تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ
٣٣- كَرَاهَةُ أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "فِي الْمُسَافِرِ وَحْدَهُ شَيْطَانٌ، وَفِي الِاثْنَيْنِ شَيْطَانَانِ، وَفِي الثَّلَاثَةِ رَكْبٌ" ١.
ثُمَّ رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُبْرِدُ الْبَرِيدَ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ، مُهَاجِرَيْنِ.
قَالُوا: كَيفَ يكون الْوَاحِد شَيْطَان إِذَا سَافَرَ؟ وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْطَانِ، أَوْ يَتَحَوَّلَ شَيْطَانًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "الْمُسَافِرُ وَحْدَهُ شَيْطَانٌ" مَعْنَى الْوَحْشَةِ بِالِانْفِرَادِ وَبِالْوَحْدَةِ، لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَطْمَعُ فِيهِ، كَمَا يَطْمَعُ فِيهِ اللُّصُوصُ، وَيَطْمَعُ فِيهِ السَّبُعُ. فَإِذَا خَرَجَ وَحْدَهُ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلشَّيْطَانِ، وَتَعَرَّضَ لِكُلِّ عَادٍ عَلَيْهِ مِنَ السِّبَاعِ أَوِ اللُّصُوصِ، كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ.
ثُمَّ قَالَ: "وَالِاثْنَانِ شيطانان" لِأَن كل واح مِنْهُمَا مُتَعَرِّضٌ لِذَلِكَ، فَهُمَا شَيْطَانَانِ، فَإِذا تناموا ثَلَاثَةً، زَالَتِ الْوَحْشَةُ، وَوَقَعَ الْأُنْسُ، وَانْقَطَعَ طَمَعُ كُلِّ طَامِعٍ فِيهِمْ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ إِيمَاءٌ وَإِشَارَةٌ وَتَشْبِيهٌ.
يَقُولُونَ: "فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ" وَالنِّجَادُ: حمائل السَّيْف، وَهُوَ لم
١ التِّرْمِذِيّ: الاسْتِئْذَان ١٤، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي ١٥ كتاب الْجِهَاد، ٧٩ -بَاب الرجل يُسَافر وَحده، وَالتِّرْمِذِيّ فِي: ٢١ -كتاب الْجِهَاد، ٤- بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَة أَن يُسَافر الرجل وَحده، وَانْظُر صَحِيح الْجَامِع رقم ٣٥٢٤.
1 / 242