهُ رَطْبًا، وَالرَّطْبُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَكَ، وَلَا بَأْسَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ إِلَى أَنْ يَجِفَّ، ثُمَّ فَرَكَهُ.
أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهَوَيْهِ؛ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِفَرْكِ الْمَنِيِّ.

١ أَبُو دَاوُد: طَهَارَة ١٣٤، أَحْمد ٦/ ١٢٥، ١٣٢، ٢١٣، ٢٣٩، ٢٦٣.
٢ البُخَارِيّ: وضوء ٦٥، وَالتِّرْمِذِيّ: طَهَارَة ٨٦ وَأحمد ٦/ ٤٧، ١٤٢، ١٦٢.

1 / 255