تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ إِذَا جَازَ فِي الْمَعْقُولِ، وَصَحَّ فِي النَّظَرِ، وَبِالْكِتَابِ وَالْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْأَجْسَادُ قَدْ بَلِيَتْ، وَالْعِظَامُ قَدْ رَمَّتْ١، جَازَ أَيْضًا فِي الْمَعْقُولِ، وَصَحَّ فِي النَّظَرِ، وَبِالْكِتَابِ وَالْخَبَرِ، أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بَعْدَ الْمَمَاتِ فِي الْبَرْزَخِ.
فَأَمَّا الْكِتَابُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ ٢.
فَهُمْ يُعْرَضُونَ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ عَلَى النَّارِ، غُدُوًّا وَعَشِيًّا، قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْخُلُونَ أَشَدَّ الْعَذَابِ.
وَاللَّهُ ﷿ يَقُولُ: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ٣.
وَهَذَا شَيْءٌ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ شُهَدَاءَ بَدْرٍ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أُخْرِجُوا عِنْدَ حَفْرِ الْقَنَاةِ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ، حَتَّى قَالَ قَائِلٌ: لَا نُنْكِرُ٤ بَعْدَ هَذَا شَيْئًا.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ الَّتِي حَفَرَهَا -قَالَ سَفِينٌ: تُسَمَّى عَيْنُ أَبِي زِيَادٍ بِالْمَدِينَةِ- نَادَوْا بِالْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ، فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ.
قَالَ جَابِرٌ: فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ، وَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ رِجْلَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فانفطرت دَمًا.
فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: لَا يُنْكِرُ بَعْدَهَا مُنْكِرٌ أَبَدًا.
وَرَأَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ أَبَاهَا فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ٥ حَوِّلِينِي مِنْ هَذَا الْمَكَانِ، فقد أضرّ بِي الندى.
١ رمت: أَصبَحت رميمًا.
٢ سُورَة غَافِر: الْآيَة ٤٦.
٣ سُورَة آل عمرَان: الْآيَة ١٩٦.
٤ وَفِي نُسْخَة: لَا تنكروا.
٥ وَفِي نُسْخَة: يَا بِنْتي.
1 / 227